Skip to main content

درس في الكاريزما: كيف تكسب المؤيدين وتؤثر في الناس

ما أن يكون لديك كاريزما أو لا؟ لم يعد الأمر كذلك: استخلص علماء النفس العناصر الأساسية للكاريزما وحولوها إلى مهارة يمكنك تعلمها.

ما العامل المجهول؟

ما العامل المجهول؟

الكاريزما سمة ستجدها في نيلسون مانديلا، وريتشارد برانسون، وتتمتع أونغ سان سو تشي بها بطريقتها الهادئة، وكان ستيف جوبز يتمتع بكاريزما أيضًا، مع أنه كان يلجأ إلى بعض الحيل لتعزيزها. باراك أوباما لديه كاريزما، أو على الأقل كانت لديه كاريزما. الكاريزما هي إحدى السمات الشخصية التي تحظى بتقدير عالٍ لدينا. ولكن ما هي بالضبط؟ هل تولد بها، أم أنك تستطيع تعلمها؟ لماذا نلهث وراءها على هذا النحو؟ والأهم من ذلك — فيما يتعلق برئيس الولايات المتحدة أوباما على الأقل — هل يمكن أن تفقدها؟

مع أننا نتعرف عليها ما إن نراها، فمفهوم الكاريزما يظل مراوغًا. في عُرف قدماء الإغريق، كانت تُعرف باسم ethos أي الجاذبية المقنعة. وأطلق عليها الكاتب المسرحي الياباني زيامي — أحد معاصري جيفري تشوسر — اسم hana، أي أعلى مستويات ما أطلق عليه «قمة السحر الذي لا يُضاهى». وفي قواميس اللغة الإنجليزية، لا يزال المفهوم يحمل دلالات سحرية مثل «قوة أو موهبة من الله» تجعل الشخص قادرًا على التأثير في الآخرين أو إلهامهم.

لا يستطيع علماء النفس المعاصرون الاتفاق على تعريف للكاريزما، ولكنهم بدءوا يدركون ماهيتها ومدى تأثيرها. وما يسرُّ أي شخص يطمح إلى إحداث تحول في أمة — أو إلى مجرد الاستحواذ على عقول الضيوف في حفل عشاء — أن بعض جوانب الكاريزما يمكن تعلمها. قد يجعلنا هذا نتساءل بشأن القيمة التي نعلقها على هذه السمة التي تُعد أكثر السمات الشخصية جاذبيةً.

في عالمنا هذا المكتظ بوسائل الإعلام الذي تتصل أرجاؤه بعضها ببعض اتصالًا دائمًا، تصبح الكاريزما أهم من أي وقت مضى، وخاصةً لأي شخص في دائرة الضوء. يرى جوزيف روتش — المؤرخ المسرحي بجامعة ييل الذي ألّف كتابًا عن الكاريزما بعنوان «هي» («يونيفرسيتي أوف ميشيجن برس» ٢٠٠٧) — أنه يجب أن يكون لدى الممثلين كاريزما وإلا سيواجهون صعوبة في العثور على أدوار يمثلونها.

إن الظهور كشخصية كاريزمية أمر بالغ الأهمية للقادة أيضًا، من وجهة نظر مايكل موريس الأستاذ بكلية كولومبيا للأعمال في نيويورك. وليس قادة العالم هم من يستفيدون وحدهم من هذا. فالكاريزما وسيلة فعّالة للتوحيد بين أعضاء مجموعة ورفع سقف التوقعات، ومن ثَم، فهي لا تُقدر بثمن لأي شخص يقتضي عمله أن يقود فريقًا أو يقنع آخرين بفكرة جديدة. يقول موريس: «ليس من الضروري أن تتمتع بشخصية كاريزمية حتى تكون مديرًا جيدًا، ولكن من المفيد جدًّا أن تبدو كاريزميًّا عندما تحاول تأسيس أو تغيير مؤسسة.»

