تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

طريقة صلاة الشفع والوتر

طريقة صلاة الشفع والوتر

'); }

تُؤَدّى بعد صلاة العشاء ركعتيْ السُّنّة، ومن ثمّ تليها صلاة الليل، وتُخْتَم صلاة الليل بصلاة الوتر؛ وتكون إمّا ركعتان وركعةٌ، أو ثلاث ركعاتٍ معاً، فالرّكعتان اللّتان تُصلّيان بعد العشاء وتكونان قبل ركعة الوتر، ورد عن بعض العلماء تسميتهما بمصطلح الشّفع، ويقرأ المصلّي بالرّكعة الأولى سورة الأعلى بعد الفاتحة، وبالثانية سورة الكافرون بعد الفاتحة.

 

عدد ركعات الشفع والوتر عند الفقهاء

تعدّدت آراء العلماء في عدد ركعات صلاة الوتر، وبيانها فيما يأتي:

  • الحنفيّة: ذهب الحنفيّة إلى أنّ عدد ركعات صلاة الوتر ثلاث ركعاتٍ، كصلاة المغرب، ولا يُسلّم بينهنّ؛ وذلك لقول الصحابيّ الجليل أُبيّ بن كعب -رضي الله عنه-: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُوتِرُ بثَلاثِ رَكَعاتٍ)، ولا يجوز عندهم الوتر بركعةٍ واحدةٍ فقط.
  • المالكيّة: ذهب المالكيّة إلى أنّ صلاة الوتر ركعةٌ واحدةٌ فقط، بشرط أن يسبقها ركعتا الشّفع، فيُسلّم المُصلّي منهما، ثمّ يأتي بركعة الوتر، حيث إنّه يُكره عندهم أن يأتيَ المُصلّي بركعةٍ واحدةٍ فقط دون أن يسبقها ركعتا الشّفع، واستدلّوا على ذلك بقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فإذا خَشِيَ أحَدُكُمُ الصُّبْحَ، صَلَّى رَكْعَةً واحِدَةً تُوتِرُ له ما قدْ صَلَّى)، وما روته السيّدة عائشة -رضي الله عنها-، حيث قالت: (كانَ يُصَلِّي باللَّيْلِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ منها بوَاحِدَةٍ)،
  • الشافعية والحنابلة: ذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ أقلّ الوتر ركعةٌ واحدةٌ، وأدنى الكمال عندهم ثلاث ركعاتٍ، ويجوز أن يوتر المُصلّي بخمسٍ، أو بسبعٍ، أو بتسعٍ، وأكثر الوتر عندهم إحدى عشرة ركعةً، وقولٌ عند الشّافعيّة أنّ أكثره ثلاث عشرة ركعةً؛ حيث قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (الوِترُ حقٌّ، فمن شاءَ أوترَ بسبعٍ، ومن شاءَ أوترَ بخمسٍ، ومن شاءَ أوترَ بثلاثٍ، ومن شاءَ أوترَ بواحدةٍ)،[٦] وما جاء عن أمّ سلمة -رضي الله عنها- حيث قالت: (كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ يوترُ بثلاثِ عشرةَ ركعةً).

 

كيفيّة صلاة الوتر وعدد ركعاتها

عدد ركعات الوتر المأثورة عن النبي

تُسمّى الرّكعة الواحدة بالوتر، وجاء في السُّنّة أنّ الوتر يكون بواحدةٍ، أو ثلاثةٍ، أو خمسةٍ، أو سبعةٍ، أو تسعةٍ، أو إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة ركعةً، لكنّ التفضيل فيها كان بإحدى عشرة ركعةً؛ لِما ورد من فعل النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، إذ كان هذا هو الغالب في صلاته للوتر، وهو المواظبة على إحدى عشرة ركعةً، وربّما يوتر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بثلاث عشرة، وربما يُوتر بتسعٍ، أو بسبعٍ، أو بأقلّ من ذلك، لكن المأثور عنه -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه يوتر بإحدى عشرة ركعة، وكان يُسلّم من كُلّ ثِنتَيْن، ثمّ يوتر بواحدةٍ، وهذه هي السُّنّة عنه، فربّما أوتر المسلم بثلاثٍ، أو بخمسٍ، أو بسبعٍ، أو بتسعٍ، وهذا كُلّه جائزٌ.


وصلاة الوتر نافلةٌ وسنّةٌ وليست بفرضٍ على الصحيح، وهذا الذي عليه جمهور العلماء، وأقلّها ركعةً واحدة، وإن زاد فهو أفضل، والأمر واسعٌ في ذلك؛ فقد قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لمّا سُئل عن صلاة الليل: (صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فإذا خَشِيَ أحَدُكُمُ الصُّبْحَ، صَلَّى رَكْعَةً واحِدَةً تُوتِرُ له ما قدْ صَلَّى)، فلم يذكر عدداً بعيْنه، وهذا ممّا يُبيّن أنّ صلاة الوتر تكون ركعةً في آخر الصّلاة، أيّاً كان وقتها سواءٌ في أوّل اللّيل، أو وسط اللّيل، أو آخر اللّيل، وقد يوتر المسلم بعشرين ركعةً مع ركعة الوتر، كما في صلاة التراويح المنقولة عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فالأمر غير محدودٍ في ذلك، ولا حرج بالزيادة، بل فيها الخير.

