تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
تأملات في طبيعة «العمل الإبداعي»

تــأمـلات فـي طبـيـعـة «الـعـمـل الإبـداعي»

 

 

تقسم قضية العمل الإبداعي المُجسّد إلى 3 أقسام أو محاور رئيسة مختلفة تكمل بعضها بعضا:

القسم الأول: مرحلة الكتابة والإعداد:

في أول مرحلة يبدع المؤلف أو الروائي النص أو القصة ويبقى النص في مرحلته الأولى (خياليا) ثم يأتي السيناريست ليشرح تفاصيل العمل ويكتب الحوار الدائر بين الشخوص. وكل هذا ويبقى العمل في مرحلة خيال المؤلف.

القسم الثاني: الإخراج:

يأتي المخرج المبدع ليجسد العمل الخيالي على أرض الواقع فيتخيل أشكال شخوصه فيختارهم بناء على الأنسب من وجهة نظره وخبرته ويختار شكل ألبستهم والكادر الخلفي (اللوكيشن) للمشهد ليصبح مادة مرئية متكاملة للجمهور ويبدع برسم حركتهم بناء على خطة السيناريست التي كتبها بالتعاون مع الروائي.

القسم الثالث: المنتج:

وهو الممول والذي صرف أمواله على العمل وهو الذي يتحمل نتيجة طرح العمل (مادياً) ربحاً أو خسارة.. فهو التاجر.. وهو الذي يعطي المخرج والمشخصين أجورهم حتى لو فشل العمل في تحقيق أي ربح.

عملية الربح: هذه العملية ترتبط ولها عوامل كثيرة متعددة تتعلق بحالة المجتمع ومزاجه وقدرته الشرائية أو قدرة المبدعين على الوصول لذائقتهم وتحقيق تطلعاتهم بعمل يلامس أحاسيسهم ووجدانهم وقيمهم.

نسبة العمل:

ينسب العمل لجميع هذه الأطراف كل ضمن اختصاصه.. فالمخرج يقول أنا من أخرج العمل ويضاف لسجله الإبداعي وكذلك بطل العمل ينسب له العمل من ناحية التشخيص ويبقى العمل في سجله كمبدع أيضا والمنتج يتحدث عن التكاليف وكيف موّل المشروع وأحضر الألبسة والديكورات..

ولا يصح منطقياً أن ننسب هذا النوع من العمل الجماعي لفرد واحد فيستأثر بقضية الإبداع الفردي لعمل طابعه جماعي وهذا ينطبق على جميع الأعمال ذات خاصية الإبداع المشترك مثل: المسرح، الفيلم، العمل الغنائي، المسلسلات، وحتى الكتب والقصص المصورة والتي تكون نتاج أفكار وجهود عدد من المبدعين.

الإعلان والحديث عن العمل الإبداعي ونتائجه:

طالما سُجّل العمل في الدوائر الرسمية وطرح أصبح الحديث عنه مشاعا للجميع بغض النظر إن كان قصة حقيقية أو عائلية أو خيالية، وجميع مبدعيه يحق لهم شرح جزئيته وكل باختصاصه إلا في حال منعهم المخرج بالحديث (قبل) طرح العمل لظروف عدم التسريب وما إلى ذلك.. هنا الكل يلتزم بالإشارة العامة. فهل بعد ذلك يحق لأحد أن يمنع أحد الأطراف الثلاثة في مكونات العمل الإبداعي من الحديث حول العمل ضمن حدود مجاله لأي سبب كان آخر لا نعلمه؟

أحيانا يصدف أن ينتج العمل بشكل جيد وقوي ويبقى حبيس الأدراج والخزائن لظروف حرب أو جائحة أو حالة اقتصادية ما.. ولا يخرج العمل للجمهور فهنا بديهيا لا علاقة للمبدعين بذلك ولا نلقي السبب على أحد المبدعين!

بعض الأعمال تنجح فنياً وأدبيا وكقيمة ثقافية وتاريخية وربما تخسر إنتاجيا حين تطرح في السوق في وقتها لسبب ما وقتي له علاقة بالمزاج العام للجمهور أو أي ظرف آخر.. أيضا هنا لا علاقة لطرف إبداعي بذلك وقد ينجح العمل في وقت لاحق بظروف طرح مختلفة..

لو كانت نتيجة العمل جيدة وناجحة مؤكد سيجتمع هذا (الفريق) مرة أخرى ليكرر عوامل النجاح ويتابع خطة النجاح..

نقطة أخيرة مهمة وملاحظة أن العمل الفاشل سيتبرأ منه المبدعين ويتجنبون الحديث عنه لأنه تجربة مؤلمة بالنسبة لهم لتعدد العوامل المؤثرة خارج إرادتهم. والعمل الناجح يفخرون بالحديث عنه في كل مناسبة.. وعن الأشخاص الذين شاركوهم هذا الإبداع.

 

 

 

المصدر: الدستور

16 يناير, 2021 11:59:16 صباحا
0