Skip to main content
تعرف على الرجل المكتبة "ألبرتو مانغويل".. سيرة وحوار

الرجل المكتبة، ألبرتو مانغويل، الذي انساق وراء عالَم الكتاب، والذي يسميه «الوهم الذيذ»، فأمضى نصف قرن في جمع الكتب، حتى أصبح واحداً من أصحاب أكبر المكتبات الشخصية في أوروبا، بل والعالَم.

ملخّص سيرة الرجل المكتبة:

ألبرتو مانغويل، أرجنتيني المولد، كندي الجنسية، ولد عام 1948 في مدينة بوينس آيرس.

يعمل مانغويل جامعًا للأعمال الأدبية المهمة، كما يعمل مترجمًا ومحررًا، وهو أيضًا روائي.

لقد ألّف مانغويل العديد من المؤلَّفات، منها:

قاموس الأماكن الوهمية (كتبه بالإشتراك مع جياني جوادالوبي عام 1980)

تاريخ القراءة (1996)

المكتبة في الليل (2007)

إلياذة وأوديسة هوميروس: سيرة ذاتية (2008).

أما رواياته، فكان أوّلها:

أخبار جاءت من بلد أجنبي (1991). 

كما أنّ مانغويل كتب مجموعه من الكتابات النقدية السينمائية، مثل:

عروس فرانكشتاين (1997).

 وله مجموعة من المقالات، مثل:

 البحث من خلال الزجاج الخشبي (1998).

في عام 2007 اختير مانغويل ليكون محاضر العام خلال محاضرات "ميسي" المرموقة.

 مانغويل والكتب:

غالباً ما يتحدّث ألبرتو مانغويل عن المكتبة بصفتها عالَماً للفرص، وهذا بالتأكيد إنما هو انعكاس لتجربة شخصية عاشها، فهو الصبيّ الذي منحه تركيب الأحرف في طفولته المبكرة فرصة أن يشعر بتفوقه، قبل أن تحقّق له مكتبة بورخيس- التي عمل فيها قارئاً للكاتب الكفيف- فرصةَ أن يشهد على ولادته الفعلية، ليكون القارئ الشغوف بالورق.

لقد خطفت «المكتبة» مانغويل صغيراً، حيث هاله مشهدها واستفزّه مكنونها، فغاص في أعماقها من غير رغبة منه في العودة إلى برّ الأمان.

اخيال المزروع بين طيّات الكتب- ويُسميه مانغويل وهماً- جعلَه يفقه واقعه، ويراه ويبصره كما لا يفعل غيره.

لقد انساق مانغويل وراء «وهم لذيذ» فأمضى نصف قرن في جمع الكتب، إلى أن صار واحداً من أصحاب أكبر المكتبات الشخصية في أوروبا والعالم.

وفي هذا السياق يكتب مانغويل في مقدمة كتابه «مكتبة في الليل»: «في فترة شبابي الطائش، بينما كان أصدقائي يحلمون بالهندسة والحقوق، كنت أحلم بأن أصبح موظفاً في مكتبة. لكنّ نوعاً من تراخٍ وشغف بالسفر لم أستطع أن أضبط نفسي حيالهما فرَضا شيئاً آخر. غير أنني الآن، وقد بلغت سنَتي السادسة والخمسين [2005، تاريخ صدور الكتاب بطبعته الأولى]، عدتُ إلى ذلك الحلم القديم. أحيا بين رفوف كتب تزداد باطّراد وشرعت حدودها تتماهى مع البيت ذاته».

مَن يقرأ حياة مانغويل عبر أعماله مثل «تاريخ القراءة» و«مكتبة في الليل»، يُدرك جيداً أنّ ما يجمع مانغويل بالكتاب أكثر من حكاية شغف؛ بعضهم يُسميها مرضاً أو لوثة. والمفارقة أنّ هذه اللوثة تنتقل سريعاً إلى قارئ مانغويل الذي يخرج من عوالمه مُصاباً بداء الكتب. فالمكتبة عنده ليست مكاناً تتقابل فيه رفوف الكتب وتتجاور، بل هي جغرافيا متخيلة يدخلها الإنسان ليسافر عبرها إلى أمكنة لم تطأها قدماه. المكتبة في تصوّر مانغويل لا ينبغي أن تكون مقصداً لمن يبحث عن نفسه، إنما لمن يرغب في إضاعتها، والابتعاد عنها، ولو لساعات قليلة.

