تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
ثقافة وفنون مؤتمر الرياض الدولي يجيب عن لوم ماركس للفلاسفة

كشف لـ"الاقتصادية" الدكتور محمد حسن علوان رئيس هيئة الأدب والنشر والترجمة، عن خطتهم لإقامة مهرجان للأدب في 2022، مبينا أن فكرة المهرجان لا تزال تحت التطوير لاختيار المكان والزمان، كما سيشهد العام فعاليات حافلة، منها معرضان للكتاب.
وبين علوان في حديثه على هامش مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة أن الهيئة اعتمدت أكتوبر موعدا دائما لمعرض الرياض الدولي للكتاب، ويرى أن ديسمبر موعد مناسب لمعرض جدة الدولي للكتاب، كاشفا عن دراسات وخطط تجري في الهيئة لتنظيم معرض للكتاب في المنطقة الشرقية، لكن بثيمة تخصصية.

1818246-1053551487.jpeg

نمو الوعي

امتلأت قاعات مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة بالزوار، ولا سيما الشباب، للاستماع للمتحدثين والمتخصصين وخبراء الفلسفة السعوديين والعالميين، في أول مؤتمر فلسفي من نوعه يقام في المملكة لمدة ثلاثة أيام، في حراك فريد، وصفه في حديث لـ"الاقتصادية" الدكتور محمد حسن علوان بالمبشر والمشجع، مضيفا أن "الشائع عن الفلسفة أنها نخبوية بعض الشيء، لكننا فوجئنا في مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة بإقبال كبير من جميع شرائح المجتمع، ومن مختلف الأعمار، وأعتقد أن هناك وعيا كبيرا بأهمية الفلسفة والفكر، بني تراكميا خلال الأعوام السابقة، وكان المؤتمر مؤشرا على نمو هذا الوعي".


واعتمد المؤتمر في دورته الأولى مفهوم "اللا متوقع" كمحور مركزي سينسج من خلاله الحضور موضوعاتهم وتأملاتهم وأبحاثهم من خلال المحاضرات، والجلسات العامة، والورش الفلسفية المتنوعة، التي تناقش القضايا الفلسفية المعاصرة الأكثر إلحاحا، وتسلط الضوء على دور الفلسفة ومساعدتها على فهم العالم اليوم، إلى جانب تغطيتها الحالات الإنسانية، وذلك في مكتبة الملك فهد في مدينة الرياض.


وقال رئيس هيئة الأدب والنشر والترجمة في افتتاح المؤتمر "نجتمع اليوم للأسباب نفسها التي اجتمع من أجلها الفلاسفة على مر العصور، من أجل عالم أكثر وضوحا، وعندما يكون أكثر وضوحا تصبح قدرتنا على تغييره أكبر، وعندما تتخذ هذه التغيرات الإيجابية شكلها المؤثر نخرج جميعا من اللوم الذي وجهه كارل ماركس إلى الفلاسفة".


وأكد في كلمته أن وجود الضيوف والمشاركين في المملكة سيحفز النقاش الفلسفي "ولا سيما حول المحور الرئيس للمؤتمر وهو "اللا متوقع"، لأن المملكة من أكثر الدول تغيرا على مستوى العالم، ولا تكاد تضاهيها دولة في سرعة الحراك النهضوي، الذي ستكون له انعكاسات فلسفية وفكرية وثقافية مختلفة".

1818251-1315089638.jpeg

تفاعل الأدب والأفكار

انطلق مؤتمر الفلسفة بجلسة حملت عنوان "الفلسفة في الإسلام: وجهات نظر من تراثنا"، أدارها الدكتور جوزيف كوهين الأستاذ في كلية دبلين، تحدث فيها الناقد الدكتور عبدالله الغذامي، عن الإرادة الحرة ومفاهيم العدالة والحرية والمساواة، مشددا على أهمية أن يكون العدل والمساواة والحرية مبنية على التعددية الثقافية، لأنها لا تقتصر على مفاهيم العقلنة فقط، التي يتساوى في فعلها العامي والفيلسوف، وأكد أن أكبر ميزة للعقل أن يكون قادرا على كشف عجزه.


واختتم الغذامي حديثه بمقولة تشومسكي "إن من ينكر وجود الإرادة الحرة هو أكثر من يبحث عنها".


الدكتور سليمان الناصر بدوره سلط الضوء على الفكر الإسلامي واتصال الفلسفة الإسلامية بالفلسفة اليونانية وفلسفة الأخلاق، مشيرا إلى أنه لا مفر من الحوار بين الباحثين والمفكرين، مؤكدا أن "الحوار هو حوار العقل وحوار العقلانية النافعة، وهو هبة إلهية للإنسان، ويوسع العقل لأنه نظر من جانبين".


وتساءل الدكتور أبراهام خان مدير قسم الدراسات العليا في كلية اللاهوت في جامعة تورنتو، عن العلاقة بين الفلسفة والأدب، وهل الأدب يتفاعل مع الأفكار، وهل المؤلف يكتب ببساطة ليتخلص من الشغف بداخله؟ متناولا العقلانية ودفع العقل إلى التفكير، وأن هناك نوعا من الفارق المفاهيمي بينهما.

 



الفلاسفة الأطفال

تحدث الأستاذ كريستوفر فيلبس الفيلسوف والمفكر الأمريكي الشهير عن أهمية إتاحة الفرصة للأطفال، والتأكيد على وجوب قيادتهم في كثير من المجالات، لأنه من الممكن أن يكونوا كلمات معبرة يتعلم منها الكبار، داعيا إلى التقليل من فكرة أن الأطفال ليسوا فلاسفة.


