Skip to main content
الاهتمام بدراسة الشرق الأوسط يتزايد في أميركا اللاتينية

رغم أن الشرق الأوسط وأميركا اللاتينية منطقتان متباعدتان جغرافياً، ولكل منهما، نظرياً، لغة مختلفة عن الأخرى تماماً، توجد كثير من الروابط التي تجمع بين المنطقتين منها الثراء الثقافي، والحفاظ على التقاليد التي لا يزال لها وجود رغم مرور الأيام.
ويكتسب فهم المنطقتين وثقافة كل منهما قدراً أكبر من الأهمية مقارنة بأي وقت مضى، حيث يزداد تأثير كل من أميركا اللاتينية والشرق الأوسط على الشؤون العالمية.


لذلك، ليس من المستغرب مباشرة أهم الجامعات في أميركا اللاتينية خلال العقد الماضي بتقديم برنامج دراسي واحد على الأقل عن العالم العربي، في حين تدرس كثير من الجامعات الأخرى حالياً اللغة العربية، والتي تمثل جزءاً أساسياً من دراسة ثقافة الشرق الأوسط. 
كذلك تتزايد تغطية وسائل الإعلام اللاتينية لأخبار الشرق الأوسط مع تطور العلاقات السياسية والاقتصادية التي تربط بين بلاد المنطقتين.


يوضح إيوهينيو تشاوهان، أكاديمي يعمل لدى «مركز الدراسات العربية» التابع لكلية الفلسفة والعلوم الإنسانية بجامعة تشيلي، أن هذه الكلية، التي تم تأسيسها عام 1955، تعد رائدة في دراسة الشؤون العربية، ويشير إلى أنها الوحيدة المتخصصة في تلك الدراسات في المنطقة بأكملها. ويضيف قائلاً: «تشمل مجالات البحث والتحليل الدراسات التاريخية والثقافية الفلسطينية، وثقافة الحركية والدينامية الكلاسيكية، والفكر العربي المعاصر».


يقع المركز في سانتياغو، عاصمة تشيلي، والتي تسكنها أكبر جالية فلسطينية في المنطقة. تلقى المعلمون، الذين يعملون في المركز، تدريباً في عدة جامعات في الشرق الأوسط خاصة مصر. بحسب تشاوهان، وهو تشيلي من أصول فلسطينية، بدأت أول علاقات أكاديمية بين المنطقتين في حقبة جمال عبد الناصر، ويورد ثلاثة أسباب دعت إلى تأسيس المركز وهي: «اهتمام الخلف بنشر ثقافتهم على المستوى الجامعي، واهتمام جامعة تشيلي بفتح مجالات للدراسات العربية، والإرادة والرغبة السياسية للحكومة المصرية. 
كانت الفكرة هي إقامة جسور تربط مباشرة بين العالم العربي وأميركا اللاتينية». وأضاف قائلاً: «ليس من الممكن التفكير في الوضع الراهن لثقافة العالم دون التمعن في الثقافة العربية، وما تعنيه وما سوف تعنيه كبوابة للتطور والتنمية».
يعمل في مركز الدراسات العربية بجامعة تشيلي 12 أستاذاً متخصصاً، ويقدم المركز مجموعة متنوعة من البرامج الدراسية، التي يصل عددها إلى نحو 20 برنامجاً سنوياً، وأكثرها في الدراسات العليا، أو التخصصات التي تبلغ مدة دراستها عاماً واحداً فقط. يوجد حالياً نحو مائة طالب يتم تدريبهم بشكل حصري في المركز، فضلاً عن آخرين ملتحقين ببعض الصفوف الدراسية لكنهم يدرسون تخصصات أخرى مثل العلاقات الدولية أو التاريخ. كذلك تقدم جامعات أخرى في الأرجنتين، والبرازيل، والمكسيك برامج دراسية جادة مرموقة لدراسة الثقافة العربية، حيث يستقر الجزء الأكبر من المهاجرين العرب في أميركا اللاتينية في تلك البلاد.
لا يمكن إدراك وفهم أهمية الشرق الأوسط دون التقرب من لغته. لذا يتزايد عدد الذين يقبلون على خوض مغامرة تعلم اللغة العربية في أميركا اللاتينية. يكون التعليم إما احترافياً في جامعة، أو في إطار غير رسمي في أكاديميات أو معاهد تنتشر في أنحاء القارة.
يؤكد اللغويون الخبراء أن جمال وثراء اللغة الإسبانية يرتبط بصورة مباشرة باللغة العربية، حيث بدأ تأثير اللغة العربية على الإسبانية عندما كانت شبه جزيرة أيبيريا تحت حكم المسلمين. وكان ذلك التأثير عظيماً؛ حيث تعود أصول أكثر من 15 في المائة من مفردات اللغة الإسبانية إلى اللغة العربية. وهناك بعض الكلمات التي تحتفظ بالشكل نفسه في اللغة العربية، وإن اختلفت طريقة نطقها أحياناً.


يقدم مركز الدراسات العربية بجامعة تشيلي ثلاثة مستويات من تعليم اللغة العربية: المستوى الأساسي، والمتوسط، والمتقدم. مدة هذا البرنامج بالكامل ثلاث سنوات، ويضمن تمكّن الطلبة من تحدث اللغة بطلاقة. ويقول تشاوهان للطلبة مطمئناً إياهم: «إنها ليست لغة من الصعب تعلمها، فالأمر فقط هو أن الحروف مختلفة تماماً، وهي لغة منطقية للغاية، وقواعدها النحوية منطقية أيضاً إلى حد كبير، ويمكن تعلمها بسهولة».
وأضاف قائلاً إن القواعد النحوية للغة العربية أكثر تحديداً ودقة من القواعد النحوية للغة الإسبانية. وأوضح قائلاً: «مفردات اللغة العربية وفيرة وغزيرة إلى حد يجعل عملية تعلمك لا محدودة ولا متناهية. إنها لغة في غاية الثراء والاتساع».
مرة أخرى، تظهر اللغة والثقافة كجسور تربط بين عالمين متباعدين لديهما تاريخ مشترك. لا يتم الحفاظ على تلك الروابط والصلات من خلال الدراسات الأكاديمية فحسب، بل أيضاً من خلال العرب المهاجرين الكُثر الذين اتخذوا أميركا اللاتينية وطناً لهم.

17 Jan, 2018 10:16:07 AM
0

لمشاركة الخبر