Skip to main content
ثمة من يعيش دهرا في جلباب أبيه!

بين بير بافينسكي وابنه بنتش علاقة إشكالية: الأب يشق طريقه في الحياة، بينما ينكمش الابن عاجزًا عن الهروب من ظل أبيه، وأمله ألا يُداس تحت قدميه.

 تحكي رواية توم راكمان الجديدة قصة رجل عظيم والخراب الذي تتركه العظمة. تؤرخ الرواية حياة الرسام الأميركي الشهير بير بافينسكي، صاحب الشهية الضخمة و الـ"أنا" الأضخم، بعيون نجله تشارلز المعروف بلقب بنتش.

تتبدى علاقتهما الإشكالية في أن بافينسكي الأب يشق طريقه في الحياة غير آبه بما يخلفه وراءه، في حين أن الابن ينكمش عاجزًا عن الهروب من ظل هذا العملاق، وكل ما يأمله هو ألا يُداس تحت قدميه.

زمان ومكان من الماضي
بنتش ليس الضحية الوحيدة لأسطورة بافينسكي. فالأب يتحدث مع زوجته ناتي والدة بنتش التي تعمل خزافة قائلًا: "أنتِ موهوبة إذا أردت أن تكوني، وكل ما تحتاجينه هو مزيد من الاندفاع". بير بافينسكي تجسيد للاندفاع، فهو يسحر ويمارس البلطجة، يثرثر ويثور، يشغل حيزًا جسديًا وحيزًا روحيًا. ويتضح أن تشجيعه الزوجة طريقة للتسلط، يريد أن يبيّن كيف يلهث أقرب الناس إليه وراء إنجازه هو.

رواية راكمان الجديدة "المعلم الإيطالي" The Italian Teacher (المكونة من 352 صفحة، منشورات فايكينغ، 27 دولارًا؛ منشورات ريفيروم، 13.99 جنيهًا إسترلينيًا) تغطي أكثر من 60 عامًا في قارتين.

ومن مواهب الكاتب قدرته على استحضار زمان ومكان من الماضي ببضع ضربات ذكية من قلمه، سواء أجواء روما بعد الحرب أو عالم الفن في نيويورك في أواخر الستينيات حين أخذت الانطباعية التجريدية تخلي الطريق لفن البوب. ويرسم الكاتب صورة التحولات الاجتماعية والاقتصادية في إيطاليا إبان الخمسينيات من خلال جيران عائلة بافينسكي، وهم "عائلة من النجارين يصنعون منذ قرون قطعًا لتزيين محاريب الكنائس، لكنّ أبناءهم يبيعون الآن مكانس كهربائية من ألمانيا الغربية".

كتاب حميمي
لكن الكتاب، على الرغم من سعته، يبقى حميميًا يستكشف الحياة الداخلية لشخصياته بشفافية. وعلى الرغم من هيمنة بير على السرد، فإن بنتش هو الذي يستأثر باحترام القارئ. فبنتش الذي يعترف بضآلته رجل ضعيف، مليء بالكراهية لنفسه، عاجز عن الوقوف بوجه والده المتسلط، معطوب مثل والدته ناتي، لا يشعر بالأمان، وضحية رغبات والده التي لا يمكن إشباعها.

مع ذلك، يتضح أن بنتش أكثر من حاصل مجموع إخفاقاته التي تغطي عليها استقامته وصدقه وذكاؤه وطرافته زائد تصميمه على ألا يعفي نفسه أو الآخرين من حساسيته المرهفة.

يصبح كفاح بنتش للعثور على معنى وسط الخراب رحلة شيقة، فبنتش، على الرغم من كل مواطن الخلل التي فيه، وُهب حكمة مثل كاتب هذه الرواية الحزينة والمضحكة والمؤثرة.


هذا التقرير عن "إيكونوميست".

01 Apr, 2018 04:34:03 PM
0

لمشاركة الخبر