تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
ثماني سنوات على رحيل الشاعر الفلسطيني علي الخليلي

قبل وفاته بنحو خمسة عشر عاما أي في العام 1998 نشر علي الخليلي الجزء الأول من سيرته الذاتية الموسومة بعنوان بيت النار, على أمل أن ينشر ما تبقى منها لاحقا بيد أن أجله حان قبل أن يفي بوعده . واللافت أن الخليلي أطلق على سيرته عنوان بيت النار وهذا غريب إذ لا بد أن يتساءل القارئ ما الذي دفع به دفعا لاختيار هذا العنوان الذي لا صلة له اساسا باليوميات والمذكرات والسير إن كانت ذاتية أو غير ذاتية . وبمناسبة مرور الذكرى الثامنة لرحيل الشاعر الخليلي لا بد من التذكير بأنه في صباه عمل معاونا ومساعدا لأبيه الذي كان يدير مخبزا (فرنا) في حارة الياسمينة في نابلس، وهي الحارة  العتيقة القديمة جدا المعروفة بمبانيها ذات الأدراج المعتمة والأزقة الضيقة التي طالما ضل فيها جنود الاحتلال الإسرائيلي غير المعتادين على حواري كهذه. 

والسيرة من بدايتها تنوه إلى هذا العمل المرهق المضنى لفتى في عمر الورود وذلك لأن الحاجة الماسة تجعل من الفتية في مثل هذه الطبقة مساعدين لآبائهم في اعمالهم وهذا يجري طواعية من غير إكراه. يقول المؤلف على الرغم من أن هذا الجزء من سيرتي يبدأ من العام 1943 وهو عام ميلادي إلا أن البداية الحقة كانت في العام 1962 وهو العام الذي تقرر فيه أن يغادر إلى بيروت للدراسة.

واجه علي الخليلي في سيرته الذاتية بضع مشكلات وأولاها مسألة  اللهجة المحكية لأن بعض المشاهد والمرويات لا يمكن أن تروى باللغة الفصيحة إذ ستفقد في هذه الحال ما تنماز به من حلاوة ومن رونق، فهل يروي بلهجة نابلس، ثم يقوم بتفسير ذلك في  الهوامش؟ هذه معضلة أخرى تزيد من أعباء الكاتب. ويروي الخليلي في هذه السيرة حكايته المطولة مع السفر، فهو في السعودية تارة، وفي ليبيا تارة، وفي بيروت تارة، ثم في رام الله أخيرا. وفي هذه الأسفار على ما حققه خلالها من اطلاع وثقافة عربية عن قرب إلا أن ذلك كانت له بعض السلبيات فقد أضاع خلال هذه التنقلات المزيد من أشعاره، ومن قصصة القصيرة، وكتاباته عن الأدب الفلسطيني شعره ونثره. ولم تستقر أوضاع هذه الكتابات من حيث الحفظ والتوثيق إلا بعد أن عاد للضفة، واستقر بنابلس استقرارا نهائيا في العام 1977  

ومع ذلك يذكر لنا الخليلي بيتين فقط من قصيدته الأولى وهما: 

فلسطين يا درة الشرق

لا بد يوما إليك نعود 

وتجود عليه ذاكرته بواحدة أخرى ربما كانت الثانية ولو أنه غير موقن من هذا ، تقول تلك القصيدة التي عنوانها إلى فتاة لاجئة:

ومدت يديها 

وفي مقلتيها ابتهال 

يلوح عليه نداء الرغيف 

والشيء الملاحظ أن الشاعر الذي قضى صباه عاملا في مخبز ألحت عليه صورة الرغيف فنسب لمقلتي تلك اللاجئة توقها الجارف للحصول عليه تعبيرا عما تعانية من جوع ، وفيها يقول ايضا: 

أتبكين ؟ لا يا فتاة العرب 

ففيك التهب

إباءٌ ولوع

وكتاب بيت النار علاوة على كونه سيرة ذاتية للشاعر، إلا أنه، مع ذلك، كتاب ينطوي على كثير من المشاهد التي تؤرخ للحياة الثقافية والشعبية والفنية في أقدم مدن فلسطين تاريخيا، وأعرقها حضارةً.  ويُذكر أن الشاعر ولد في حارة الياسمينة بمدينة نابلس  عام 1943، وتعلم في مدارسها حتى الثانوية حيث انتقل عام 1962 إلى بيروت لإكمال تعليمه الجامعي، وحصل على الإجازة من كلية التجارة في جامعة بيروت العربية 1966 . وبعد عودته عمل علي الخليلي في حقل التعليم، ثم انتقل للعمل في المملكة العربية السعودية حتى 1969 ثم ليبيا، لكنه لم يلبث أن عاد إلى فلسطين 1977 ليعمل في جريدة الفجر المقدسيّة، وأنشأ "الفجر الأدبي" وعمل رئيسا لتحريره، ثم رئيساً لتحرير الجريــــــدة.  وساهـم فــي تأسيس الاتحاد الفلسطيني للكتاب والأدباء ونقابة الصحفيين الفلسطينيين. وتوفي في2 –10-2013

 علي فتح الله الخليلي في حارة الياسمينة - حي القصبة بمدينة نابلس شمال الضفة الغربية، عام 1943، وفتح عينيه على نكبة شعبه عام 1948، وتعلم في مدارسها حتى الثانوية حيث انتقل عام 1962، إلى بيروت لإكمال تعليمه الجامعي وحصل على الإجازة من كلية التجارة في جامعة بيروت العربية عام 1966، وأثناء دراسته في بيروت بدأ يكتشف عالماً أدبياً وشعرياً مغايراً للسائد في الضفة الغربية والأردن، ما فتح عينيه على تجارب لم تكن معروفة تماماً في موطنه، فتشكّل وعيه الثقافي في تقاطع تيارات التحديث الشعري العربي في ستينات القرن الماضي وسبعيناته. ونضج وعيه السياسي والثقافي كذلك في إطار حركة المقاومة الفلسطينية خلال المرحلة نفسها، ما جعل توجهاته وخياراته الثقافية تصطفي إلى التعبير الشعري، وكذلك النثري، الذي يحتضن الوعي المُفارق، والمُقاوم، والحداثيّ الذي كان جزءاً من الحالة الثقافية التي احتضنتها العاصمة اللبنانية بيروت.

وبعد عودته عمل علي الخليلي في حقل التعليم، ثم انتقل للعمل في المملكة العربية السعودية حتى عام 1969 ثم ليبيا، لكنه لم يلبث أن عاد إلى فلسطين عام 1977 ليعمل في جريدة الفجر المقدسية، وأنشأ "الفجر الأدبي" وعمل رئيسا لتحريره، ثم رئيساً لتحرير الجريدة. وساهم في تأسيس الاتحاد الفلسطيني للكتاب والأدباء ونقابة الصحفيين الفلسطينيين.

ومع قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية شغل علي الخليلي منصب وكيل مساعد وزارة الثقافة الفلسطينية حتى عام 2005 حيث تقاعد وتفرغ للكتابة والتأليف.

 

 

 

المصدر: الدستور

02 أكتوبر, 2021 03:57:51 مساء
0