إن اتساع رقعة العلاقات التعاقدية المدنية والتجارية بين الأشخاص سواء أكانوا أفراداً أم أشخاصاً اعتباريين في وقتنا الحاضر ينتج عنها خلافات بطبيعة الحال، فقد أصبح التحكيم حاجةً ضروريةً و ملحة بشدة، فلا غنى لأطراف العلاقات عنه، فكل من يتابع سواء أكان من المحامين أم الأكاديميين، أم التجار، يرى في الواقع العملي كثرة لجوء الأطراف المتنازعة الطبيعية والاعتبارية للتحكيم، لحسم منازعاتهم الناتجة عن علاقاتهم التعاقدية لا سيما الضخمة منها، إيماناً من الأطراف بأفضلية التحكيم ومرونته؛ لأن إرادتهم هي التي تعتبر أساساً ودستوراً للعملية التحكيمية، فلا أبالغ إن قلت بأنه يكاد لا يخلو عقد في الوقت الحالي من شرط التحكيم عند حدوث نزاع، لا سيما في مجال العقود بين الشركات الكبرى، سواء أكان هذا يتعلق بتنفيذ أم تفسير تلك العقود، مما يعني أن سلطان إرادة الأطراف تُخضع النزاع لقضاء من نوع خاص، وتستبعد قضاء الدولة.
مبدأ سلطان الإرادة في الخصومة التحكيمية