ما العوامل التي تجعل بعض الأشخاص ذوي شخصية كاريزمية دون غيرهم إذن؟ قد يكون للجينات دور في هذا. درس ناثان فوكس، الباحث في مجال التنمية الاجتماعية بجامعة ماريلاند في كوليدج بارك، الأداء الاجتماعي للأطفال الصغار ووجد أن بعض الأطفال يمكن تصنيفهم على أنهم منبسطون اجتماعيًّا من عمر مبكر يبلغ ٤ أشهر؛ حيث يتفاعلون مع البالغين ومع أقرانهم ويتسمون عامةً بمزاج مرح («ديفيلوبمنت سايكولوجي»، مجلد ٤٧، صفحة ٧٦٥). وفرص هؤلاء الأطفال أكبر في أن يكبروا ليصبحوا أصحاب شخصيات كاريزمية، ولكنهم يحتاجون إلى سمات أخرى أيضًا. يقول فوكس: «أتصور أن الكاريزما ليست أمرًا متعلقًا بالمهارة الاجتماعية فحسب، وإنما أيضًا بالصورة الإيجابية للذات.» مشيرًا إلى أن هذا يظهر غالبًا أثناء مرحلة الطفولة المتوسطة ويكون نتاجًا للمزاج الفطري وظروف الطفل وبيئته.

يتبنى روتش وجهة نظر مختلفة، ففي رأيه: «يكمن السر في جاذبية غامضة تقنع الآخرين بإخضاع أنفسهم لشخص غامض.» يعتقد روتش أن التناقضات تلعب دورًا حيويًّا في هذا. فأوباما مثلًا يبدو حنونًا وقاسيًا، أبيض وأسود، عاش بين هاواي الاستوائية وشيكاجو الرملية. ويضيف أنه بالمثل نجد الممثلة جوليان مور رائعة لأنها تنجح في إعطائنا انطباعًا بكل من القوة والضعف. قد تتسبب ظروف معينة في إبراز الكاريزما أو تنميتها. يوضح روتش أن «ديانا الخجولة» وقت زواجها بالأمير تشارلز أصبحت في النهاية «أميرة القلوب». ويضيف أن الأميرة ديانا كان عليها أن تبحث في أعماقها لتجد الكاريزما التي طالما كانت بداخلها.

تصبح الكاريزما من منظور روتش شيئًا مثل العامل المجهول الذي يكون بداخل بعض المحظوظين منذ ولادتهم. ويشبّهها بطبقة الصوت المثالية: إذا كانت لديك فيمكن صقلها، وإذا لم تكن لديك فمن الصعب أن تحسنها ولن تحصل عليها بصورتها المثالية أبدًا. بَيْد أن هناك وجهات نظر أخرى ترى أن الكاريزما مجموعة من السمات التي قد يتمتع بها أفراد مختلفون على نحو طبيعي بدرجة أو بأخرى، بالرغم من عدم وجود إجماع على ماهية هذه السمات.

بناءً على أكثر من ثلاثة عقود من الأبحاث، حدد رونالد ريجيو — اختصاصي علم النفس بكلية كليرمونت ماكينا في كاليفورنيا — ست سمات أو مهارات يعتقد أنها ضرورية: القدرة على التعبير العاطفي والحماس والبلاغة والثقة في النفس والرؤية وسرعة الاستجابة للآخرين. حتى يراك الآخرون كاريزميًّا، من المهم أن توازن بين هذه العناصر، هكذا يرى ريجيو. فقد يؤدي فرط التعبير العاطفي مثلًا إلى الانتقاص من الكاريزما الشخصية؛ يذكرنا هذا بالفنانين الكوميديين روبين ويليامز أو جيم كاري.

وتنعكس فكرة اشتمال الكاريزما على مجموعة من السمات أيضًا في مقياس كونجر كانونجو للقيادة الكاريزمية، وهو أحد مقاييس الكاريزما الأكثر شيوعًا والمثبتة صحته. يتكون هذا المقياس من ٢٠ بندًا تهدف إلى تقييم نقاط القوة في خمسة جوانب: الرؤية وسرعة الاستجابة للآخرين وسرعة الاستجابة للفرص والإقدام على المخاطر واتباع طرق غير تقليدية.

تشير هذه الرؤية النموذجية للكاريزما إلى إمكانية صقل بعض جوانبها. فالبلاغة تتحسن بالممارسة. أما الحماس فيمكن تصنعه. ويستطيع الناس أن يتعلموا كيف يصبحون أكثر استجابة للآخرين. حتى القدرة على التعبير العاطفي يمكن تحسينها، وفقًا لما أورده دين سيمونتون الأستاذ بجامعة كاليفورنيا في دافيس، في كتابه المتميز «لماذا ينجح الرؤساء» («ييل يونيفرسيتي برس»، ١٩٨٧). وجد دين أن أكثر الرؤساء الأمريكيين نجاحًا كانوا يستخدمون لغةً ثرية بالمفردات تنقل عواطف أساسية يتجاوب الجمهور معها مثل الحب أو الكراهية أو الطمع. أي شخصية تأمل في أن تصبح كاريزمية يجب أن تستخدم جملة مثل «أشعر بآلامكم» بدلًا من «أتفهم وجهة نظركم».

