الوجه الأخر للجدار
الوَجْهُ الآخر للجِدار لا يفتأ يتخلّى عن قسوته عبْر تداعيات سبع قصص قصيرة، تنقلنا مِن الواقع الباهت إلى واقعٍ نقيٍّ بسيط التركيب تؤشّر على بيئة قطرية متآلفة مشحونة بروح البساطة ساعية إلى تشكيل وعي بالحياة ضمْن مقوِّماتها الإنسانيّة البسيطة وخاصّة ما قبل النفط.
يقدم الزكيبا قصصه في بناءٍ مشهديٍّ وصفيٍّ لافت يشي بقدرة مميَّزة في استعمال الأدوات التعبيريّة والفنيّة في كتابة القصة القصيرة، تعكس ثقافته الواسعة وقراءاته العميقة في التراث الإنساني بلغة تتسم بالقوّة والرصانة بعيداً عن التكلُّف والحذلقة. ومِن اللافت أيضاً أنه رغم طول النَّفَس السرديّ لديه، ودقّة الوصف المشهديّ التي اعتدناها في كتابة القصص القصيرة عند يوسف إدريس ويحيى حقي ومحمود تيمور وغيرهم،إلا أنه يمتلك زمام اللحظة المدهشة في السّرد، ممّا يمنحه جاذبيّة مِن نوعٍ خاصّ تحقِّق وِحْدة الأثر كشرط أساسي مِن شروط الكتابة القصصيّة، فيجد القارئ نفسه أمام نسيجٍ متماسكٍ بدءاً مِن العنوان وانتهاء بالقفلة.
لم تتخلَّ القصص عن الدَّوْحة ميداناً وروحاً؛ فجاءت كالثوب الجميل الذي صُمِّم بعناية بحجم وجود الفرد القطري المنفتح على العالم مِن خلال رحلاته وتنقُّلاته راصداً ومتأمِّلاً، كما لم تتخلَّ عن ربط وجود هذا الإنسان بحضوره الأسمى في فضاء الإنسانيّة مؤثِّراً ومتأثِّراً وليس هامشيّاً أو مُهمَّشاً.