تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
بزيع والبريكي يستحضران "قمصان يوسف" و"ضفاف الحياة"

خلال أمسية شعرية ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب، حملت عنوان "إلى الشمس" لشاعرين متميزين اللبناني شوقي بزيع صاحب ديوان "صراخ الأشجار"،  والشاعر الاماراتي محمد البريكي مدير بيت الشعر في الشارقة وصاحب ديوان "الليل سترك باب المقهى " أدار مفرداتها الشاعرة نجاة الظاهري وسط حضور لافت ومتميز.

4.jpg

أمسية حلّقت وتجلّت فيها القصيدة ضمن فضاءات رؤى تجاه الحياة والإنسان في عصر سيطر عليه عصر التكنولوجيا إلا أن القصيدة أثبتت حضورها بقوة، وكما استطاع الشاعرين أن يستحضر كل منهما الموروث التراثي والمادة التاريخية مما أكسبا القصيدة بعدها الفني والثقافي، قصائد تناغمت من إيقاعاتها المنسابة كشلال موسيقى حيث تراقص حروفها بخفة لتراقص الحضور بشفافية القول الشعري المدهش.

حيث وصف الشاعر شوقي بزيع الأمسية بلقاء الشعر والصداقة، وقال "يتجدد هنا طقس الروح والإبداع"، وأكد أن من يقرأ الشعر في الشارقة يعرّض نفسه لامتحان حقيقي، بين ما هو أصلي وما هو زائف.

ثم قرأ مجموعة من قصائده الشعرية المشحونة بعصف الروح وتجلياتها التي عبرت عن التجربة الشعرية لبزيع، شاعر عمل على تجديد قصيدته في غير محطة من تجربته الطويلة والمتميزة.  

ومما قرأ من  قصيدة «ما قاله الرجل الذي لم يمت في الحرب الأخيرة»: يقول فيها: "للذين سيأتونَ / أُعلنُ عن رغبتي في الرحيلْ / ليس هذا الفراغُ المخيفُ بلادي/ وهذا السريرُ الذي يصلُ الموجَ بالموجِ / ليس سريري / ولم يستطع أحدٌ أن يكلّم روحيَ / في المهد / لم يستطع أحدٌ أن يقول الذي أخبرتْني بهِ : النجمةُ الغاربه".

وذهب إلى  قصيدة «تأليف»، نقتطف  منها حيث يقول: "تحت الحياة تماماً/ ثمَّ أوديةٌ مجهولةُ/ وجهاتٌ لست أعرفها/ كم زينت لي سماواتي/ انهمار رؤىً/ ما زلتُ أودعها شعري وأنزفُها/ هناك حيث الثرى ينشقُّ/ عن برَكٍ/ لا شمسَ، حتى ولو غاضتْ/ تجففها".

وكما استحضر السيدة "فيروز" و "قمصان يوسف" قمصان ألبسها للواقع الذي نعيش بفنية وتقنية عالية، وتساءل في قصيدة أخرى "إلى تأخذني أيها الشعر".

نقتطف منها : "وحين مشيتُ على طرف الخيطِ/ بين القنوط وبين الأمل/ قلتَ لي: ينبغي في معادلة المحو والامتلاء/ بأن تخلع النفس كاملة / فالكتابة ليست سوى امرأة/ لا تريد أقل من الموتِ مهراً لها/ فاخسر العيش كي تربح الكلمات".

من جهته الشاعر محمد البريكي الذي تراقص مع الريح، قال في مستهل قراءته: يثبت معرض الشارقة الدولي للكتاب أن الشعر في الشارقة نبض الحياة والبحر والغيم الماطر الذي ينبت كلأ المواجد، ويخرج ثمر القصيدة، وقرأ خلال الأمسية مجموعة من قصائده التي تميزت بالحس الإنساني والوجد الروحي ، قصائد امتازت باللغة الطازجة وواكب تطور القصيدة العربية وحداثتها، شاعر مسكون بالبحر والتاريخ، يأخذنا على بساط قصيدته إلى حالة الاشتباك مع المعطى اليومي راسما لنا دراما إنسانية وكما يصحبنا إلى فيوضات العشق وتباريح الروح، شاعر قصائده متنوعة تقف على مجريات الحياة ضمن مضامن مختلفة ومتعددة.

 ونختار مما قرأ : "النِّسَاءُ قَنادِيلُنَا الخَزفيّة فِي اللَّيْل/ يَقْطُرْنَ فَوْقَ الظَّلاَمِ نَدى/ وَيُبَلِّلْنَ شُبّاكَ أَحْلاَمِنَا بِالسُّؤَال/ النّسَاءُ خُشُوع ُ المُرِيدينَ فِي معْبَدِ الشَّوْقِ/ يَأْسُرُهُنَّ التَّبَتُّلُ..يَعْشَقْنَ طُولَ التَّهَجُّدِ/ فِي دِلِّهِنَّ/ وَيَسْكُنُ فِي قَلْبِ صَبٍّ/ يَجُرُّ الخَيَـال / النّسَاءُ قَصِيدَتُنَا / وَهْيَ أُنْثَى..".

ويأخذنا البريكي عبر قصائده للمدن وذكرياتها، يقول في قصيدة له : "وَمِنْ أَيْنَ جِئْتُ الاَنَ ؟ لاَ أَتَذَكّـرُ / فَكُلُّ دُرُوب التِّيه فِي الرُّوح تَعْبُرُ / أُخَبِّئُ عَنْ كُلِّ الشَّوَارِعِ لَوْعَتِي / وَدَمْعِي عَلَى خَدِّ الرَّصِيفِ مبَعْثَرُ / تُقَشِّرُ لِي الأَيّامُ أَحْلاَم غُرْبَتِي / وَشَوْقِي عَلَى الشُّطْاَن أَيْضًا مُقَشَّرُ..".

وكما عبر الشاعر البريكي في غير قصيدة عن تجربته الشعرية المتميزة، فقرأ ا، «قارب الغيم»، و«أهزوجة العيد»، و«لنا خيمة»، «ولست بعيداً»، و«ضفاف الحياة»، و«الليل سيترك باب المقهى»، و«رقصة في الريح»، ومن قصيدة «منجل لا يقص الشجر» قرأ :"ليسَ لي غيرُ هذا الذي ورّثَتْهْ العصورُ لحُلمي/أبي كانَ يحلُمُ أنْ لا أغادرَ مِحْرابَهُ/ وأنا كنتُ أنوي الدُّخولَ إليهِ/ ولكنَّ عصفورةً فوقَ مئذنةِ الحيِّ/كانت تُغنّي/"قِفا نبكِ"/ قلتُ سأمسحُ دَمْعَتَها/ثُمَّ طارتْ/ تَعَكّزَ قلبي على الرّيحِ يَتْبَعُها / فإذا بامْرئِ القَيْسِ يَجْلِسُ في أوّلِ الضَّوْءِ/ثُمَّ هناكَ جَريرُ، الفَرزدقُ، بشّارُ، والمُتنبّي/المعرّي، ابنُ زيدونَ، ولّادةٌ/وكثيرٌ منَ الضَّوْءِ يجذبُ قلبي الذي صارَ مِثْلَ الفَراشةِ/تَهْرُبُ للضَّوْءِ/والشَّهْقَةِ الحارِقَةْ".

 

 

المصدر: 

14 نوفمبر, 2021 10:26:23 صباحا
0