تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
«سرد لعائلة القصيدة» إصدار جديد للزميل عمر أبو الهيجاء يعكس روحًا شعرية ممتلئة ألمًا وجمالًا

بعد إصدارة عشر مجموعات شعرية منذ العام 1989، يعمل الشاعر والإعلامي عمر أبو الهيجاء بدأب وجهد عميقين، على قصيدته التي تميزت بإيقاعها وصوتها العالي تجاه الحياة وقلقها وقلق الشاعر الوجودي.
وكما يلحظ المتابع لمسيرة ومدونة الشاعر أبو الهيجاء الشعرية التي تجاوزت الثلاثين عاما ويزيد، أن عنصر ومبعث الموت هو القلق في بعده النفسي الذي يأتي استجابة حياتية لا بدّ منها للإحساس بأن الفرد يملك من الحيوية ما يجيب بها على الفعل كرد فعل، فشعره استجابة لحياته، والتي يمتلك من خلالها حيوية يجيب بها على فعل الكتابة كرد فعل على تحولاته نفسها، فنجد الإيقاع في تشكلاته الشعرية مشحونا بإيقاع الروح والجسد والحياة، إيقاعات يصبحها فتوحات لغوية متفجرة.

من خلال ما تقدم أصدر الشاعر عمر أبو الهيجاء مجموعته الشعرية الجديدة الحادية عشرة التي وسمها (سردٌ لعائلة القصيدة) عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، وبدعم من وزارة الثقافة الأردنية، وجاءت في 152 صفحة من القطع المتوسط، واحتوت على مجموعة من القصائد التي عاينت قلق الروح وشتاتها والوقوف على قضايا الذات الإنسانية وشؤون العائلة والصداقة والمرأة وجدلية الحياة والموت والاغتراب والطفولة الضائعة .
كتب الشاعر والناقد العراقي علي جعفر العلاّق كلمة على الغلاف الأخير للديوان قال فيها: «في ديوان «سـردٌ لعائلة القصيدة» تتوزّع هواجس نصوص الشاعر عمر أبو الهيجاء على مجموعةٍ من الانهماكات، التي يتمدد بينها النصّ آخذاً وقدته الانفعالية أو زاده الدلاليّ من هذه الثيمة أو تلك».
و يضيف: «ولا أذهب بعيداً عن مركز اهتمام الشاعر ومكمن حرائقه حين أقول إن أكثر تلك الثيمات تردداً في نصوصه ربما هي : اللغة، الغياب، الأنثى، العائلة، إضافة الى الكثير من تموجاتها وتفرعاتها المتاخمة لها في الدلالة».
مبينا العلاّق «أن للشاعر إحساسه المضاعف بالغربة، وله ما يعمّق صلة هذه الغربة بالغياب، غياب الأصدقاء تحديداً، غياب الصداقات في حد ذاتها، في فداحتها التي تعادل صدمة الغياب ذاته. إن الشاعر يعلن بصوتٍ يطفح بالدمع والوحشة إنه ظلُّ أصدقائه البعيدين، والزيتُ المضيءُ في أصواتهم المبحوحة».
ويخلص إلى القول: «وكثيراً ما تبدأ الغربة، في نصوص أبو الهيجاء، من حاضنة العائلة، ومن سياج طفولته الأولى. وها هو يسجد أمام شجرتها المهيبة، لينادي بكل ما في صوته من حنان : تمهّـلي أيتها العائلة. وتبلغ غربة الشاعر ذروتها حين يلامس تخوم المرأة، حيث النار والشغف والوحدة، وحيث المحبة تقتاد اليد العمياء للعزف على جسدٍ يضيء وحيداً في الفراغ».
