Direkt zum Inhalt
ماجدة الطراونة تحليل العناصر الفنية في قصة «آدم القرن القادم»

تظل القصة أو الرواية الموجهة للأطفال نوعاً وأسلوباً من أساليب التربية الكثيرة التي تتعلق بالطفل والطفولة، ولا نبتعد كثيرا إذا قلنا إن التربية الثقافية بأشكالها وأنواعها، سواء كانت شعراً أو نثراً، لها المقدرة على تغير سلوك الطفل، والتأثير عليه وعلى مشاعره أكثر من الأساليب التربوية الأخرى، ويتحقق ذلك من خلال زرع حبّ القراءة والمطالعة في نفوس أطفالنا من خلال ما نقدمه لهم من زاد ثقافي يروق لهم، ومن خلال اهتمام الكبار في أمور الصغار.


فالكاتبة ماجدة الطراونة من الكتّاب الذين اهتموا بالطفل والطفولة بإصدارها أكثر من كتاب يتعلق بالطفل والطفولة، وقد توجت هذا الاهتمام بإصدار قصة طويلة للأطفال، عنونتها بـ(آدم القرن القادم )، وقد جاءت القصة في خمسٍ وخمسين صفحة من القطع المتوسط، وضمت بين دفتيها مجموعة من العناوين تمهد وتسهّل على المتلقي التنقّل بين أجزاء القصة، والعناوين الفرعية هي أبواب للولوج إلى متن العمل، كما أنها تعمل على جذب انتباه الطفل وإنماء عنصر التشويق لديه، فهي تساعد الطفل في الكشف عن محتوى النص، وتسهل عليه فك رموزه والغامض من محتواه. ومن العناوين الفرعية التي استخدمتها القاصة: تمهيد، يوسف طفل خارق، عالم آدم الخرافي، يوسف في ورطة، لعبة الأغراب خلف السد، دواء من القرن القادم، صديق من الماضي، سأتعلم بطريقة القرن القادم، آليون يساعدون ذوي الإعاقة.


أما العنوان الرئيسي للقصة أو الكتاب، فهو يشكّل الواجهة الإعلامية المنظورة للعمل الأدبي، ويحمل في داخله الكثير من الدلالات، وهو الكلمة السحرية التي تجذب المتلقي أو القارئ، وباختصار هو المفتاح الذي من خلاله يستطيع المتلقي أو القارئ التعامل مع النص ككل، وقد وفقت القاصة والكاتبة ماجدة الطراونة في اختيارها لعنوان هذه القصة.


لعل الحبكة التي بنت عليها الكاتبة والقاصة ماجدة الطراونة أحداث قصتها تمتاز بالبساطة والقوة رغم وضوح خيال الكاتبة الذي تخلل معظم صفحات القصة، فالأحداث والمواقف التي يمر بها بطل القصة أو الشخصية المحورية (يوسف) قليلة نسبياً ولا تشتت انتباه المتلقي، وهذه من الأمور التي تُحسب للكاتبة، فالطفل يحتاج للتركيز والمتابعة، فالحبكة يُقصد بها ترتيب الأحداث في القصة،ويجب علينا ككتّاب قصص للأطفال إن نراعي في قصص الأطفال، إن يتم التمهيد للحبكة بشكل مبسط وسلسل حتى يستفاد من العبرة أو العظة التي تقدمها لنا القصة.


معظم الأعمال الأدبية للأطفال تنطلق من الخيال الخصب للقاص، وأكثره يصب في ما يسمى بالخيال العلمي، بل نكاد نجزم أن قصص الخيال العلمي تتصدر هذا النوع من الأدب، فتوظيف الخيال في القصص التي تعتمد على الخيال العلمي ينمي القدرات العقلية لدى الأطفال، ويوّلد ما يسمى بالدهشة التي قد تكون من الأساليب الجاذبة للقراءة لدى الطفل، وقد تنمي عند الطفل أسلوب التفكير العلمي فيما حوله، فالأسلوب العلمي يعتمد على التجربة والملاحظة وهذا يولد في نفس الطفل المحاولة،فالخيال العلمي أداة فعالة في تعليم الطفل، وقد تنقل الطفل من عالم إلى آخر، كما فعلت القاصة والكاتبة ماجدة الطراونة، عندما أوجدت لبطل القصة (يوسف) صديقاً زمنياً، ومن زمن آخر أكثر تقدماً، فيوسف طفل يمتاز بالذكاء، وكثيرا ما يراه والداه منشغلاً بالتفكير والسرحان، مما سبب الخوف لهما، ولكنه أيضاً يلتقي مع صديقه الزمني (آدم) « يبدو أنك جئت من عالم غير العالم الذي أعيشه الآن. ربما أنت من عالم الماضي وأنا من عالم المستقبل، ولكن كيف حضرت إلى هنا ؟» (القصة ص11).


من هنا تبدأ صداقة يوسف أبن الحاضر وآدم ابن المستقبل.


