يعتبر الإدمان على المخدرات في عصرنا هذا من أبرز سمات المجتمعات الحرة، أو بالأصح المجتمعات التي تحررت من كل قيد أخلاقي وانعدمت فيها القيم، وانساقت وراء لذاتها وشهواتها بلا حدود، وتعقدت المشكلات وتفاقمت واستعصت على الحل حتى على أيدي أبرع الخبراء . ولم تعد المشكلة قاصرة على نوع واحد من المخدرات أو على قطر معين أو طبقة محددة من المجتمع. وأصبحنا نرى المجتمعات الصناعية الحديثة تطرح لنا في كل يوم عقارا أو دواء جديدا يأخذ بالعقل ويوقع في البلاهة والخبل. وأينما توجهت في أقطار الأرض شرقها وغربها أذهلك انتشار الإدمان على المخدرات في جميع طبقات المجتمع بعد أن كان مقتصرا في الماضي علي الطبقات الراقية المترفة. والإنسان في بحثه عن السكينة واللذة، وفي مكافحته للألم تعامل مع عدد من النباتات التي يتمتع بعضها بخواص دوائية شافية، وبعضها الآخر سم قاتل. وبين هاتين الصفتين نجمت العلاقة الجدلية ما بين السم والدواء. وهناك فرق بين تناول الدواء بقصد العلاج وبين تناوله بحثاً عن اللذة والهدوء والسكينة. فالدواء مركب طبيعي أو صنعي يتناول بمقدار مناسب بقصد المعالجة والشفاء. أما المخدر فهو مادة طبيعية أو صنعية تتمتع بخواص فيزيولوجية متميزة، وقد يؤدي الاستعمال المديد لبعضها إلى نوع من الإدمان بصورة لا يستطيع الإنسان أن يستغني عنه . اقتصر اسم المخدر في الماضي على المخدرات التقليدية التي تشمل الأفيون ومشتقاته ثم أضيف الكوكا والقنب الهندي (الحشيش) إلى القائمة. وخلال السنين القريبة ظهرت في الأسواق مركبات جديدة تتمتع بتأثير واضح على الجملة العصبية والدماغية وتؤدي إلى انحراف عقلي واضح، حتى إن كثيرا منها يؤدي إلى الإذعان والاستعباد نتيجة للاستعمال المستمر والحاجة الماسة التي تنشأ عن هذا الاستعمال.
المخدرات أنواعها وتأثيرها على الانسان والمجتمع