وفي كلمة أخرى للشاعر السوري عبد القادر الحصني ذكر فيها: «تحتاج التجربة الشعريّة في أعالي نضجها إلى أن ترى إلى الكلمات من جديد، باحثةً عما يستعيدها خلقا آخر، ولا يكون لها ذلك إلا في تلمّس ما يجعلها عائلةً، لتتسقَ أنسابُها في سيرورة/ مسرودة، يرى فيها الشاعر خلاصًا».
مشيرا إلى أنها «تحتاج إلى أن ترى السماء والأرض والماء والتراب والتاريخ والجغرافيا والمعاناة الإنسانيّة والشخصيّة في أقنوم واحد، وأن تتطلّع إلى سِفر تكوينٍ جديدٍ وإلى تثنيةٍ تستعيد ذلك الخلق. وعليه، فالمرأة في هذا السِّفر مشتهاةٌ بما هي معادل وجود».
وأضاف الحصني: «الروح الشعريُّ، ممتلئًا ألمًا وجمالاً، في هذه المجموعة الشعريّة «سردٌ لعائلة القصيدة» استطاع؛ إلى درجة كبيرة؛ أن يفعل كلَّ ذلك، وأن يدهمَ القصيدة من قبل أن ترتدي كامل ثيابها، في محاولة لمعانقتها غير متلبِّسة بالكلمات، وليتمَّ لهما زواجٌ يؤكِّد أنّهما؛ في البدء؛ من نفسٍ واحدة.. عمر أبو الهيجاء، أيّها الشاعر: قلبي لك، وقلبي عليك. تسحرني الأشياء إبّان اكتمالها... وأخاف».
ومن أجواء الديوان ومن قصيدة «القصيدة المرأة»، يقول فيها»سأختارُ/امرأةً لا يؤسفُ عليها/ومنزلاً لا أتقنُ المكوثَ فيهِ/منزلاً أكتبُ تعويذةَ قلبٍ على جُدرانهِ/أشيّدُ حدائقَ بخضرةِ الروحِ/وأتركُ غُزلانَ الدمِ/تسعى بلا أخطاءٍ في الممراتِ/تُربّي في لحمِ الحروفِ امرأةَ الخيالِ/تُسطّرُ في سريرِ الترابِ/مقامَ الماءِ ورائحةَ نبتِ الحبِّ/وأنامُ ملءَ الرؤيا/تاركاً على حدودِ الشهوةِ ملامحي/والليلُ قبيلةٌ من الكُحلِ/الكحلِ اليسري في عروقِ المكانْ/أنا الصوفيُّ المُتوحّدُ/بحنانِ الحلمِ/ أختارُ طيورَ الفصاحةِ/لأرمّمَ كلامي/لمّا أهجسُ بالقصيدةِ/القصيدةُ المرأةُ/هكذا قالَ: عُمرُ/ومضى في غِيّه/يؤثّثُ في عَجينةِ المعنى/عائلــــةَ العشقِ».
وعمر أبو الهيجاء شاعر وإعلامي، عضو رابطة الكتاب الأردنيين و الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب وعضو اتحاد كتاب آسيا وافريقيا وعضو تحرير مجلة فنون وزارة الثقافة سابقا، عضو اللجنة الإعلامية في وزارة الثقافة سابقا، وعضو نقابة الصحفيين الأردنيين، وعضو اتحاد كتاب الانترنت العرب، ترأس في جريدة الدستور- القسم الثقافي سابقا.
وصدر له منذ العام 1989، العديد من المجموعات الشعرية هي: خيول الدم، اصابع التراب، معاقل الضوء، أقل مما أقول، قنص متواصل، يدك المعنى ويداي السؤال، شجر اصطفاه الطير، أمشي ويتبعني الكلام، مختارات شعرية، بلاغة الضحى، «ويجرحني الناي، «وأقبل التراب» صدر عن وزارة الثقافة الفلسطينية عام 2018. فاز بجائزة الشاعر الراحل خالد محادين عن ديوانه «وأقبل التراب» عام 2019 التي تمنحها إدارة مهرجان جرش ورابطة الكتاب الأردنيين، وشارك في العديد من المهرجات الشعرية محليا وعربيا، وترجمت بعض قصائده إلى الفرنسية والإنجليزية والكردية والهولندية.

 

 

المصدر: الدستور

17 أغسطس, 2021 10:58:58 صباحا
0