Skip to main content
رحيل الشاعر العراقي معد الجبوري في مدينته الموصل

توفي صباح يوم السبت الاول من نيسان / ابريل في مدينة الموصل الشاعر العراقي معد الجبوري عن عمر 71 عاما إثر مرضٍ لم يمهلهُ طويلاً، وهو آخر الشعراء العراقيين الذين ابدعوا في كتابة المسرحية الشعرية ، وقد رفد الحركة الثقافية العراقية والعربية فكرا وشعرا ومسرحا على مدى اكثر من خمسين عاما.

نعى نجل الراحل حارث معد ، والده الشاعر العراقي الموصلي الكبير معد الجبوري اليوم السبت الاول من نيسان 2017 في داره الكائنة في حي النور بمدينة الموصل بقوله :"والدي معد الجبوري في ذمة الله ... لا اعلم من أعزي.. أعزيكم أم أعزي نفسي أم أعزي العراق أم اعزي الحركة الثقافية التي رفدها فكرا ، وشعرا ، ومسرحا على مدى اكثر من خمسين عاما ،سابقى اذرف الدموع عليه ماحييت .... تركني في هذا العالم - الغابة مع حمل ثقيل وارثٍ كبير لايحمله جبل أينما أولي وجهي أرى عواصف ورعود وغبار كلماته هنا وهناك تلفح جسدي المرتجف وكلماته المحفورة في صخر هذه المدينة وقلوب الناس ، كان ابا واخا ومعلما نهلنا كلنا من منبعه الرافد وحرائق كلماته… مع الساعات الاولى من نيسان 2017 فاح عبير روحه مع عبير الزهور الى السماوات . وداعا معدالجبوري وداعا معد الشعر ، والاصالة وداعا ابا الحارث الى رحمة وانا لله وانا اليه راجعون

.

حسرته .. قصيدة موصلية

على الرغم من المحنة التي تمر بها مدينته الموصل، والتي لم تتعرض لها مدينة عربية في العصر الحديث ،الا انه بقي يتطلع الى الامكنة فيها ويعيش ذكريات طفولته وصباه وشبابه ، فقد كانت حسرته عليها تتفجر قصيدة باللهجة الموصلية عنوانها (بوسي وشمي/ بوسة وشمة) يقول مطلعها (ما ظل الا الزمن الاعمى/ يلعب بينا جوله وطمي / بلحظة كبغنا وكنا زغاغ/ تفرقنا وما ظلت لمي/ يا موصل يا حبة قلبي/ يا للي حبك مجبول بدمي) .

سيرة ذاتية

والراحل واسمه الكامل معد أحمد حمدون الجبوري ،ولد عام 1946 بمدينة الموصل ،تخرج في كلية الشريعة بجامعة بغداد 1968،عمل مدرساً ثم مديراً للنشاط المدرسي في تربية محافظة نينوى, وعمل مديراً للمجمع الإذاعي التلفزيوني في محافظة نينوى حتى عام 2003. وهو عضو اتحاد الأدباء في العراق منذ 1970, وعضو نقابة الفنانين في العراق منذ 1980, ورئيس لفرع نقابة الفنانين في نينوى بين 81-1986. ثم انقطع عن العمل الوظيفي في نيسان عام 2003 .. وبطلب منه أحيل على التقاعد

نشر إنتاجه الشعري في أبرز المجلات والصحف العربية والعراقية منذ أواخر الستينيات، ومثل العراق في العديد من مهرجانات الشعر خارج العراق (تونس - اليمن - المغرب - بنغلادش - سورية - مصر )،عرضت أعماله المسرحية على خشبة المسرح عشرات المرات في العراق وخارجه.

دواوينه الشعرية: اعترافات المتهم الغائب 1971 - للصورة لون آخر 1974- وردة للسفر 1982 - هذا رهاني 1986 - آخر الشظايا 1988, طرديات أبي الحارث الموصلي– كتاب المكابدات - أوراق الماء – حُرَق في فضاء الأرق – في مهب دمي ، أوراق من الضفة الثالثة - 2013 ووقت لحرائق الكلمات -2014، وعدد من المسرحيات منها: آدابا 1977 - شموكين 1980 - الشرارة 1986 - مسرحيات غنائية (بالاشتراك) 1986.

ترجمت أعماله إلى العديد من اللغات الأجنبية كالإنجليزية, والإسبانية, والألمانية, والروسية, والهنغارية. كما كتبت عنه عشرات البحوث والدراسات والمقالات النقدية.

