نظريات التحليل النفسي والمسرح
معلوم أن النص المسرحي قد تمت مقاربته بمجموعة من المناهج النقدية المستوردة، لكن علاقة المسرح بالمنهج النفسي كانت باهتة إذا أخذنا بعين الاعتبار علاقته بباقي الأجناس الأدبية الأخرى : كالرواية والشعر والقصة... والتي استوفت حقها من الدراسة على ضوء هذا المنهج. ونظرا لنذرة تطبيقه على أب الفنون، عملنا على أن يكون هذا الكتاب إضافة نوعية لما تقدم به الدارسون، محاولَين أن نتجنب التكرارات، ومكتفين برصد التعاريف والمفاهيم التي تخدم الموضوع. ولذلك عرفنا بالمنهج وبمختلف نظرياته ومنظريه؛ من أجل الوصول إلى قراءة نصوص عربية على ضوئه، ورغم وجود بعض العراقيل، إلا أنه يحفزنا في ذلك إيماننا بتقبل أدبنا العربي لمعايير جديدة تكشف عن غناه، وتقدم الدليل على أنه لا يقل قيمة في تعبيره الفني وتفاعله مع الحياة كسائر آداب الأمم الأخرى. وهكذا حاولنا البحث عن العلاقة القائمة بين التحليل النفسي والأدب، فهذا المنهج أصبح أحد ركائز الفكر الحديث، ومعظم العلوم المعاصرة تتأثر بمفاهيمه ونظرياته، إذ لم يعد من الممكن تجاهل إسهامات العديد من رواده؛ ولذلك ضمناه محورا رصدنا فيه الجماليات النفسية، حيث بدأنا بنظرية فرويد وإسهاماته، التي تحولت في فترة وجيزة إلى نظرية متكاملة عن الإنسان والحياة والثقافة والحضارة، لها امتدادات على مستوى العالم الغربي، ثم العالم العربي بسبب تفاعلاتها المثمرة. فكان الحديث عن الفنان الذي اعتبره فرويد عصابيا بشكل من الأشكال، كما شبه الفن بالحلم لمظاهرهما المتشابهة في تحقيق الرغبات الممنوعة. إن الفرويدية مليئة بكم من المفاهيم التي أهلتها إلى أن تصبح نظرية قائمة الذات لها الأثر البليغ في الأدب.