وتخللت المؤتمر جلسة، تضمنت كلمة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، استعرض فيها بيدرو مونريال جونزاليس اختصاصي البرامج لدى المنظمة جهود المنظمة في تعزيز الفلسفة، وذكر أن الفلاسفة يؤدون دورا مهما جدا في توضيح التحديات المعاصرة، ولا سيما التحديات المتعلقة بالأخلاقيات والعدالة، وتعد المنظمة مسائل التفكير النقدي والاستشراف والمنطق الأخلاقي عناصر مهمة جدا لبناء المجتمع السليم.


في جلسة ذات صلة مباشرة بمفهوم "اللا متوقع"، كان الدكتور عبدالله المطيري رئيس مجلس إدارة جمعية الفلسفة السعودية يتحدث عن المفهوم بصفته مهما للإنسان في علاقاته بالآخرين والطبيعة والأشياء، وضروريا للشعور بالثقة والأمان، فعندما تثق بشخص ما تكون قادرا على توقع أفعاله، ما يعني أنه عندما تعد شخصا ما صديقا، فإن هذا يعني أن تكون قادرا على توقع ردود فعله إلى درجة ما، فالصداقة تتضمن داخلها الصدق.


فيما قدم شايع الوقيان نائب رئيس مجلس إدارة جمعية الفلسفة السعودية ورقة بعنوان "فلسفة الأمل: الاتجاه نحو اللا متوقع"، تحدث فيها عن فلسفة الأمل، مبينا أن هناك من يخلط بين الأمل والتوقع، فهما يتفقان في الاتجاه إلى المستقبل، ويختلفان في أن الأمل مصحوب بالرغبة والرجاء، والتوقع ينطلق من الوضع الراهن وحيثياته.


جهود الفلاسفة المسلمين

في جلسة حملت عنوان "لماذا تتجاوز الفلسفة الإسلامية مجرد كونها فلسفة"، تناولت جهود الفلاسفة المسلمين، تطرق فيها بيتر أدامسون أستاذ الفلسفة في جامعة لودفيج ماكسميليان في مدينة ميونيخ في ألمانيا إلى ابن سينا العالم والطبيب المسلم، الذي اشتهر بالطب والفلسفة واشتغل بهما، وقال "كان متفتح المواهب والعبقرية منذ صغره، بل إن عبقريته كانت صارخة متفجرة لا تناقش ولا ترد، وقد درس العلوم الطبيعية والطب وهو في الـ14 من عمره، وعندما أصبح في الـ16، كانت شهرته كطبيب قد ملأت الآفاق، كما أنه قد عرف باسم "الشيخ الرئيس" وسماه الغربيون بأمير الأطباء وأبو الطب الحديث في العصور الوسطى"، ووصف إنتاج ابن سينا من الأعمال والمؤلفات بأنه بالغ الغزارة خلال حقبة ما تعرف باسم العصر الذهبي للإسلام، حيث ألف 200 كتاب في موضوعات مختلفة، عديد منها يركز على الفلسفة والطب.


أما الوليد السقاف الدكتور في جامعة لودفيج ماكسميليان في ألمانيا، فأوضح أن المقصود بالفلسفة هو تقليد محدد، بدأ مع حركة الترجمة في العصر العباسي وتطور في العصور التالية له، وذكر أن بعض الفلاسفة قالوا "إن الفلسفة الإسلامية تتجاوز التقليد المشائي أو التقليد الأفلاطوني، وأن هناك تفاعلا حيويا منذ البدايات الأولى بين الفلسفة وعلم الكلام، وأن العلاقة بين الفلسفة وعلم الكلام أصبحت علاقة قوية".


ووصف ابن سينا بأنه أعظم فيلسوف مسلم، مفندا في حديثه الادعاءات والمزاعم حول الفلسفة الإسلامية، كالتي تقول "إنها ماتت بعد الفيلسوف ابن رشد"، أو أنها "دمرت بعد الغزالي"، وأن "الفلاسفة المسلمين لم يكونوا سوى مقلدين لسواهم من الفلاسفة".



دهشة بإجابات الشباب

الأسئلة الفلسفية كانت حاضرة بقوة في المؤتمر الدولي، منها سؤال حسن الشريف أستاذ الفلسفة المساعد في جامعة طيبة، الذي طرحه في جلسة "الاستجابة الأخلاقية للا متوقع": هل قدراتنا وأخلاقياتنا تتغير في أوقات اللا يقين والأزمات، ولماذ يحدث ذلك؟


فيما طرح مايكل ساندل أستاذ علم الحكومة والفلسفة في جامعة هارفارد سؤالا فلسفيا، من خلال جلسة تفاعلية مع الشابات والشباب السعوديين، أجراها عبر تقنية "زووم" للاتصال عن بعد، تناول من خلاله مفهوم العدالة في الفلسفة والتاريخ.


وسأل المتحدثين الشباب أسئلة بمدلولات عميقة، مثل أن يكون والدك ضالعا بجريمة ما، فهل ستبلغ عنه؟


وعبر ساندل الفيلسوف الشهير عقب الجلسة عن دهشته بإجابات الشباب السعوديين، رغم أنهم لم يتلقوا تعليما رسميا في الفلسفة.

 

 

 

 

المصدر: الاقتصادية 

16 ديسمبر, 2021 01:01:18 مساء
0