وتستثمر القاصة وجود طفل المستقبل (آدم) في توصيل مجموعة من الرسائل، فتذكر ملابس الأطفال، كيف يمكن أن تكون في المستقبل ومع التقدم التكنولوجي، فملابس الأطفال مشتركة لجميع الأطفال وهي مجانية، وتُصنع من مواد صديقة للبيئة، وممكن أن تحمي من بعض الأمراض، وهي ضد الحرارة والرطوبة، وتقي من البلل من مياه المطر.


وتستمر الكاتبة في أكثر من موضع بتمرير هذه الرسائل من العالم القادم المتقدم تكنولوجيا إلى عالمنا الذي ما زال يضع قدمه على أولى درجات التكنولوجيا...فمرض السرطان لن يكون هو المرض الأخطر، وسوف تختفي الكتب المدرسية والدفاتر والأقلام ففي العالم القادم سيحل مكانها اللوح التفاعلي....فالمدارس ستختفي ويحل مكانها المختبرات العلمية والنوادي وغيرها.


هذه جزء من الرسائل التي استثمرتها القاصة لوجود الصديق الزمني (آدم) في هذه القصة، فآدم يمثل العصور القادمة والزمن القادم، ويوسف بذكائه يمثل العالم الحالي.
ومن عناصر البناء الفني في هذه القصة:


الشخصيات:


لا نبالغ إذا جزمنا أن الشخصيات هي أهم عنصر من عناصر البناء الفني في قصص الأطفال، فشخصية بطل القصة قد تكون القدوة والمثل الأعلى للطفل المتلقي، ومن هنا تكمن الخطورة، فلا بد من الحرص الشديد في نسج ورسم هذه الشخصية، فشخصية البطل محور أساسي في إنجاح القصة، يتوقف عليها تطور الأحداث ونوعية الحل، فيجب أن تكون الشخصيات واضحة وقليلة العدد، حتى لا يتشتت ذهن الطفل، وقد نجحت القاصة ماجدة الطراونة في اختيارها لهذا العنصر، فشخصيات القصة الرئيسية هما شخصيتان فقط، يُضاف لهما شخصيات فرعية، الأب،والأم، والطبيب، وقد وظفت القاصة الشخصيات الرئيسية في الجانب والبعد الإيجابي الذي يحفز الطفل على التفكير والاختراع، وطلب العلم، والاحترام والتربية والأخلاق الحسنة، فهي تحاول توظيف القصة في غرس العادات الحسنة في نفس الطفل، مثل حب العلم، التطور التكنولوجي، الصدق، وعدم الكذب، وغيرها من العادات الحسنة.


اللغة والأسلوب:


من العناصر المهمة في بناء القصة للطفل، فقد اختارت القاصة لغة بسيطة، خالية من التعقيد، تناسب الفئة العمرية لمن أكمل العشر سنوات فما فوق، اعتمدت القاصة السرد القصصي في معظم أجزاء القصة، كان يتخللها الحوار أحياناً، اختارت الكاتبة الألفاظ المناسبة بدقة وعناية لتناسب الفئة العمرية للطفل، أكدت القاصة على اختيار علامات الترقيم المناسبة ووظفتها بشكلها الصحيح في النص.


المكان والزمان :


الزمان والمكان من العناصر التي اعتمدت القاصة عليهما في سرد أحداث القصة، ففكرة القصة بشكل عام تتحدث عن الزمان والمكان، الزمن الحاضر الذي يعيش فيه بطل القصة (يوسف)، والزمن المستقبل الذي يعيش فيه الصديق الزمني (آدم)، والمكان من عناصر البناء القصصيّ الّذي تدور فيه الأحداث، وتتحرّك فيه الشخصيّات، وقد اختارت القاصة أكثر من مكان لسرد أحداث القصة،البيت، غرفة الجلوس، الشارع، عيادة الطبيب، الفقاعة الفضائية، المستشفى،...تنوعت الأماكن لجذب انتباه الطفل وحثه على المتابعة وعدم الملل.
القصة مستكملة للعناصر الفنية التي يجب أن تتوفر فيها.


توصيات: نتمنى على القاصة ماجدة الطراونة مستقبلاً الاهتمام بما يلي:


* الغلاف/ غلاف المجموعة طغى عليه اللون الأسود حتى كادت الصور والرسومات التي تم توظيفها لجذب انتباه الطفل أن تتلاشى ويصعب رؤيتها بشكل واضح.


* الحجم الذي اختارته القاصة والكاتبة ماجدة الطراونة لكتابها قد لا يتناسب مع المحتوى، وحبذا لو كان الحجم المختار هو 25/16، بدلا من 20/13.


* خلا غلاف المجموعة والغلاف الداخلي من التجنيس الأدبي، فالتجنيس أمر ضروري يريح المتلقي من التصفح قبل الاختيار.


* حجم الكتاب وتصميه لم يفسح المجال لاختيار الخط بالبنط المناسب فجاءت الحروف صغيرة بعض الشيء.


* خلت القصة من ضبط الحروف (التشكيل)، وحبذا ونحن نكتب للأطفال أن نحاول قدر الإمكان من ضبط الحروف، حتى يتكمن الطفل من القراءة الصحيحة.


* خلت القصة من الرسومات والصور، رغم أهميتها في قصص وكتب الأطفال.

 

 

المصدر: الدستور

22 Nov., 2021 05:40:14 PM
0