خدوش على جسد المعنى
منذ أن عرفت الشاعر عبد المنعم الأمير وعلاقتي به يتجاذبها طرفان: الأول إنساني تمركز في تواصلي معه خلال مدة دراستي العليا (الماجستير والدكتوراه) من جهة، وتواصلنا في العلاقات الافتراضية وسحرها الأخّاذ من جهة أخرى. والثاني شعري// نقدي، تمحور في اقترابي الشديد من نصوصه الشعرية، والتفاعل معها قارئا وناقدا، فضلا عن متابعة بعضها قبل نشرها أحيانا. وقد تمظهر إعجابي في تلك النصوص في الانحياز الرائع الذي قادته حساسيتها إلى (قصيدة الشعر)، تلك القصيدة التي أصبحت فضاء أكثر اتساعا من القصيدة الاحيائية، أو القصيدة الكلاسيكية الجديدة، وأشد فاعلية في تشكيلها الحداثي. إذ حرّكت المتكآت الأسلوبية المتعارف عليها باتجاه مغاير، وفعّلت التقانات في التشكيل الشعري مع بنية الداخل؛ كي تتلمس أدق التفاصيل في جوهر فعلها المتصالح مع ذات الشاعر. وقد خلق هذا التعالق توازنا نسبيا بين الحضور والغياب في علاقة الفرد بنفسه، وعلاقته بمحيطه، من خلال المشاكسة التي حولت الأنموذج المتآلف إلى أنموذج متمرد ومدهش. وهنا تجسد أمامي سؤالا إبداعيا وجوهريا في حلم الحداثة الشعري، كان قد طرحه د. علي جعفر العلاق: (هل ينبغي لنا أن نكتب بطريقة مختلفة؟). ولا يصح الاجابة بشكل مباشر على هذا التساؤل الذي يحتاج الى إجراء نقدي ستكشف عنه المقاربات النقدية التي ضمها هذا الكتاب، فالشاعر ذو حساسية مفرطة بالمجاز يندر وجودها في واقعنا الشعري، ولا تكفي مقاربة واحدة لتناولها، ومن هنا نشأت فكرة الكتابة عنها في كتاب، فتم الاتفاق بيننا نحن الاربعة (جاسم خلف، عامر جميل، قيس عمر، جعفر الشيخ) وكتب كل واحد منا بالاتجاه الذي رآه متوافقا مع رؤيته النقدية.