حوار مع مانغويل:

حوار مع ألبرتو مانغويل، تحدّث فيه عن المكتبة وعن بعض أعماله، والأهم من ذلك أنه تحدّث عن الأدب العربي وبعض الأدباء المعارين. وإليكم نص الحوار:

- اشتهرتَ بكتُبك عن القراءة والمكتبات، لكنك روائي الآن، لماذا كتبتَ روايات؟

- كتبتُ روايتي الأولى (أخبار جاءت من بلد أجنبي) في أواخر الثمانينات، لأنني وددت أن أفهم تساؤلاً أثير في حياتي، اكتشفتُ أن أحد معلميَّ في الثانوية، والذي أعجبت به لأنه قدم لنا الكثير من الكتب الرائعة، ولكنه كان مشاركاً في الديكتاتورية العسكرية في الأرجنتين في السبعينات، وقام بالإبلاغ عن عدد من الطلاب، وددت أن أفهم كيف يمكن لشخص يتمتع بأكبر قدر ممكن من السماحة الفكرية وبنفس الوقت يقوم بأكثر الأعمال خزياً، كتبت الرواية لأضمّن سؤالي الكلمات.

- تكتب رواياتك بالإسبانية.. لماذا؟

- كتبت روايتين بالإسبانية (كل الرجال كاذبون) و(عودة)، فيهما كان ثمة شخصيات يتحدثون أشكالاً مختلفة من الإسبانية: من الأرجنتين وإسبانيا وكوبا وغيرها، وجدت أن كتابتها بالإسبانية أسهل من إيجاد طرق لإعادة إنتاجها بأشكال مختلفة بالإنجليزية.

- أنت من أميركا اللاتينية التي صدّرت عددًا من الروائيين العظماء، ألا يخيفك ذلك وأنت تقدم على كتابة الرواية؟

- أنت من الوطن العربي الذي صدر عددًا من أعظم الفلاسفة في العالم، ألا يخيفك ذلك حين تفكر؟، إذا ما سمحنا لأنفسنا أن نخاف من العقول العظيمة التي سبقتنا فلن نكن قادرين على فعل أي شيء، إنني مدين لتجاربهم وطرقهم، لكنني أريد إيجاد طريقتي الخاصة.

- هل رواية (عودة) نوع من الحنين للأرجنتين؟

- إنها كابوس أكثر منها اشتياق، لكن نعم أعتقد أنها مخضبة بالحنين، بلدي الأرجنتين بلد أشباح، والأشباح تغريك بفكرة العودة إلى الوراء مثل بحث أورفيوس عن يوريديس.

- ربط عدد من القراء بين بطل روايتك (عاشق مولع بالتفاصيل) وبطل رواية زوسكيند، لماذا برأيك؟

- لا أعتقد ذلك، ولا آمل.

- كيف يمكن للمؤلف صاحب المعرفة الموسوعية أن يمنع تلك المعرفة من إفساد عمله الفني؟

- عندما أكتب، أحاول أن أنسى ما أعرفه، أحاول أن أركز على بعض التساؤلات والإجابة عليها بأفضل ما أستطيع، لا أعرف عادة إلى أين أتجه، لكنني أجد أن بعض أجزاء من المعلومات تبزغ دون استدعاء في ذهني، فتساعدني طول الطريق.

- هلّا حدثتنا عن التقنية السردية التي كتبت بها روايتك (كل الرجال كاذبون)؟

- إنها تقنية قديمة تحاول رؤية الشخصيات أو الأحداث من وجهات نظر متعددة، إنها تجربة تكعيبية في سرد القصة، فعل هذا أكوتاجوا في (راشومون) وغيرها، وبراونينغ في (الخاتم والكتاب)، كان لدي فضول لمعرفة ما يمكن أن يحدث لو أعطي عديد من الناس تقارير عن هذه الشخصية، تناقضاتهم وذكرياتهم المجزأة التي تأتي معاً في صورة متلاحمة.