كلمات نعي

فقد نعاه الشاعر امجد محمد سعيد بقوله : انعي اليكم يا اصدقائي الشاعر العظيم والصديق الكبير والانسان الرائع معد الجبوري وانا لا اكاد اصدق , انعي اليكم صديق العمر كله صديق خمسين عاما من الشعر والمحبة والسفر والصداقة والجمال , صديق الصبا والشباب والرجولة والكهولة والشيخوخة . صديق الموصل وبغداد صديق الازقة والنهر والغابات والشجر والامطار , رحمك الله يا صديقي وكنت قبل ساعات قد استلمت منك كتاب ذكرياتك رحمك الله يا ابا الحارث لقد ادميت قلبي .

كما نعاه صديقه صفاء ابو سدير بقوله : ابا الحارث، برحيلك فقدت موصلنا أحد ربيعيها ،كنت احلم ان تعود للبلاد روحها، موصلها، وآتي لعناقك فأراك كما عهدتك، نجما يضيء سماءها ونبع محبة وطيبة تفيض في أرضها، وارى موصلكٓ حيةً تستعيد ربيعها بإبداع ابنائها، سأقرأها في عينيك كتابك المفتوح (كما اعتدت ان تقول)، فالمدن بلا رموزها ومبدعيها مجرد حجر، واشهد الى جانبك عرضا لإحدى مسرحياتك الشعرية فيها، مسرحك الذي ظل متمسكا بالشعر وبجلال التراجيديا، وكأنه، كما انت، مكابرا بنظامه الجليل على نثر العالم وفوضاه الضاربة، واعيش معك لحظة تطهر في فصل أخير من تراجيديا إغريقية نبكي بها معا بلادنا اضاعتنا واضعناها، ساستعيد لحظتها مشهد نبل وفروسية يليق بك؛ لا اجد سببا يدفعك للمجازفة بموقعك وحياتك، سوى نبلك، لتحمل الي يوما ما ملفا كتبه العسس عني وتُريني الوضاعة التي كانت تدومّ حولنا. هو الترفع ذاته الذي كنت أراه في قصيدتك وفِي مسرحك الذي كنت مصرا على تصوغه شعرا مثل تراجيديا إغريقية، وكأنك مصر أبدا على تذكيرنا بالجلال في زمن الوضاعة، يا صاحب القلب الكبير. كنت اريد ان أسالك عما جرى في تلك الأيام العصيبة، ولكني وجدت الجواب في نظرة حزنك العميقة تلك التي تبدو في الصورة والتي لم ارها في عينيك من قبل! "لكن الموصل في عينيّ كتابي المفتوح"، ووجدت الجواب في لحظة رحيلك، فارسا ترجل ولم يفارق شموخه، في لحظة فورة الطبيعة في "ام الربيعين"، محفوفا بنرجسها وسوسنها وزهورها البرية الباذخة، أشوري يرحل في الاكيتو (عيد الربيع البابلي)، وهو العارف في هذا البلد الطيب الذي رثا لنا يوما في "آدابا" ضياع حكمته وخلوده، وهو الموصل في محبته بين جنوبه وشماله .

كما نعاه الشاعر ‏‏عبد المنعم حمندي‏ قائلا : بقلبٍ مذبوحٍ وعينٍ باكية أنعي الشاعر الكبير و الصديق النبيل والمبدع الفذّ معد الجبوري الذي فارق الحياة صباح اليوم في مدينته الموصل الحبيبة ، مات مهموماً مغموماً من هول ما رأى ، في آخر مكالمة معه قبل أسبوع قال لي :( قتلوا الأمنيات ولم تعد صنعاء تحلم في حلب ) صديقي أبا الحارث : أعرف أن البكاء يهدهد لوعتي ، فهل يخفف حزني ؟،وهذا رحيلك دمار الروح التي كانت تتبلسم بنبض صوتك عبر الأثير ، فكل شيء بعدك عمى ولا اشراقة أمل في الغياب ، نَمْ قرير العين، لقد زرعت زهرة شعر في كل منبر و شمس مهرجان وليهنأ الخلود في رحاب لياليك !.

 

مما كتبهُ الشاعر الراحل :

"بخيط من الشعر،

ارفو الثقوب التي ملأت كبدي

" ووجهي، ما يحضن دجلة،

من غابات وبساتين

واسمي محفور بالخط المسماري،

على حجر في (بوابة نركال)

على لوح رخام

لم يعثر بعدُ عليه،

وفوق رقيم من رقم الطين ..

واسمي منقوش

بالخط الكوفي،

على ركن في السور الغربي،

وعلى صدر الايوان،

بمنزل جدي،

وعلى قوس من مرمر،

في جامع نور الدين"

02 Apr, 2017 04:30:57 PM
0

لمشاركة الخبر