Skip to main content
الإنترنت الفضائي.. سباق محموم لتنفيذ مشاريع بمليارات الدولارات

الجيل المقبل من الإنترنت سيأتي من الأعالي عن طريق كوكبة من الأقمار الصناعية التي ستبثها بالنطاق العريض إلى المناطق المحرومة من العالم.. فالسباق على أشده لتشييد نوع جديد من الإنترنت، الذي تعكف عليه مجموعة من الشركات بمليارات الدولارات، من أجل تحقيق هدف نهائي هو تغطية كوكب الأرض بأقمار صناعية تتيح لكل إنسان في أي مكان من العالم، الوصول إلى هذه الشبكة بسرعة النطاق العريض.



* إنترنت فضائي

يعتمد إنترنت الأقمار الصناعية حاليا على أقمار تقع في مدارات ثابتة تدور بسرعة دوران الأرض. ورغم أن هذا يضمن وجود الأقمار الصناعية في البقعة ذاتها فوق الأرض، إلا أن ذلك يعني أيضا أن هنالك تأخيرا زمنيا أثناء الإرسال والاستقبال لأن إشارات الموجات الراديوية تستغرق ربع الثانية للقيام برحلتها إليها ذهابا وإيابا. وإذا أضفنا إلى ذلك الوقت الذي تستغرقه التحركات الأخرى التي تقوم بها البيانات، عبر بقية الشبكة، يصبح هذا التأخير الزمني غير عملي للتطبيقات التي تتطلب عروض فيديو أو حوارا صوتيا.

ولتسريع هذه الخدمة تتوجه أنظار الشركات نحو استخدام الأقمار الصناعية القريبة من الأرض. فقد أعلنت كل من «فيرجين غالاكتيك» و«كوالكوم» صانعة الشرائح الإلكترونية، عن دعمهما لمشروع يدعى «وان ويب» OneWeb، أي «الشبكة الواحدة»، الذي ينطوي على خطة لوضع 648 قمرا صناعيا في مدار يرتفع عن سطح الأرض مسافة 1200 كيلومتر، حيث الزمن الذي تقطع الموجات اللاسلكية المسافة فيه ذهابا وإيابا لا يستغرق أكثر من بضعة أجزاء من ألف جزء من الثانية، مما يناسب أي تطبيق إنترنتي. وقامت شركة «سبايس إكس» مباشرة بالإعلان عن خطتها التي تقضي أيضا بتشييد وإطلاق شبكة تتألف من 4 آلاف قمر صناعي، إلى ارتفاع مماثل. وهذا من شأنه زيادة عدد الأقمار الموجودة في المدار إلى أكثر من الضعف.

وقد استقطب هذا السباق عددا أكبر من الشركات الجديدة، فشركة «إيرديوم كومينيكيشنز»، التي مقرها ولاية فيرجينيا في أميركا، أمنت خدمات هاتفية عبر الأقمار الصناعية، فضلا عن انترنت بالنطاق الضيق، منذ أواخر التسعينات. فشبكتها الحالية المؤلفة من 66 قمرا سيجري استبدالها بواحدة جديدة تدعى «إبريديوم نيكست»، التي من المقرر البدء بإطلاق أقمارها من العام الحالي، والتي ستكون قادرة على بث انترنت سريع يضاهي سرعة «وان ويب»، وما تخطط له «سبايس إكس».

ولـ«أو3 بي» الشركة الشقيقة لـ«وان ويب» سلفا 12 قمرا صناعيا على ارتفاع 8 آلاف كيلومتر. وهي تؤمن اتصالات لحساب كولومبيا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وجنوب السودان، وبابوا نيو غينيا. وحتى «غوغل» الشركة العملاقة على صعيد الإنترنت، دخلت أيضا في السباق الفضائي هذا، وذلك باستثمار بلغ مليار دولار، وذلك في مشروع شركة «سبايس إكس». والحافز لهذه التحركات هو في حياد الشبكة، كما يقول كيري كاهوي المهندس في علوم الفضاء والطيران في «معهد مساتشوسيتس للتقنيات». فإذا ما قام مقدمو خدمات الإنترنت باعتماد هذا المبدأ، فستبدأ البنية الأساسية للإنترنت بالتغير، وستكون الطريقة البديلة لتوفير خدمات الإنترنت لمستخدميها عبر الأقمار الصناعية، أمرا في غاية الأهمية. وهذا ليس السبب الوحيد، «إذ ثمة مجموعة من الدوافع المثيرة للاهتمام»، كما يقول كاهوي، «فبعضهم سيكون مدفوعا بما ستجنيه الإعلانات، فكلما اطلعت عليها عيون جديدة، اقتنع المزيد من البشر بها، وسارع إلى شرائها، مما يعني مزيدا من الأعمال، فالحافز هنا هو في توصيل التجارة إلى الجميع، حتى إلى المناطق المحرومة النائية».