 

كيفيّة صلاة الوتر وحكم قضائها

يجدر بالذّكر أنّ من فاتته صلاة الوتر فلم يُصلّها وطلع عليه الفجر؛ فإنّه من المُستحبّ له أن يقضيها؛ وذلك لقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا نسيَ أحدُكم صلاةً أو نام عنها فليصلِّها إذا ذكرها ولوقتِها من الغدِ)، وقد تعدّدت آراء الفقهاء في كيفيّة صلاة الوتر؛ إن أوتر المصلّي بثلاث ركعاتٍ، أو زاد عن الثلاث، وبيان آرائهم فيما يأتي:

  • الوتر بثلاث ركعاتٍ: ولها ثلاث صورٍ، وهي كالآتي:
    • أن يأتي بركعتَيْ الشّفع ثم يُنهيها بالسّلام، ثم يُكبّر تكبيرة الإحرام لركعةٍ مستقلّةٍ، وهذه الحالة فقط هي التي قال بها المالكيّة؛ فيُكره عندهم ما سواها، إلّا ما كان للاقتداء بمن يُصلِّي، وأجازها الشّافعيّة والحنابلة أيضاً؛ حيث قالوا إنّ الفصل أفضل من الوصل؛ لزيادة السّلام فيها، واستدلّوا على ذلك بقول الصّحابي الجليل عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-: (كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَفصِلُ بينَ الشَّفعِ والوَترِ بتَسليمةٍ ليُسمِعَناها)، وجاء عن الحنابلة استحباب تأخير ركعة الوتر بعد ركعتَيْ الشفّع، وأن يتكلّم بينهما.
    • أن يأتي بثلاث ركعاتٍ متّصلةٍ، دون أن يفصل بينهنّ بالتشهّد والسّلام، وهذه الحالة عند الشّافعيّة والحنابلة، واستدلّوا على ذلك بقول عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ مِن ذلكَ بخَمْسٍ، لا يَجْلِسُ في شيءٍ إلَّا في آخِرِهَا)، وتُكره هذه الحالة عند المالكيّة، إلّا إن صلّى خلف إمامٍ فعل ذلك، فعليه الاقتداء به.
    • أن يأتي بثلاث ركعاتٍ متّصلة، يفصل بينهنّ بتشهّدٍ بعد الركعة الثانية دون أن يُسلّم، ثم يأتي بالركعة الثالثة، كصلاة المغرب تماماً؛ إلا أنّه يقرأ بعد فاتحة الركعة الثالثة سورةً؛ خلافاً لصلاة المغرب، وهذه الحالة فقط هي التي قال بها الحنفيّة، فإن نسي التشهّد وقام للثالثة فلا يعود، وأجاز الشّافعيّة والحنابلة هذه الحالة، مع الكراهة عند الشّافعيّة؛ لتشابهها بصلاة المغرب.
  • الوتر بما زاد عن ثلاث ركعاتٍ: وهذه الصّفة جائزة عند الشّافعيّة والحنابلة، وتفصيل ذلك كالآتي:
    • ذهب الشّافعيّة إلى أنّ أنّ الفصل بعد كُلّ ركعتَين بتسليمةٍ أفضل؛ لِما جاء عن عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي فِيما بيْنَ أَنْ يَفْرُغَ مِن صَلَاةِ العِشَاءِ وَهي الَّتي يَدْعُو النَّاسُ العَتَمَةَ إلى الفَجْرِ؛ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُسَلِّمُ بيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَيُوتِرُ بوَاحِدَةٍ)، وقالوا بجواز صلاة أربع ركعاتٍ بتسليمةٍ، وستّ ركعاتٍ بتسليمةٍ، ثمّ يُصلّي ركعة الوتر، ويجوز له أن يوصِل بتشهّدٍ أو بتشهّديْن في الركعات الثلاث الأخيرة.
    • قال الحنابلة إن أوتر المسلم بخمس أو سبع ركعاتٍ، فالأفضل الإتيان بها متّصلةً دون الفصل فيها، فلا يُسلّم إلّا في آخرها؛ وذلك لِما ورد عن عائشة -رضي الله عنها- حيث قالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ مِن ذلكَ بخَمْسٍ، لا يَجْلِسُ في شيءٍ إلَّا في آخِرِهَا)، وإن أوتر بتسع ركعاتٍ فالأفضل أن يأتي بثمان ركعاتٍ متّصلةً؛ فيُسلّم في الثامنة، ثمّ يأتي بالرّكعة التّاسعة منفردةً، فيتشهّد ويُسلّم، مع جواز التسليم من كُلّ ركعتَيْن بالخمس، والسّبع، والتّسع، وإن أوتر بإحدى عشرة ركعةً، فالأفضل أن يُسلّم من كُلّ ركعتَيْن، ويجوز الإتيان بعشر ركعاتٍ متّصلةً؛ فيُسلّم في العاشرة، ثمّ يأتي بالركعة الحادية عشرة منفردةً، فيتشّهد ويُسلّم، ويجوز كذلك الإتيان بإحدى عشرة ركعةً متّصلةً؛ فيتشهّد ويُسلّم في آخرها.

