Direkt zum Inhalt
تيسير سبول في الذكرى الـ 48 لرحيل الشاعر الكاتب

تحل في هذه الأيام 14 من تشرين 2 الذكرى الـ 48 لرحيل الشاعر الكاتب تيسير سبول الذي عاش قلقا متأزما تزيده توترا حساسية مرهفة، وصدمات تعرض لها في السنوات الخمس الأخيرة، نتيجة الأحداث السياسية :حرب حزيران67 وحرب تشرين 73 التي انتهت بما يشبه المكيدة. فحذا حذو آخرين أنهوا حياتهم من أمثال عبد الباسط الصوفي وإسماعيل أدهم وبعده بسنوات خليل حاوي.


واللافت للنظر أن شعره حظي باهتمام الدارسين، كما لم يحظ شعر شاعر أردني آخر. فقد نوه بما في شعره من تجديد، عيسى الناعوري، وسمير قطامي، وسليمان الأزرعي، وفايز محمود، وأحمد المصلح، الذي أشار، ونبّه على ما فيه من رموز تارة، ومن رؤى وكوابيس تارة أخرى. ونوه بعضهم بما في شعره من ميل للحزن، ومن تشاؤم يبلغ حد الفجيعة، مما يدعو للربط بين هذه المشاعر وانتحاره. أما عبد الفتاح النجار، فعده شاعرا مجددا.


والقصيدة لديه- مثلما جاء في كتابنا تيسير سبول من الشعر إلى الرواية- بنية تحتل فيها الوقفة المقطعية، والسلسلة الوزنية، والقافية، والروي، وتكرار الصوائت، والتلوين اللفظي، المجازي منه والاستعاري، والرمزي منه والمباشر، منزلة لا تقل علوًا عن منزلة الألوان في الرسم، والرخام في النحت، والأنغام في الموسيقى. ومثلما أثار شعره هذا الاهتمام أثارت روايته الوحيدة اهتماما أكبر، وحظيت بدراسات أكثر وأوفر. ففي مقدمة من تناولوها إلياس خوري (1974) وشكري الماضي (1978) وخالد الكركي، والأزرعي، وغالب هلسا، وعصام محفوظ (2000) الذي ربط ربطا له ما يسوغه بين انتحار سبول ومحاولة بطل الرواية(عربي) الفاشلة للانتحار بتناول علبة أسبرين، بيد أنه تراجع عندما سمع المؤذن يرفع عقيرته بنداء الله أكبر.

. وتعددت الآراء في هذه الرواية تعددا كبيرا، واختلفت اختلافا شديدا، فمن قائل إنها سيرة ذاتية مقنَّعة بقناع روائي، إلى قائل إنها قصة، لا رواية، كالتي تسمى لدى الغربيين novelette ومنهم من يعدها رواية حداثية على أساس أنها أول رواية تلجأ إلى توظيف تيار الوعي Stream of Consciousness. وفي مقال قصير لعبد الله إبراهيم (1999) ينوه لما في الرواية من سرد مزدوج، فهو يروي الوقائع بضمير المتكلم تارة، وبضمير الغائب تارة أخرى، أي أنه يراوح بين سارد مشارك وسارد عليم وموضوعي.

والنوع الأول يغلب على ما له صلة بعالم البطل الداخلي، والثاني يغلب على ما لا صلة له بعالمه الداخلي. والذي لا ريب فيه ولا شكك أن الرواية « أنت منذ اليوم « يصدق عليها وصف أحمد مجدوبة، فهي في نظره من روايات ما بعد الحداثة Post-Modernism. إذ تتصف بالزمن المتشظي، المتكسر، الذي لا ينحو فيه السارد المنحى الخطي التسلسلي، وتتصف بالحبكة المفككة Disjunctive ، واختلاط الراوي المشارك بالراوي كلي العلم. وضمير المتكلم بضمير الغائب. إلى جانب كثرة الفجوات Taps التي تتطلب من القارئ القيام بملء الفراغات ليبلغ تفاعله بما يقرأ الدرجة القصوى. علاوة على ما سبق، يغلب على رواية ما بعد الحداثة ما يسميه علماء السرديات المراوحة في الزمن Time Shifting إلى جانب اتباعه طريقة جديدة في تقديم الشخوص بحيث يكتفي بذكر أنصاف النعوت تاركًا للقارئ أن يتوصل للتكملة بنفسه.

عزاؤنا في تيسير سبول ما تركه لنا من أعمال على قلتها تشهد أنه جدير بالخلود.

 

 

 

المصدر: الدستور

16 Nov., 2021 10:35:39 AM
0