تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
نبذه عن الكتاب
جماليات المفارقة في الشعر العربي المعاصر
No votes yet
لاشك أَنَّ المنجز الشعري العربي الحديث و المعاصر منذ منعطفه الحاسم في نهاية الأربعينيات، قد قطع باتجاه الحداثة مسافاتٍ تُعَدُّ في بعض تجاربه الكبرى مذهلةً. وأَظنّنا لَسْنَا قادرين على إدراك هذا المنجز، إلاّ بشيء غير قليلٍ من الرؤية المتبصرة، والسبب أننا جزءٌ من هذه التجربة الإبداعية، لا بمعنى أننا نعاصرها، ونتعايش معها فحسب، ولكِنَّنَا نحن أيضا من ينتجها من جهة، و يستهلكها من جهة أخرى، و هذا ما يجعلنا لا نرى العالم و لا نفهمه إلاّ بواسطتها، الأمر الذي قد يحول أو لِنَقًلْ يُقَلِل من قدرتنا على تجاوز التجربة و النظر من فوقها لكي نحكم عليها حكما يستبين منجزاتها الجمالية. برغم ذلك ارتأيت أن أتناول شكلا من أشكال التجريب الحداثي في تجربة حداثية، حديثة، لازلنا نعاصرها و نستهلكها، هي لشاعرٍ لم تكن الدراسات التي تناولت أعماله قَلِيلَةً، لكن برغم الشهرة العريضة التي حققها درويش عربيا و عالميا ؛ و بالرغم من مئات الدراسات و الأطروحات الأكاديمية التي كتبت حول شعره إلاّ أَنّه لا يزال - في نظري- غير مقروءٍ جيدًا، فالنقد الذي كُتِبَ حول أعماله لا يزال أسير نظرة نمطية لشعره تقرأه فقط من منظور سياسي، أو بطريقة تفقده طابعه الجمالي .