قد لا تبدو محاولة التعرف على مفهوم عملية الإدارة أمراً مستحدثاً أو جديداً، فمن نافلة القول أن الله عزوجل منذ نشأة الخليقة أسس لها نظاماً إدارياً رتيباً وجهزها بآليات تنفيذية تبذل جهودها بتواصل منتظم ولا تعزف عن العمل الدؤوب الساعي لاستقرار هذا الكون وديمومته. هذه إدارة الله وإرادته أزلية ما دامت السموات والأرض وغيرهما إلى أن يشاء التغيير خلاف هذا الأمر الوجودي.وعليه فإن الإدارة في عالم الإنسانية فيقصد بها بمعنى عام توجيه وتنسيق وتنفيذ لجهود البشرية لتحقيق أهداف معينة تسعى جاهدة للعمل على توفير مستلزمات الإنتاجية حفاظاً على ديمومة الجنس البشري تماشياً مع الإرادة الإلهية في هذه الحياة التي تقصر مهما طالت بها الآجال.وفي ذات السياق يظهر مجال الإدارة العامة ليختص في بلورة وتنفيذ السياسات العامة للدولة قديماً وحديثاً، وذلك من خلال الأجهزة الحكومية المتنوعة التي تتولى تطبيق كافة عناصر العملية الإدارية الرامية إلى إنجاز أهداف هذه الدولة تجاه مجتمعها في شتى المجالات الحياتية.ولا غرابة في التأكيد على أن الإدارة العامة قد مرت بتطورات متلاحقة منذ نشأة الحضارات القديمة في التاريخ وإلى عصرنا الحاضر.