* أقمار مطورة

ولكن هل سيصبح الفضاء المحيط بالأرض مزدحما بكل هذه الأقمار الصناعية التي تتنافس لتمرير البيانات والمعلومات إلى الأرض؟ يجيب كاهوي بالقول: «الفضاء كبير ورحب، وأنا لست قلقا من تداخلها مع بعضها، بقدر ما الذي ستستخدمه لغرض البث. فإذا كانت ستستخدم الموجات اللاسلكية، فإنها ستتداخل مع بعضها في نقاط معينة».

والمعلوم أن البث اللاسلكي هو الأسلوب الشائع للتواصل بين الأرض والقمر الصناعي، لكن كما يعرف الجميع ممن عانوا مع موجهات الإشارات اللاسلكية (راوتر)، فإن العمل مع موجات الراديو صعب ومعقد، لذا يعمل كاهوي ورفاقه على استخدام الضوء لنقل البيانات بدلا من الموجات اللاسلكية. فإشارات الليزر السهلة الحصر والتركيز، مع إمكانية إرسالها عبر مسافات طويلة، قد تمكن من تشييد أقمار صناعية صغيرة بقدرات متدنية، يمكنها مع ذلك التحدث بسهولة إلى الأرض. «فالراديو هو من الأمور الواقعية، لكن ثمة توصيلات وروابط في البنية الأساسية من شأنها أن تكون ضوئية»، كما يؤكد كاهوي.

كذلك فإن التصغير والتدني الكبير في تكلفة مكونات الأقمار الصناعية شرعت تدعم التوجه إلى الفضاء، وفقا لجيمس كتلر من جامعة ميتشيغان. وهذه الأمور مجتمعة زادت من عامل التوجه إلى الفضاء بشكل غير مسبوق. «فلدي تلاميذ قد يغادرون الجامعة بدرجة أستاذ بعد ما شيدوا وأطلقوا 5 أو 6 أقمار فضائية، وهذا أمر لم يحصل من قبل، كما يقول كتلر.

وتستعد شركات مثل «أو 3 بي» و«سبايس إكس» لإطلاق أقمار صناعية للإنترنت بأوزان تبلغ مئات الكيلوغرامات، لكن كتلر يقول إن أقمار المستقبل سيكون وزنها مقاربا من 5 إلى 10 كيلوغرامات. كما يمكن أيضا تخفيض وزن الهوائيات عن طريق استخدام أنواع منها يمكن أن تنشر أذرعتها في الفضاء، كالتي جرى تطويرها من قبل سيرجيو بيليغرينو من معهد كاليفورنيا للتقنيات. وهذا يعني هوائيات بحجم هوائيات اليوم مصنعة من مواد خفيفة الوزن تدعم وزنها فقط في بيئات عديمة الجاذبية، بدلا من بيئة سطح الأرض.

ويقول كتلر، وفقا لمجلة «نيوساينتست» إن إنترنت الأقمار الصناعية ستنطلق حتما إذا ما قامت الشركات بإنتاج معدات تكون من الصغر ما يجعلها تلائم أقمار «كيوبسات» الصغيرة الخفيفة الوزن التي يمكن حملها وإطلاقها إلى الفضاء على متن مركبات أخرى صغيرة. وأضاف: «ينبغي الشروع بعمليات التجميع في الفضاء. فبدلا من تشييد أقمار صناعية كبيرة على الأرض، ومن ثم محاولة التغلب على الجاذبية لإطلاقها إلى الفضاء، يمكن إطلاق أجزائها ومكوناتها إلى هناك قبل تجميعها، لتشكل قمرا صناعيا قويا صغيرا. وشبكة من مثل هذه الأقمار ستكون قادرة على تأمين تغطية مشابهة للإشارات التي تطلقها أبراج وصواري اليوم على الأرض.

06 Mar, 2018 08:59:47 PM
0

لمشاركة الخبر