تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
منتدى الفكر العربي ندوة تتأمل «دور الإذاعة في التوثيق التاريخي المعاصر»

عقد منتدى الفكر العربي، يوم الأربعاء الماضي، لقاءً حوارياً عبر تقنية الاتصال المرئي، حاضرت فيه رئيس شبكة إذاعة «صوت العرب»بمصر ورئيس اللجنة الدائمة للإذاعة في اتحاد الإذاعات العربية د.لمياء محمود حول «دور الإعلام الإذاعي في التوثيق التاريخي المعاصر»، وشارك بالمداخلات في هذا اللقاء الذي أداره الوزير الأسبق والأمين العام للمنتدى، د. محمد أبو حمّور، أستاذ الإعلام في تخصص الإذاعة والتلفزيون بجامعة القاهرة د. حسن عماد مكاوي، ومديرة مركز مارينا للتطوير والتكوين الإعلامي في تونس الأستاذة ليلى بن عطية الله، ومدير إذاعة القاهرة الكبرى الأستاذ محمد عبد العزيز،والإعلامية والكاتبة في إذاعة الشرق من لبنان الأستاذة ماجدة داغر، وكبير المذيعين ومعدي البرامج في إذاعة «صوت العرب» الأستاذة شيرين نبيل، والمذيعة ومعدة برامج الإذاعة الأردنية وإذاعة القوات المسلحة سابقاً الأستاذة جمان مجلي، ومدير إذاعة جمهورية العراق الأستاذ رائد حداد.

أوضحت د. لمياء محمود أن الإذاعة الرسمية انطلقت في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي وفي مقدمتها الإذاعة المصرية سنة 1934م، ومع مرور الزمن تعددت الخدمات الإذاعية، وانطلق صوت الإذاعات العربية في الدول العربية كافة، ومع هذا التقدم دخلت الإذاعة العربية ميدان المقارنة مع مثيلاتها من إذاعات العالم وخاصة المتقدمة أو ما يطلق عليها النموذج .وقالت: إن الإذاعة تتسم بسرعة الأداء والوصول إلى الحدث، وهي قليلة التكلفة مقارنةً بالوسائل الأخرى مما يجعل مخزونها وافراً من توثيق الأحداث.

كما قالت د. لمياء: إن الدراسات بينت أن الراديو بوصفه وسيلة إعلامية هو الأكثر إمتاعاً والأكثر إثارة لخيال المتلقي، حيث إنه يترك مساحة كبيرة لإكمال الصورة غير المرئية من خلال استخدام المؤثرات الصوتية، والكلمات الموحية التي تجعل الذهن متقداً متفاعلاً مع ما يُقدم، وبالتالي تتكامل الصورة مع خيال المستمع.

وبينت د. لمياء أن دور الإذاعة في التوثيق التاريخي ينقسم إلى عدة أقسام منها توثيق الأحداث، إذ يمكن تتبع الأحداث في إطار جغرافي معين وتغطيتها بالكامل، وتوثيق الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية والفنية، وتضم الإذاعة المصرية مثلاً خطابات للزعماء والقادة، ومجموعة واسعة من الأغاني التراثية، وتوثيقا للشخصيات التي قامت بدور كبير في فترة زمنية معينة.

وأشار د. محمد أبو حمّور إلى أن الإذاعات العربية شكلت علامة فارقة في العصر الحديث في فضاء الاتصال الجماهيري من خلال وظائفها المتعددة،وعملت عبر مراحل متعددة على تأكيد حالة التواصل بين المجتمعات العربية، وخدمة الثقافة والفن، ومخاطبة الوجدان العربي، وإذاعة أنباء لأحداث مهمة ليجد الناس أن الإذاعة تلبي حاجات متابعيها أولا بأول بحكم ميزة الانتقال إلى مواقع الأحداث.

وبين د. محمد أبو حمّور أن الإذاعات العربية والإذاعات الناطقة بالعربية استطاعت أن تغطي مساحات واسعة من البث الإذاعي، وتكون نافذة للمواطن العربي للاطلاع على ما يجري خارج بلاده من أحداث، والتعرف على ثقافات وفنون متنوعة.

