تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

التكنولوجيا الحديثة وأثرها على الإعلام

تشكل التكنولوجيا الحديثة في أهم جوانبها حصيلة مهمة من المعارف المنظمة التي تتصل بالميادين والاكتشافات والاختراعات لا سيما في حقول الاتصال ووسائله المختلفة والتي تعبر بشكل جلي عن الاسلوب الذي اختارته المجتمعات في التعامل مع محيطها للاستمرار في الحياة وبلوغ التقدم المنشود.

واذا ما حاولنا سبر أغوار المتغيرات التكنولوجية الحديثة وحجم تأثيرها على علوم الاتصال وفي المقدمة منه مجالات الإعلام فنلاحظ حجم التغير الواسع بعدما دخلت المكننة والالات في كل تفاصيل العملية الاتصالية الأمر الذي أثر بشكل عميق عل مخرجاتها مما جعل الإعلام كوسيلة وغاية توصل المتلقي إلى ادراك مكنون الرسالة الاعلامية وجانب مهم من جوهرها بطريقة اقرب وأيسر ناهيك عن سهولة بث الرسالة من قبل من يهمه ايصالها إلى الشخوص أو الجمهور المستهدف بغض الطرف عن حجم وحسابات عملية التأثير والاقناع فيهم وهذا ما افرز اشكالية باتت اليوم مثار للجدل والاختلاف بل ومعوقاً ومشوشاً للافكار اذا ما سلمنا بحقيقة امكانية ان تكون هذه التكنولوجيا المستخدمة في الإعلام تسهل ايصال كم هائل من الرسائل الاتصالية التي تتضمن آراء وافكار وتصورات ذات طبيعة مختلفة تصل في كثير من الاحيان إلى التقاطع الأمر الذي يترتب عليها خلق تشويش وعدم وضوح بل وتناقض وقلق لدى الجمهور أو الاشخاص المتلقين.

          ان التطور الحديث في التكنولوجيا المستخدم في وسائل الاتصال غيرت جذرياً جانب مهم من معتقدات وقناعات المجتمعات وثقافاتها وهذ ما انعكس بشكل واضح في تغير مجرى حياتها مادياً واعتبارياً ، ولعلنا لا نبالغ اذا قلنا ان الإعلام ربما كان الاكثر تأثيراً من سواه في ثورة التكنولوجيا بسب ضرورات استخدام هذه التكنولوجيا وما نتج عنها من تغيير في اساليب صياغة الرسالة الاعلانية وطريقة ايصالها وتلقيها من المستهدفين منها افراداً وجماعات.

        لقد كان ابتكار الحاسب الآلي نقلة نوعية في حياة الانسان الطامح إلى متابعة مستجدات الحياة العصرية وقد استخدم الحاسوب في شتى مجالات الحياة لا سيما بعد بروز الاجيال الاكثر تطوراً وفي الإعلام تعزز تأثير الحاسوب المتطور مع بروز ظاهرة الإنترنت والتي حولت فضاءات العالم من اطر ضيقة إلى رحاب واسعة وهذا ما يسر عملية التخادم بين آلة الحاسوب المتطور من جهه وتطويع فضاءات الإنترنت ورحابها الواسعة لتجد للانسان والمجتمعات قنوات اتصالية جديدة كان يفتقر اليها ليس من ناحية الخصوصية حسب بل في الشكل والمضمون وسرعة وصولها ويسر استلامها ولعل الصحافة الإلكترونية باب صحفي فرض وجودة وسلطته المتزايدة على سلع التداول المعلوماتي والاخباري لكل بقاع الارض دون أن توقفه بوابة حدودية مغلقة أو مقص رقيب فاعل.

        ان الخطورة المتزايدة لاستخدام التكنولوجيا المتقدمة في الاتصال والإعلام عندما نقرأ بدقة بين سطور التقرير المرقم 1352 في 27/4/1964 الذي تمت مناقشته في دورة الكونغرس الأمريكي رقم (88) حيث أكد على ما يأتيenlightened (يمكننا ان نحقق بعض اهداف سياستنا الخارجية من خلال التعامل مع شعوب الدول الاجنبية بدلاً من التعامل مع حكوماتها من خلال استخدام ادوات وتقينات الاتصال الحديثة، يمكننا اليوم أن نقوم بأعلامهم والتأثير في اتجاهاتهم بل وممكن في بعض الاحيان ان نجبرهم على سلوك طريق معين لهذه المجموعات يمكنها بدورها ان تمارس ضغوط ملحوظة وحتى حاسمة على حكوماتها) وهذا ما يحدث الان في اغلب دول العالم.  

 

• لقد احدثت التكنولوجيا الحديثة في وسائل الاتصال ثورة في واقع العلاقات بين الغرب والشرق وبين الدول المتقدمة والمتأخرة وتحديداً بعدما يسرت الاقمار الصناعية ايصال كل ما من شأنه التأثير على الشعوب (الغائبة) لادخالها  في قالب واحد ما دام حجم الاختلاف وعدم التوازن قائمان.

        enlightenedومن مظاهر استمرار الهيمنة الغربية على تكنولوجيا الاتصال والإعلام سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على اكثر من 65% من تدفق الانباء في العالم و 35% من عمليات النشر و 64% من الإعلام و 45% من التسجيلات و90% من اشرطة الكاسيت و C.D وعمليات الاخبار و 28% من الاغاني الاذاعية و75% من البرامج التلفزيونية و 72% من صناعة أجهزة الحاسوب وباقي الاجهزة الإلكترونية واكثر من 90% من المعلومات المخزنة في البنوك والمراكز الخاصة بالمعلوات في العالم.

ان طبيعة النتائج التي يمكن ان تترتب على التطور الهائل في تكنولوجيا الاتصال والمعلومات وبشكل غير مسبوق ترك اثاره كذلك على طبيعة مسارات الصحافة لا سيما بعد بروز هذا الكم الهائل من الصحافة الإلكترونية حيث اصبحت شاشات الحاسوب الآلي وعبر الإنترنت وسيلة مفتوحة لنشر مضامين هذه الصحف إلى درجة انها شكلت اليوم ظاهرة فرضت نفسها على واقع الصحف التقليدية واصبحت نداً لها لا يستهان به.

فهناك اليوم قناعات متزايدة لدى كثير من المعنيين بشؤون الصحافة تدور حول امكانية صمود الصحافة التقليدية امام الصحافة الإلكترونية بل ذهب البعض إلى الاعتقاد بأمكانية تراجع الصحافة التقليدية واندثارها خصوصاً بعد هذه الطفرات المتسارعة في تطور وسائل الاتصال الحديثة وتقنيات الاجيال الجديدة من الحواسيب الالية والتي شكلت ظاهرة فريدة لا يمكن حصر آثارها بسهولة ويسر.

ان محاولة  ايجاد المقتربات حول شكل ومضمون التطور المتسارع في تكنولوجيا الاتصال والمعلومات وأثرها على نمو وتطور الصحافة الإلكترونية وخصائصها وانتشارها وقدراتها على التأثير على حجم مقروئية الصحف الورقية التقليدية بات امرا ملحا. تمليه طبيعة ما حصل من متغيرات خصوصا اعتماد اسلوب منطقي وواضح في الاستدلال على طبيعة العلاقة بين العامل المؤثر والمؤثر عليه ومناقشة النتائج من خلال عرضها بشكل مبرر أمين وكامل.

 

يمنع إعادة النشر دون إذن خطي مسبق ..

10 مايو, 2017 02:48:24 مساء
0