Skip to main content
معرض دمشق للكتاب... الممنوع أكثر من المسموح

في محاولة لإعطاء بعد فكري وثقافي لمعرض الكتاب الدولي في مكتبة الأسد، الذي ينطلق اليوم الثلاثاء، اختارت وزارة الثقافة في حكومة النظام السوري، الفارابي، ليتم الاحتفاء به وعرض مجموعة من مخطوطاته المحفوظة لدى مكتبة الأسد. وبررت وزارة الثقافة هذا الاختيار بأن الفارابي «شخصية منفتحة ومبدعة في الفكر والموسيقى» وفق تعبير وزير الثقافة محمد الأحمد، الذي قال في مؤتمر صحافي عقده عشية انطلاق المعرض، بأن «لا مكان للكتاب الذي يسيء لثقافة سوريا ولتضحيات شعبها وما قدمه من شهداء»، أي لا مكان لكتاب يحمل أفكاراً معارضة للنظام. وشدد الوزير على أن الكتب التي ستعرض ستكون حديثة، وهذا الأمر «أزعج بعض الناشرين».
وتعد هذه الدورة الثالثة لمعرض الكتاب الدولي في دمشق خلال سنوات الحرب، فقد سبق وتوقف خمس سنوات قبل أن يعود للنشاط عام 2016، بمشاركة محدودة لدور نشر محلية عرضت محتويات مستودعاتها، بأسعار مخفضة، لا سيما الكتب المطبوعة في دول أخرى، حيث جرى التسعير بسعر صرف الدولار مائة ليرة سورية، في حين أن السعر الحالي لصرف الدولار يتجاوز الـ440 ليرة، أي أن الكتاب الذي يباع في الخارج بعشرة دولارات، (خمسة آلاف ليرة سوريا)، يباع في معرض دمشق بأقل من نصف سعره.


وتعول وزارة الثقافة في جذب الجمهور إلى معرض الكتاب على الإعلان عن توقيع 70 كتاباً في أجنحة المعرض، وتخصيص جناح لكتب الأطفال، وهي كتب باهظة الثمن لارتفاع تكاليف طبعها، وعلى عامل ثالث وهو الأهم التعاون مع شركة الجوال «سيرياتيل» لتأمين بث إنترنت مجاني لزوار المعرض!
تقول صاحبة إحدى دور النشر من المشاركين في المعرض: «في البلدان العربية التي لا تعاني من الحرب، يواجه الناشرون صعوبات كثيرة في ترويج الكتاب، فكيف هي الحال في بلد أنهكته الحرب، والغالبية العظمى من سكانه فقراء يعيشون على المساعدات؟ ناهيك عن الرقابة فقائمة الممنوعات (أطول بكثير) من قائمة المسموح به». ومع ذلك ترى الناشرة، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن من الواجب المشاركة في المعرض «للتأكيد على أن الكتاب في سوريا ما زال حياً».
وتتجه دور نشر إلى إصدار طبعات شعبية بأقل تكاليف ممكنة، مكتوب على غلافها تنويه «مخصص للبيع داخل سوريا»، وغالباً ما تكون كتباً رديئة من حيث الشكل والورق وحروف الطبع، فيما تحاول دور نشر محلية أخرى اعتماد آلة نسخ «الريزو» لإصدار عدد محدود من النسخ بتكاليف أقل، وبأسعار تلحظ القدرة الشرائية المتدنية عند السوريين.


عموماً، تعاني حركة النشر في سوريا من مشكلات كثيرة، ليس أولها التزوير وانتهاك حقوق الملكية، والخطوط الحمراء المتزايدة للرقابة على التأليف والنشر، ما أدى إلى شبه غياب العناوين الإشكالية عن قوائم الإصدارات الحديثة، لصالح تفوق العناوين غير المستفزة ككتب الطبخ وعلوم الأبراج والفلك، والغيبيات.
يُشار هنا إلى الحملة التي واجهتا وزارة الثقافة، الشهر الماضي، من قبل المثقفين، لإدراجها محاضرة للعراف الفلكي اللبناني مايك فغالي على جدول نشاطات المركز الثقافي بحي أبو رمانة، أحد أهم وأعرق المراكز الثقافية بدمشق، ما أجبر وزارة الثقافة على التبرؤ من المحاضرة، بزعم أن دعوته كان تصرفاً فردياً من قبل مديرة المركز!
جاءت هذه الدورة من معرض الكتاب الدولي بدمشق (31 يوليو /تموز/ ولغاية 11 أغسطس /آب/) تحت عنوان «مجتمع يقرأ... مجتمع يبني»، وتعد الأكبر من بين الدورات الثلاث الماضية حجماً ومشاركة، إذ يشارك في هذه الدورة نحو مائتي دار نشر محلية وبعض دور النشر الأجنبية والعربية من مصر ولبنان والعراق والمغرب وروسيا والدنمارك وإيران، وبنسبة حسومات تتراوح بين 20 في المائة إلى 40 في المائة، كما يتضمن النشاط الثقافي المرافق للمعرض مهرجاناً سينمائياً لأفلام المؤسسة العامة للسينما، ويوماً للأطفال تنظم فيها ورشات تفاعلية تحضيراً لإطلاق أول مهرجان خاص بكتب الأطفال في سوريا بعد شهرين، بالتعاون مع اتحاد الناشرين السوريين ومديرية ثقافة الطفل.

01 Aug, 2018 09:15:52 AM
0

لمشاركة الخبر