الرؤية — أو الظهور كشخصية حالمة — سمة يمكن أيضًا اكتسابها أو تعزيزها. قضى ستيف جوبز الذي ساهم في تأسيس شركة أبل نحو ١٠ ساعات في التدريب على إلقاء عروض تقديمية مدتها ١٠ دقائق لتبدو وكأنها ارتجالية، وكان لهذا دور محوري في شهرته التي حظي بها كشخصية حالمة وقائد كاريزمي، على حد قول موريس الذي نشر بحثًا عن هذا الموضوع في العام الماضي («جورنال أوف مانجمنت»).

القادة الحالمون

سعى أوباما كذلك إلى الارتقاء بوضعه كشخصية «حالمة». فبعد الغارة التي أدت إلى مقتل أسامة بن لادن مؤسس تنظيم القاعدة، يقول موريس: «أعلن أوباما أن جهاز المخابرات لم يكن متأكدًا من وجود أسامة بن لادن في الموقع إلا بنسبة ٥٠٪، ولكنه كان يشعر بوجوده، لذا فقد خاطر واتخذ خطوته.» ويضيف موريس قائلًا: «بدا لي أن المخابرات كانت متأكدة بنسبة ٩٩٪. ولكن رواية أوباما جعلته يبدو حالمًا أكثر.»

يرى موريس أن القادة الذين يستطيعون التأثير في الجمهور ببلاغتهم الخطابية، والذين يشعرون بالارتياح مع الأحداث التمثيلية ويرغبون في التعبير عن رؤية مستقبلية يستطيعون استثارة عقلنا الباطن، كما يفعل سحرة الشامان في بعض المجتمعات التقليدية. ويعتقد موريس أيضًا أن هذه الأمور يمكن تعلمها؛ يعقد موريس دورات تدريبية في كلية كولومبيا للأعمال تهدف إلى رفع مستوى الأداء في هذه الجوانب.

ويقدم معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا برامج تدريبية للمسئولين التنفيذيين في قطاع الأعمال الذين يريدون تعزيز الكاريزما لديهم. ولكن بدلًا من تعليمهم كيف يصبحون شخصيات حالمة أكثر أو ينمون قدرتهم على التعبير العاطفي أو بلاغتهم، يتبع ساندي بنتلاند وزملاؤه نهجًا مختلفًا. فباستخدام أدوات ذكية مثل الشارات الإلكترونية التي تسجل معلومات مثل نبرة الصوت والقرب من الآخرين والإيماءات، تعرّف الفريق على أربعة أنماط من الإشارات الاجتماعية غير الكلامية التي يعتقدون أنها لبنات مهمة في أساس الكاريزما.

أولًا: المحاكاة: غالبًا ما تشمل التفاعلات التي يكون الشخص الكاريزمي طرفًا فيها مزيدًا من التقليد اللاشعوري للغة الجسد مثل تبادل الابتسامات والإيماء بالرأس. ثانيًا: تُظهر الشخصيات الكاريزمية مستويات مرتفعة من النشاط؛ فتبدو عليهم مثلًا الإثارة لا الفتور، مما يوحي باهتمامهم وحماسهم. ثالثًا: يعكس حديثهم وحركاتهم درجة عالية من الاتساق والانسيابية. وأخيرًا، يمكن قياس تأثير الشخص عن طريق تقييم مدى قدرته على جعل الآخرين يقلدون أنماطه الكلامية لاشعوريًّا.

عن طريق تحليل هذه الإشارات وحدها، يستطيع بنتلاند التنبؤ بالمسئولين التنفيذيين الذين سيحققون النجاح الأكبر في إقناع مجموعة من أقرانهم بخطط العمل التي يضعونها. ويرى أنه «ليس ما تقوله هو المهم، ولكن المهم هو الطريقة التي تقوله بها» («أمريكان ساينتيست»، مجلد ٩٨، صفحة ٢٠٣). ويضيف بنتلاند أنه يصعب تزييف هذه الأنواع من الإشارات الاجتماعية. ولكن فريقه يعمل حاليًّا على أداة تُعرف باسم «وسيط الاجتماعات»، وهي تجمع المعلومات الصوتية والحركية التي تصدر عن كل فرد في المجموعة وتقدم تقييمًا فوريًّا لأنماطهم التفاعلية بهدف تحسين الإشارات الاجتماعية التي يصدرونها، ومن ثم تحسين نتائج الاجتماع.

