Skip to main content
الكتابة بالدم أو بالدمع .. قدر المبدعين

شاعر " لا تصالح " شاعر الرفض والحرية، الشاعر المصري " أمل دنقل " وهو على فراش الموت في مستشفى الأورام يكتب قصيدة، ضد من يكتب وهو في الرمق الأخير من حياته، يجمع بين لونين متضادين، اللون الأبيض يراه في كل ماحوله، واللون الأسود يراه بعين الشاعر في كفنه، وما يحدث حين موته، يشك في كل شيء، ولا يطمئن لشيء إلا لحقيقة واحدة، حقيقة لون تراب الوطن، المرض لم يوقف دنقل عن الإبداع، قال عنه أحمد عبدالمعطي حجازي: " إنه صراع متكافئين.. الموت والشعر" .

أكملت "انتصار العقيل" - حديثها المدهش في نادي جدة الأدبي - بعد هذه المقدمة التي وصفت فيها كل شيء حول دنقل في المستشفى، مؤكدة أن هذا هو حال معظم المبدعين، حيث يولد الإبداع من رحم المعاناة النفسية والألم الجسدي، وربما رافقهم من المهد إلى اللحد، فآلامهم وقود فكرهم، ومعاناتهم أجنحة يحلقون بها في سماء إبداعهم. كما وصفت العقيل رحلتها - في بحور أوجاع وأحزان عمالقة مبدعين نزفت نفوسهم ألماً، واحترقت أرواحهم عذاباً، وهم ينثرون حياتنا بإنتاجهم الأدبي والإنساني - بأنها رحلة ثقيلة حزينة قد تبكي البعض، كما قال نزار قباني:

إني أحبك عندما تبكين

وأحب وجهك غائما حزينا

الحزن يصهرنا معا ويذيبنا

من حيث لا أدري ولا تدرينا

بعد هذه الدعوة النزارية المحرضة على البكاء، أكملت سرد قصص معاناة بعض الأدباء والشعراء مثل " شارلز ديكنز" الذي وصف نفسه قائلاً: " إن ثلاثة أرباعي جنون والباقي هذيان". موضحة أن الصراعات الداخلية التي يحياها المبدع كثيراً ما تدفع به لاضطرابات نفسية تصل إلى حد الفصام وعصاب الخوف والشك والقلق والاكتئاب والعزلة.

وذكرت العقيل أن الإبداع الفكري والفني يحرر المبدع بمقدار ما يبدع، رغم ذلك يظل تحرراً محدوداً لا يشفيهم ولا يريحهم من معاناتهم وهواجسهم التي عرضت عدداً منهم للمرض والموت والبعض منهم دفعته للانتحار.

وأكدت على أن تلك النماذج لمبدعين كتبوا بدمائهم لا يعني أن هذه النهايات المأساوية هي مصير كل المبدعين، فكثيراً مايكون الإزميل والريشة والقلم بلسماً للألم.

ثم سردت انتصار نماذج من المبدعين كتبوا بدموعهم مثل الكاتبة التشيلية الشهيرة " ايزابيل آييندي" حين ماتت ابنتها في عمر السابعة والعشرين بين ذراعيها بعد غيبوبة دامت عاما، كان عليها أن تحزن لفجيعتها وتقاضي الأطباء لإهمالهم، ولكنها اختارت ألا تترك للحزن والغضب طريقاً لتدميرها، فغمست قلمها في جراحها وكتبت .. ليحتل كتاب " باولا " اسم ابنة الكاتبة صدارة المبيعات رغم أنه ليس أول كتبها. ثم عرجت عقيل على تجربتها الخاصة واستشهدت بمقولة غادة السمان: " الجرح نافذة يفتحها الفنان ولو في صدره ليرى بمزيد من الوضوح حقائق النفس البشرية" وذكرت أسماء العديد من المبدعين والمبدعات الذين كتبوا بدموعهم: مي زيادة، وإبراهيم ناجي في رائعته " الأطلال "، وكامل الشناوي وفجيعة الخيانة التي جسدها في قصيدة "لا تكذبي".

17 Apr, 2017 09:29:43 AM
0

لمشاركة الخبر