التناص وتداخل النصوص المفهوم والمنهج
إن التناص بوصفه ظاهرة إنسانية أدبية ونقدية عرفت قديماً ولمست من الشعراء والأدباء والنقاد ووردت تلميحات إليها في كتب النقد العربي القديم بل خصصت لها مباحث بعنوانات مختلفة ووصفت بأوصاف مجازية متنوعة، فالشعر الذي يأخذ من النصوص السابقة بصورة إبداعية هو " كسبيكة مفرغة من جميع الأصناف التي تخرجها المعادن، وكما قد أغترف من واد قد مدته سيول جارية من شعاب مختلفة، وكطيب تركب من أخلاط من الطيب كثيرة فيستغرب عيانه ويغمض مستبطنه " وتكمن أهمية اختيار الموضوع من أهمية مفهوم التناص في الكشف عن مستويات الدلالات الخفية في النصوص الشعرية، والبحث عن قيم تداخل الأنظمة الدلالية المختلفة في فضاء نص معين ووظائفها، ولقد حددنا شعر المتنبي خصوصاً لما يحمله من تعالقات إبداعية دارت حولها الحركات النقدية قديماً واختلفت فيها الآراء بين الجارح والمنتصر والمنصف والمبالغ بحسب اختلاف مناهجهم، إن طبيعة مفهوم التناص يحتم على الباحث أن لا يتحدد ببنية نص معين في دراسته وإنما عليه أن يهتم بإحالات النص إلى نصوص أخرى، فلهذا السبب ونظراً لسعة شعر المتنبي آثرنا اختيار نماذج من شعره مادة للدراسة تمثل ـ كما رأينا ـ مراحله الشعرية المختلفة.