وفضلًا عن تقديم دلائل عن كيفية تعزيز الكاريزما، تستطيع اكتشافات بنتلاند أيضًا إلقاء الضوء على منشأ الكاريزما. إذا كانت العناصر الأساسية التي تقوم عليها الكاريزما هي إشارات اجتماعية تسبق اللغة الكلامية، فإن هذا يشير إلى أنها سمة تطورت منذ القِدم. بصفة عامة، غالبًا ما يشجع إرسال الإشارات الاجتماعية الأفراد على الاتفاق على رأي جماعي، لذا يُحتمل أن هذه الإشارات قد تطورت للمساعدة على خلق مجموعات اجتماعية مستقرة. ولكن المجتمعات الإنسانية، من منظور بنتلاند، لا يجب أن تكون مستقرة على نحو مفرط، وإلا فلن تتمكن من اتخاذ ذلك النوع من الخطوات الواسعة التي أثمرت عن ثورات تكنولوجية واجتماعية، وهنا يأتي دور الشخصيات الكاريزمية. فلتغيير ثقافة ما، لا بد من وجود شخصية كاريزمية تقود التغيير.

ليس بنتلاند وحده هو من يعتقد أن الكاريزما تُطلق شرر الثورات. هناك البعض ممن يظنون أن القادة الذين يُحدثون تغييرًا جذريًّا هم وحدهم من يُعَدون شخصيات كاريزمية بحق. يقول تاكيس باباس، أحد مناصري هذه الفكرة بمعهد الجامعة الأوروبية في فلورنسا بإيطاليا، إن ستيف جوبز ينتمي لهذه الفئة، وكذلك شارل ديجول ومارجريت تاتشر وأدولف هتلر وجوزيف ستالين. وحيث إن بعض الأسماء الواردة في هذه القائمة تشهد على صحة هذا، يمكن أن تكون الكاريزما قوية جدًّا وأن يصبح لاستخدامها عواقب مفرِّقة للجماعات أو حتى كارثية. توفر الديمقراطية ضوابط وموازنات للحد من إساءة الثوريين ذوي الشخصيات الكاريزمية استخدام السلطة، ولكن تظل الكاريزما قوة خبيثة (انظر عنوان: «تقديس الشخصية»).

ثمة سبب آخر يدعونا للحذر من الكاريزما، وهو أنها قد تكون غير مدعومة بقدرة حقيقية. اكتشف راكيش كورانا بكلية أعمال هارفارد أن الشركات الأمريكية التي تبحث عن قائد جديد تسعى وراء الكاريزما قبل أي شيء، ولكن النتائج قد تكون مخيبة للآمال. يرى كورانا أنه في ظل ظروف السوق الغامضة، يستطيع الرئيس التنفيذي صاحب الشخصية الكاريزمية رفع أسعار أسهم الشركة، ولكن هذا لن يدوم طويلًا لأن ذلك الشخص قد يجيد توصيل صورة أكثر من إجادته لإدارة عمل تجاري. مع أن المديرين التنفيذيين الأكفأ يمكنهم اكتساب المزيد من السمات الكاريزمية، فإن حقيقة تدريس الكاريزما حاليًّا في كليات الأعمال ربما تزيد المشكلة تعقيدًا بالفعل.

بالإضافة إلى هذا، إذا وضعنا ثقتنا في القادة ذوي الشخصيات الكاريزمية، فإن احتمال تبخّر الكاريزما لديهم يظل قائمًا. حدث هذا لتوني بلير وبيل كلينتون. فكلاهما يُعتقد أن لديه كاريزما شخصية رائعة، ولكن عندما كانا في منصبيهما تسببت سياساتهما المستهجنة أو نقاط ضعفهما الشخصية في انحدار الكاريزما القيادية لهما. وربما يلاقي أوباما المصير نفسه. ففي مستهل عهده بالرئاسة، كان يُلقب برمز الأمل. ومؤخرًا، وُجهت له انتقادات اتّهمته بالتنازل والأنانية والبعد عن شعبه. بالطبع هو لا يزال نفس الشخص، ولكن المهم هو رؤية الآخرين له. ذكر جوزيف ناي، العميد الأسبق لكلية جون إف كينيدي للإدارة الحكومية بجامعة هارفارد، في وقت سابق من هذا العام أن «جزءًا من كاريزما أوباما كان يكمن في عيون مؤيديه.» ويضيف قائلًا: «الأوقات الاقتصادية العصيبة تجعل الاحتفاظ بالكاريزما أمرًا صعبًا.» مشيرًا إلى أن الكاريزما الشخصية أيضًا مرهونة بالموقف.