 

تعريف صلاة الشفع والوتر

تُعدّ صلاة الشّفع والوتر من السُّنّن غير الرواتب؛ وهي صلوات لا تكون تبعاً للصّلوات المفروضة ولا مرتبطةً بها، أمّا الوتر لغةً: فتُنطق بفتح الواو وكسرها، وهي العدد الفرديّ؛ كالواحد، والثلاثة، وغيرها؛ وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ اللهَ وِترٌ يحبُّ الوِترَ)، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (مَن استجمَر فلْيُوتِرْ)، أمّا الوتر في الاصطلاح: فهي الصّلاة التي تُؤدّى ما بين صلاة العشاء وطلوع الفجر، وتكون خاتمةً لصلاة الليل، وجاءت تسميتُها بذلك؛ كونها تُصلّى وتراً؛ أي ركعةً واحدةً، أو ثلاثاً، أو أكثر، بحيث لا تكون زوجيةً كالشّفع، والشفع لغةً: بمعنى ضمّ الشيء للشيء الذي يشابهه، وجعْله مِثلاً له، وهي العدد الزوجيّ؛ كالاثنين، والأربع، وغيرها، ويُقال شفّع الركعة: أي أتى بركعةٍ أخرى، وتؤدّى صلاة الوتْر بعد الشَّفع؛ لقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ باللَّيْلِ وِتْرًا).

 

فضل صلاة الوتر وأهمّيتها

إنّ صلاة الوتر من أجلّ العبادات وأعظمها، وهي من الطّاعات الجليلة التي حرص عليها النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم-، واعتنى بها وبشأنها وحافظ على أدائها دائماً، ومِمّا يؤكّد على أهميّة المحافظة عليها وعدم التفريط فيها قول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ اللهَ زادكم صلاةً فحافِظوا عليها، و هي الوِترُ)، وقال أيضاً: (إنَّ اللهَ قد أمَدَّكم بصلاةٍ، وهي خيرٌ لكم مِن حُمْرِ النَّعَمِ، وهي الوِترُ، فجعَلَها لكم فيما بينَ العِشاءِ إلى طُلوعِ الفَجرِ)، وكان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يُوصي أصحابه وصايا عظيمةً بحسب المواقف، ومنه أنّه أوصى أبا هريرة -رضي الله عنه- ألّا يرقد قبل أن يُوتِر، وجاء عنه -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (إنَّ اللهَ وترٌ، يحبُّ الوترُ)، كما وحذّر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من إهمال صلاة الوتر أو الاستهانة فيها وتضيعيها؛ فقال: (الوترُ حقٌّ، فمنْ لمْ يوترْ فليسَ منَّا)، ومن أجل ذلك أوجبها بعض العلماء، وعدَّها الجمهور من النوافل والسّنن المُؤكّدة؛ وعليهِ؛ فهي ليست كباقي النوافل، فلها الفضلُ العظيم والأجرُ الكبير، وهي سنّةٌ مأثورةٌ عظيمة عن الحبيب -صلّى الله عليه وسلّم-؛ وذلك لِما يأتي:

  • ورد في الحديث الثابت في الصحيحَين عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي وأَنَا رَاقِدَةٌ مُعْتَرِضَةً علَى فِرَاشِهِ، فَإِذَا أرَادَ أنْ يُوتِرَ أيْقَظَنِي، فأوْتَرْتُ)، فقد كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يُوقظ عائشة -رضي الله تعالى عنها- لتُصلّي الوتر خاصّةً؛ ممّا يدلّ على عظيم فضلها، وما اختصّت به عن سائر صلاة الليل.
  • حثّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على أدائها، وأوصى أصحابه بالمحافظة عليها؛ ومن ذلك حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (أَوْصَانِي خَلِيلِي بثَلَاثٍ لا أدَعُهُنَّ حتَّى أمُوتَ: صَوْمِ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، وصَلَاةِ الضُّحَى، ونَوْمٍ علَى وِتْرٍ)، وممّا يُؤكّد على أفضليّتها ما ورد في حديث عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (يا أَهلَ القرآنِ أوتروا ؛ فإنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ وترٌ يحبُّ الوتر).
06 نوفمبر, 2021 04:49:57 مساء
0