Direkt zum Inhalt
نبذه عن الكتاب
تموز في الشعر العربي المعاصر
Noch keine Bewertungen vorhanden

تنهض الأمم العظيمة من غفوتها تلوذ بتراثها لتستمد من إنجازاته الإنسانية، ثقة بقدراتها وإضاءات لمستقبلها، وعليه يُعدُ توظيف الأسطورة في الشِّعر العربي الحديث من ابرز الظواهر التي تُلفتُ نظر الدارسين، ووجود الأساطير في أشعار العرب ليس بالأمر الجديد، فقد ارتبط الشّعر العربي منذ نشأته بالأسطورة ارتباطا، فإذا كان الشاعر القديم قد استطاع أن يستحضر الظواهر الطبيعية المتمثلة في عناصر البيئة الحيوانية والمكانية والزمانية والكونية واستخدامها جزئيا كوسيلة بلاغية أكثر منها شِّعرية، فإنَّ الشاعر المعاصر تمثل الصورة كاملة فارتبطت برؤياه ارتباطا عضويا جعل من الصورة تعرض نفسها، فكان حضور الأسطورة تعبيرا عن موقف واقعي بوصفها معادلا موضوعيا لرؤيته المعاصرة، إذ تمكن من تحويلها إلى فيض داخلي يتخلل القصيدة فلا تكون مجرد استعارة يُستعاض فيها ببعض الشخصيات و الأحداث الوهمية. لقد اقترنت القصيدة العربية المعاصرة بالأسطورة كنسق بنيوي تزامني شعوري جوهره الرُّؤيا الشِّعرية ذات الطابع الحدسي الغيببي الصُوفِّي، وهذه من ابرز الانعكاسات الجمالية التي ميِّزت الشِّعر العربي الحديث، بمعنى أنَّ من إرهاصاته التأسيسية توجهه إلى إحياء الأساطير على شتى منابتها وأنساقها ومحاولة استثمار مادَّتها الأولية المعرفية وطاقاتها الدلالية الرمزية، خالعا عليها رداء إيحائيا معرفيا يتوافق والتجربة الإنسانية المستمدة من روح العصر الآني، والمتفاعلة جدليا وقضايا الإنسان.