حتى روتش يوافق على أن الكاريزما لدى السياسي قد تتراجع عندما يرتبط ذلك السياسي بسياسات لا تحظى بشعبية. يقول: «لكنني أتصور أنه لو أن باراك أوباما دخل إلى الغرفة الآن لما قلت إنه فقد شخصيته الكاريزمية.» سيكون أداؤه في الانتخابات الرئاسية بالولايات المتحدة في شهر نوفمبر اختبارًا مهمًّا. ويضيف روتش قائلًا: «لم يحدث أبدًا أن أُعيد انتخاب صاحب منصب في ظل اقتصاد متعسر كهذا. إذا انتُخب مرة أخرى، فسيرجع الفضل في هذا إلى جاذبيته الشخصية؛ إلى الكاريزما.»

تقديس الشخصية

كانت جانجا لاليتش تبلغ من العمر ٣٠ عامًا عندما انضمت إلى ما تعده الآن طائفة سياسية. كان حزب العمال الديمقراطي جماعة ماركسية لنينية راديكالية تأسست في سان فرانسيسكو عام ١٩٧٤ على يد مارلين ديكسون؛ أستاذة علم الاجتماع سابقًا. «كانت تتحدث بلباقة وسلاسة وهي تلقي تلك المحاضرات الرائعة، حتى ظننا جميعًا أنها لنين يُبعث من جديد»، هكذا رأتها لاليتش، أستاذة علم الاجتماع في جامعة ولاية كاليفورنيا في تشيكو، التي ألّفت العديد من الكتب عن الطوائف الدينية المتعصبة.

من وجهة نظر لاليتش، يحتاج أي شخص بصدد تأسيس طائفة إلى الكاريزما لإقناع الآخرين بالانضمام إليها. وبدونها «لن يكون سوى منادٍ بلا مجيب». بل، فوق كل هذا، يستطيع زعيم الطائفة ذو الشخصية الكاريزمية فرض نفوذ هائل دون أدنى مجهود. هناك مثلًا المعلم الروحي الهندي باجوان شري راشنيش الذي كان يرأس معتَزَلًا روحيًّا شهيرًا — أو ما يُطلق عليه مُعتكفًا — في بونا بالهند في سبعينيات القرن الماضي قبل أن ينتقل إلى الولايات المتحدة ويؤسس مجتمعًا دوليًّا في ولاية أوريجون (حيث حشد مجموعة من سيارات الرولزرويس التي اشتراها له تابعوه). تقول لاليتش: «مضت أعوام لم ينبس فيها بنبت شفة، فكل ما كان يفعله هو الجلوس متحجرًا أمام تابعيه.»

كانت ديكسون شخصية كاريزمية دون أدنى شك، ولكن كان بها أيضًا جانب مظلم. ترى لاليتش أن أكثر السمات الشخصية شيوعًا بين زعماء الطوائف في الواقع ليست الكاريزما وإنما السيكوباتية: «كل ما فعلته في الماضي وأراه الآن مروعًا، فعلته بناءً على طلبها، وكنت أؤمن أنها كانت تعرف الصواب.»

تصف لاليتش تجربتها في «الاختيار المقيد: المؤمنون المخلصون والطوائف الكاريزمية» («يونيفرسيتي أوف كاليفورنيا برس»، ٢٠٠٤). ولم تدرك الواقع المؤلم للحياة في حزب العمال الديمقراطي إلا حينما توفيت والدتها وحثوها على عدم حضور جنازتها. في عام ١٩٨٦، عندما كانت ديكسون مسافرة خارج البلاد، عقدت قيادة الحزب المنهكة اجتماعًا. تقول لاليتش: «نظر كل منا إلى الآخر وقلنا، «إننا في طائفة!» ثم حللنا المنظمة، وخرج منها الجميع.»

29 Mar, 2017 10:49:35 AM
0

لمشاركة الخبر