ومن جهته أشارد. حسن عماد مكاوي إلى أن عمر الإذاعة يقترب من 100 عام على المستويين الدولي والعربي، وبالرغم من المنافسة بينها وبين وسائل الإعلام الأخرى مثل الصحافة والتلفاز ووسائل التواصل الإجتماعي، إلا أن مكانتها ما تزال راسخة وجماهيرها كبيرة، ولم تفقد دورها في جميع الأوقات ، كونها تمثل ذاكرة الأمة. وأوضح أن التوثيق يجب أن لا يقتصر على الأحداث التاريخية فقط بل ينبغي أن يمتد إلى مختلف أشكال الحياة وربطها بالقضايا المتنوعة لفهم ما يحدث حول العديد من القضايا العربية.

وبينت الأستاذة ليلى بن عطية الله دور الإعلام وخاصة الإذاعة في زمن التحولات العربية، حيث كان لها تغطية شاملة وكافية وتوثيق لكل ما مرت به الشعوب خلال السنوات السابقة، وأكدت أن وسائل الإعلام تخترق العقول ولها دور كبير في التوجيه العربي، ومن المهم تطوير محتواها وصناعة مضامين قيمة، ومراجعة بعضها وإعطاؤها قيمة أكبر، وإعادة الحفظ عن طريق الرقمنة وتوثيق الأحداث ضمن أرشيفات الإذاعات كافة.

وقال الأستاذ محمد عبد العزيز: إن اهتمام الأمم بالتوثيق يدل على حضاراتها، كما أن التوثيق من خلال الإعلام الإذاعي يلقي الضوء على لقطات خالدة في التاريخ العربي، وأشار إلى أن الدراما والأغاني لا يمكن أن تعد توثيقاً تاريخياً لتدخّل أهواء الكاتب، ومن هنا ينبغي العودة إلى أرشيف الإذاعات لاحتوائها على المعلومات كاملة وموثوقة، مؤكداً ضرورة رصد ما تحتويه أرشيفات الإذاعات الناطقة بالعربية ورصد ما تقوم ببثه، لدورها الكبير في تكوين الوعي في المجتمعات.

وقالت الأستاذة ماجدة داغر: إن الإذاعة استطاعت أن تحافظ على القيم الإنسانية والثقافية والروحية والاجتماعية في ظل الصدمة الثقافية التي طالت المجتمعات العربية نتيجة التطورات التي حصلت على الصعد كافة، وإن استخدامها واعتمادها على الصوت البشري ساهم بشكل كبير في زيادة انتشارها، حيث إنه سلاح قوي في التأثير على مشاعر الإنسان.

وبدورها قالت شيرين نبيل: إن عملية التوثيق قبل انطلاق الإذاعة كانت تعتمد بشكل كلي على المؤرخين الذين كانوا يكتبون التاريخ ورقياً بحسب رؤيتهم وقناعاتهم، ومع دخول الصوت وانطلاق الإذاعة عام 1934 بدأ عصر جديد للتوثيق حيث دخل الصوت ضمن عناصره، لذا أصبح ما تحتويه المكتبة الإذاعية من تراث كنزاً لأنه تضمن مواد تاريخية جديدة ما كان لها أن تكون حاضرة بقوة في التوثيق أو التأريخ الورقي مثل التأريخ للقراءات القرآنية والتأريخ للفنون.

وأشارت جمان مجلي إلى أن الإذاعة في برامجها المختلفة وخصوصاً الرسمية تحتوي كنزاً من المعلومات، وأن كثيراً من الموضوعات والمواد تختفي نتيجة عدم توثيقها وحفظها بالطرق المناسبة، مؤكدةً ضرورة الاهتمام بالتوثيق؛ لأنه ذاكرة الوطن من خلال جمع المادة وتفريغ ما يتوفر في الإذاعات من أشرطة، وتوفير قسم خاص للأرشفة في الإذاعات تحفظ فيه المواد بالطرق الحديثة لتكون متاحة للدارسين والباحثين للتعرف من خلالها على التغيرات التي حصلت في إطار المجتمع؛ فهي أحد المصادر التاريخية المهمة.

وأوضح الأستاذ رائد الحداد آلية التوثيق للحفاظ على الوثائق من خلال التسجيلات الصوتية واستخدام الطرق الآمنة، وتوثيقها بأكثر من نسخة في أماكن مختلفة، والاستفادة من التطور التكنولوجي في هذا المجال، وبين أن الإذاعة العراقية اليوم تعمل على جمع التراث العراقي من جديد نتيجة ما تعرضت له بعد حرب 2013، حيث فقدت ما يقارب 80% من أرشيفها نتيجة الدمار الذي لحق بالإذاعة والتلفزيون.

 

 

 

 

المصدر: الدستور

25 أكتوبر, 2021 12:17:43 مساء
0