Skip to main content
"تاريخ عالمي للسعادة": عكس التوجه العام

"تاريخ عالمي للسعادة": عكس التوجّه العام

من المعروف أن المؤرّخ الفرنسي آلان كوربان قد أقام مشروعه التأليفي على الكتابة حول مواضيع بقيت بعيدة عن تناول المؤرّخين، فوضع أعمالاً فريدة حول تاريخ الروائح وتاريخ الصمت وتاريخ العشب وغيرها من المواضيع الطريفة، وكان آخر أعماله حول تاريخ الجهل. 

ضمن مدوّنته، كثيراً ما أشار كوربان إلى أن تواريخ كثيرة لم تكتب بعد، وتمنّى لو يواصل الباحثون جهوده فيها، ومن هنا كانت تنطلق مشاريع بحثية بعضها يشرف عليها، وبعضها الآخر يربطها به عقد معنويّ كما هو الحال مع الكتاب الجماعي الذي صدر مؤخراً بعنوان "تاريخ عالمي للسعادة" والذي أشرف عليه الباحث فرانسوا دوربين الذي أشار إلى أن العمل ينطلق من لمحات أفكار ظهرت في أعمال كوربان، ولذلك فقد طلب من هذا الأخير أن يضع مقدّمة للكتاب

 

الكتاب الذي صدر عن منشورات "كلاسيك ميدي"، حظي بترحاب واسع من الساحة الثقافية الفرنسية حيث يأتي على نقيض معظم الكتابات الفكرية والتاريخية اليوم، والتي تحاول أن تواكب أحداث العالم مع انتشار فروس كورونا، فتزيد بذلك في نشر الإحباط والكآبة التي تسم شرائح موسّعة من الجمهور.

تبعاً لذلك، فقد رافقت الكتاب نزعة دعائية دفعته إلى المراتب الأولى في قوائم الأكثر مبيعاً، وهي مواقع قلّما كانت تقف فيه كتب أعمال ضمن مجال الكتابة التاريخية. أهم دفعة حظي بها الكتاب أن شبكة "فرانس تيليفزيون" (القنوات العمومية الفرنسية) اعتبرته أكثر الكتب المنصوح بها في صيف 2020.

تاريخ العالمي للسعادة

ينقسم الكتاب إلى مجموعة من المقالات غير المترابطة، ما يجمعها ربّما هو طرافتها إذ تطرح أسئلة من قبيل: هل أن الإنسان البدائي أكثر سعادة منا؟ وهل توجد علاقة بين مؤشرات السعادة ودرجة الرفاه، خصوصاً في وجهه التكنولوجي؟ وأي علاقات تعقدها الأديان اليوم بمفهوم السعادة؟ وهل أنه لا يزال مفهوماً أساسياً في الفلسفة كما هو الحال لدى الإغريق؟

إلى جانب المؤرّخين شارك في العمل باحثون في الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع وعلم النفس والفلسفة والدراسات الأدبية، وعددهم الإجمالي ستّون باحثاً جميعهم من فرنسا أو بلدان مجاورة، وهو ما يطرح سؤال إن كان "التاريخ العالمي للسعادة" عالمياً بالفعل؟ صحيح أننا نعثر خلال صفحات الكتاب على حديث عن السعادة في اليابان والصين والشعوب الأفريقية وفي مصر الفرعونية، لكن دائماً من منظور الرجل الأبيض، ذاك الذي دمّر سعادة الكثير من الشعوب وهو يوصل لها "الحضارة".

 

 

المصدر:العربي الجديد

20 Sep, 2020 05:08:20 PM
0

لمشاركة الخبر