Skip to main content
أمراء الحرب الأفارقة في زمن الديمقراطية

شكّلت الديمقراطية في عدد من الدول الإفريقية بعد الحرب آلية حاسمة لبناء السلام في المجتمعات المتناحرة من خلال حل الصراع عبر التوجّه إلى صناديق الاقتراع، إلا أن نتاجاً ثانوياً من التحالف حصل، وغالباً ما يتم تجاهله في الانتخابات، وهو أن القادة العسكريين السابقين غالباً ما يصبحون جزءاً لا يتجزأ من النظام الديمقراطي الجديد، ويستخدمون الموارد والشبكات التي ولدتها الحرب السابقة للسيطرة على المشهد السياسي الناشئ. يحاول هذا العمل الإجابة عن سؤال يتم التغاضي عنه وهو: ما مدى تأثير إشراك القادة السابقين في السياسة الانتخابية على الأمن ما بعد الحرب؟


قام بإعداد وتحرير هذا العمل أندرس ثيمنير، وهو باحث بارز في معهد شمال إفريقيا وأستاذ مساعد في دراسات السلام والنزاعات في إدارة أبحاث السلام والنزاعات بجامعة أوبسالا السويدية، إذ جمع مجموعة من الباحثين لمناقشة مدى تأثير إشراك القادة السابقين في السياسة الانتخابية على الأمن ما بعد الحرب، وما إذا كان من الممكن لأمراء الحرب السابقين أن يساهموا بشكل إيجابي في حماية ورعاية دوائرهم الانتخابية زمن الحرب لدعم بناء السلام والديمقراطية، أو ما إذا كانوا أكثر عرضة لاستخدام منصاتهم الانتخابية لرعاية العنف السياسي وإبقاء المجتمعات المتضررة من الحرب في حالة تعبئة عبر الخطابات العدوانية. 


يحتوي الكتاب الصادر حديثاً ضمن سلسلة «إفريقيا الآن» عن دار «زيد بوكس» البريطانية باللغة الإنجليزية في 272 صفحة من القطع المتوسط، على مجموعة غنية من التفاصيل التجريبية الجديدة والرؤى النظرية، من خلال التركيز على بعض الشخصيات السياسية رفيعة المستوى في إفريقيا، كانوا عسكريين سابقين، ومن هذه الشخصيات: (أنتيباس مبوسا نيامويسي) من جمهورية الكونغو الديمقراطية، و(جواو برناردو فييرا) من جمهورية غينيا بيساو، ومن ليبيريا (سيكو كونيه وبرينس جونسون)، ومن موزمبيق (أفونسو دلاكاما)، ومن رواندا (بول كاغمي)، ومن سيراليون ( يوليوس مادا بيو، وألدريد كولينز، وصامويل هينجا نورمان)، ومن جنوب السودان (رياك مشار).
ويشير المحرر ثيمنير إلى أن «الهدف من هذا الكتاب ليس فقط تأسيس ما إذا كان العسكريون السابقون الذين يسعون إلى استلام زمام الحكم يروجون أو يقوضون الأمن، لكن أيضاً ليتتبع بشكل حثيث المسارات التي عبرها يقومون بذلك. نحن بالتالي نأمل أيضاً أن نقول شيئاً ما حول أي العوامل - على سبيل المثال: العوائق الانتخابية، القدرة على سوء التصرف، تكاليف إساءة السلوك وسمات الشخصية - تؤثر على خيارات العسكريين السابقين ليصبحوا إما أمراء السلام أو المحرضين على عدم الاستقرار. والهدف النهائي من هذا العمل كذلك هو القيام بمساهمة في أدب بناء السلام وديمقراطية ما بعد الحرب، إذ أنه حتى الآن تم التغاضي عن هذا الموضوع المهم الذي يمكن أن يقول الكثير عن الاستراتيجيات التي يمكن لصنّاع السلام توظيفها عند المواجهة مع أنواع مختلفة من الديمقراطيين أمراء الحرب». 

يذكر المحرر أندرس ثيمنير في مقدمة الكتاب بعنوان: «ديمقراطيون أمراء حرب: الاستثمارات زمن الحرب، عودة الديمقراطية؟» أن «استخدام مصطلح (Warlord Democrat) التي تعني «ديمقراطي أمير أو سيد حرب» ينبثق من قرار واع بهدف الاستفزاز. إذ يثير من خلاله أسئلة فورية حول ما إذا أمكن للفرد أن يكون في الوقت ذاته ديمقراطياً وأمير حرب، ويتحدى الميول الطبيعية لتصنيف الفاعلين والممارسات في ثنائيات منمقة: الحرب / السلام - الديمقراطية / الأوتوقراطية - فاسد / عرضة للمساءلة.

ويضيف: «على أية حال، في العديد من البلدان النامية بشكل عام، والمجتمعات الإفريقية ما بعد الحرب الأهلية بشكل خاص، تعيين صفات ونسبها للفاعلين السياسيين سرعان ما تصبح علاقة فوضوية. وهذا بشكل عام نتيجة ديناميات تشكيل النخبة المحلية». ويجد أنه: «بالنظر إلى التأثير السياسي للديمقراطيين أمراء الحرب، فمن المشكوك فيه ما إذا كنا نفهم حقاً ديناميات سياسات ما بعد الحرب ونقيّم قدرة الأنظمة «الديمقراطية» على تعزيز السلام والأمن من دون الإقرار بقوتهم كأفراد. وهذا صحيح بشكل خاص عند اعتبار القادة العسكريين السابقين هم من صنف الأفراد الذين يمتلكون قدرة كبيرة على دعم عدم الاستقرار وإضعاف قدرة الديمقراطية على أداء آلية حل الصراع»، ويرى أن نقص إيلاء الاهتمام بالديمقراطيين أمراء الحرب هو جزء من ثغرة بحثية أكبر غالباً ما تشوش دور ومسؤولية النخب الأفراد في دراسة الحرب والسلم، مضيفاً أن دمقرطة ما بعد الحرب ربما - على المدى القصير على الأقل - لديها ارتباط قليل مع بناء المؤسسات والأحزاب السياسية، بل يقع على عاتقها أكثر تحويل «أمراء الحرب» إلى «أمراء السلام». 


ويتساءل أندرس ثيمنير: «ما الذي نراه عندما نبدأ في تحليل أفعال وخيارات الديمقراطيين أمراء الحرب وهم يناورون ضمن سياق السياسة الانتخابية؟ هل نرى القادة السابقين يحتضنون الأنماط الديمقراطية، ويمتنعون عن دعم العنف ويعملون كوكلاء للتغيير؟» ويضيف أنه «وفقاً لوجهة النظر هذه، يصبح السلام ممكناً فقط عندما يصل القادة العسكريون السابقون إلى خلاصة أن الحرب لم تعد لمصلحتهم أو لمصلحة حركتهم. وليس فقط هذا الإدراك يدفع قادة الحرب السابقين إلى القبول بالسلام، بل عليهم أيضاً أن يلزموا أنفسهم ببناء المؤسسات الديمقراطية وإجراء الانتخابات المنتظمة». 

19 Jun, 2017 11:17:59 AM
0

لمشاركة الخبر