- هل كل الرجال كاذبون أم أن ثمة أكثر من وجه للحقيقة؟

- الحقيقة المطلقة لا يمكن قولها، ليس لأنها غير موجودة وإنما لأنها في غاية التعقيد، وتتكون من أجزاء كثيرة جداً، بهذا المعنى كل ما نقوله هو كذب، لأنه ليس سوى جزء من الحقيقة، تذكرت القول المأثور "أن كل الرجال كاذبون" فأعلنتها كبيان خاطئ.

- أدرجت نفسك كشخصية في الرواية، هل هذا نوع من التأثر ببورخيس؟

- كلا، لا أعتقد ذلك، تقديم المؤلف نفسه كشخصية هي حيلة قديمة للغاية، فعل ذلك تشوسر ودانتي من قبل، أعتقدت أنه من المسلي ابتكار ألبرتو مانغويل آخر فخم ومتحذلق.

- كيف تقيم تجربتك في كتابة الرواية؟

- لقد كانت مرهقة لكنها ممتعة.

- هلّا أخبرتنا عن إعجابك بـ (أليس في بلاد العجائب)، ما هي أسبابه؟

- قرأت الكتاب كسيرة ذاتية لي، وجدت أن جميع تجارب حياتي قد صورت بسخرية وذكاء، وشعرت أن "أليس" هي أختي الروحية.

- بوصفك قارئاً عظيماً، ما هي برأيك أفضل الروايات على مر العصور؟

- هذا سؤال تستحيل الإجابة عليه، لأنه يعتمد على كل قارئ على حده، بالنسبة لي أفضّل (مدام بوفاري) لفلوبير، و(مذكرات براس كوباس) لماشادو دي أسيس، و(كيم) لكيبلنغ، و(موبي ديك) لميلفيل، و(بيدرو بارامو) لرولفو، و(البومة العمياء) لصادق هدايت، و(صديقنا المشترك) لديكنز، و (إلى المنارة) لفرجيينا وولف.. وأنا على يقين من أنني نسيت الكثير.

- ما هي في رأيك أهمية قراءة الرواية للفرد؟

- إنها تتيح لك التعلم من خلال التعاطف.

- بمَ تختلف كتابة الرواية في سن متأخر؟ هل توصي بها؟

- يعتمد ذلك على الشخص، بينيلوبي فيتزجيرالد -وهي في ظني من أعظم روائيي القرن العشرين- بدأت الكتابة في عمر الستين، وقد أدت بشكل رائع، لكن البعض ليسوا محظوظين للغاية.

- ما هي تطلعاتك الأدبية حاليا؟ هل ستكتب رواية في المستقبل؟

- لا أظن، أنوي حينما أنهي ارتباطي مع المكتبة الوطنية أن أقوم بتأليف كتابين غير سرديين (تاريخ اليوتوبيات) و(سيرة موسى بن ميمون).

- قرأتَ كثيراً وسافرت كثيراً، أيهما باعتقادك شكلك أكثر؟ (القراءة أم السفر)؟

- القراءة بالتأكيد، السفر بالنسبة لي هو مجرد تأكيد لما قرأت.

- أين تضع الأدب العربي في خارطة الأدب العالمي؟ إلى أي مدى ترى أنه حاضر ومؤثر؟

- أعتقد أنه ذو أهمية استثنائية، إلا إذا ما كنت لا تقرأ بالعربية فلا يمكنك الوصول إلى ما يكفي منه، وما يترجم منه بشكل عام ما هو إلا تقليد لأسوأ نماذج الرواية الغربية، باستثناء القليل من الأعمال العظيمة التي لا ينطبق عليها ذلك، لكنها ليست كافية، أتمنى حقاً أن تقوم مؤسسة عربية بيوم ما بترويج ترجمة الأدب العربي العظيم متضمناً جميع أجناسه، يمكنني أن أحكم الآن بناء على ما قرأته من خلال الترجمة أن أعمال رشيد بوجدرة، ومحمد البساطي وسنان أنطون وغيرهم الكثير، إنها أعمال استثنائية، وقبل كل شيء، محمود درويش أحد أعظم شعراء القرن العشرين.

- كيف ترى مستقبل الكتاب الورقي؟

- سيستمر جنبًا إلى جنب مع النصّ الواقعي -ومع أي تكنولوجيا جديدة ستظهر في المستقبل- إنه أحد الأشياء الكاملة القليلة التي اخترعناها، العجلة والسكين والكتاب الورقي.

15 Nov, 2017 03:58:00 AM
0

لمشاركة الخبر