مختارات شعر الحماسة بين أبي تمام والبحتري خصائص الأساليب ومعايير الاختيار
إن أشعار فن الحماسة تستأثر بمنزلة رفيعة في وجدان الإنسان العربي وذائقته، باعتبارها نفثات شعرية يترجم فيها اللسان دور السِنان، وتحل فيها الأقوال محلَّ الأفعال، وسجلاً نفيساً يخلد بطولات الفرسان المحاربين الذين شيدوا أمجادهم على أطراف أسنة الرماح، وعبرَّوا في سلوكهم الحياتي عن ميلهم الفطري الى القيم النبيلة كالأنفة والعزة والشجاعة والكرم والفروسية والتضحية بالنفس والمال في سبيل الدفاع عن الشرف والحفاظ على المجد وحسن الذكر، فقد أكثر منها أبو تمام في اختياراته الشعرية وجعلها أول أبواب ديوان الحماسة، وأعظمها حجماً، وأغزرها شعراً، وبها سمى ديوان اختياراته الشعرية، وقد تابعه البحتري وحذا حذوه في الاهتمام بالشعر الحماسي فجعله مفتتح حماسته ومرتكز اختياراته، فالأبواب السبعة والعشرون الأولى منها تدور في فلك معاني الحماسة وتفصل جزئياتها التي أجملها أبو تمام في باب واحد.