هواجس الرواية الأردنية الجديدة
من الطريف واللاّفت، أنّ الروايات التي تشكِّل بالنسبة للمجتمع الأردني ذاكرة التكوين، هي من الإصدارات المتأخرة! بمعنى أنها كتبت من أبعد موقع عن تواريخ وقوع أحداثها كوثائق اجتماعية.
فـ«الزوبعة» لزياد قاسم، هي من إصدارات عام 1994، رغم أنّ أحداثها تبدأ من النصف الثاني من القرن التاسع عشر!
أما رواية زهرة عمر «الخروج من سوسروقة»، فتبدأ أحداثها أيضاً من بداية النصف الثاني من القرن التاسع عشر، رغم أنّ الرواية من إصدارات عام 1993. إضافة إلى رواية «حوض الموت» لسليمان القوابعة (1994)، التي يبدأ زمنها الداخلي منذ بدايات القرن العشرين.
وكذلك رواية سميحة خريس «شجرة الفهود» التي تعود أحداثها الأولى إلى نهاية القرن التاسع عشر، هي الأخرى من إصدارات عام 1991.
ويبدو أنّ عدداً من الروايات الأردنية التي يمكن أن تطالعنا في هذا المقام الذي يتضمن فيما يتضمنه روايات ذاكرة التكوين والتشكُّلات المبكِّرة للمجتمع، هي الأخرى من الإصدارات المتأخرة... بمعنى، أنّ مادتها من الاهتمامات المتأخرة بالنسبة لروائيينا، في زمن تقف فيه العديد من القضايا القومية، والاجتماعية، والإنسانية، التي لا حصر لها في مواجهة المبدع. وتمدّ ألسنتها في وجهه بكل تحدًّ.
ويبدو أنّ الفراغ الأخير الذي خلّفه انهيار الاتحاد السوفييتي ومنظومة الدول الاشتراكية -كمعادل موضوعي لقوة العالم الرأسمالي- قد خلّفت للشعوب وحركات التحرر العالمية المزيد من الشعور باليتم والاندحار والهزيمة على صعيد مشروعاتها القومية التحرّرية. إضافة إلى استيقاظ الروح الشعبية والقومية على مستوى العالم، والعودة إلى الكثير من القضايا المؤجّلة!
جاء الكتاب على شكل هواجس حيث جاء الهاجس الأول بعنوان جذور التيار الوجودي في الرواية، وتناول فيه المؤلف عدداً من الأعمال لروائيين أردنيين، أما الثاني فجاء تحت عنوان صرخات الدفاع عن الأنثى وجاء الثالث ليعبر عن هاجس القمع السياسي والدفاع عن الحرية.
وتتوالى بقية الهواجس في الكتاب ... تحت عناوين مختلفة.. وجوهٌ أخرى للقمع (جَلْد الذات)... الحضور الضاغط للماضي في مواجهة الراهن... الاغتراب في الرواية الأردنية.. أحلام وطنية وتطلعات بشرية.. هاجس توثيق الموروث الشعبي.. ويختم المؤلف هواجسه بهاجس كوابيس عالم المال والأعمال.