Pasar al contenido principal
«معا»... كتاب للطهي بنكهة ملكية

«قوة الطعام، هي أكبر من مجرد الوجبة ذاتها... إنها القصة التي تكمن وراء الحدث». بهذا القول علقت دوقة ساسيكس ميغان ماركل زوجة الأمير هاري حفيد ملكة بريطانيا على مشروعها. وبهذه الكلمات المعبرة أطلقت ماركل كتاب الطهي «Together» أو «معاً» الذي أشرفت عليه وكتبت مقدمته بنفسها بهدف مساعدة ضحايا حريق مبنى «غرينفيل» الذي راح ضحيته أكثر من 71 شخصاً في غرب لندن العام الماضي.

وفي اتصال لـ«الشرق الأوسط» مع قصر كينزيغتون تبلورت فكرة الكتاب التي بدأت عن طريق الصدفة وكانت وليدة زيارة غير رسمية وبعيداً عن عدسات الكاميرات والصحافة لميغان ماركل إلى مطبخ مسجد المنار الواقع بالقرب من المبنى الذي التهمته النيران.

ماركل كانت لا تزال مقيمة في كندا عندما وقعت مأساة «غرينفيل»، وحينها شعرت بالرغبة بفعل أي شيء للمساعدة وشاءت الظروف أن تأتي بها لتعيش في لندن بعد زواجها من الأمير هاري، وأول ما أرادت فعله بحكم منصبها الملكي الجديد أرادت التعرف على أهم الجمعيات التي تعنى بالأمور الإنسانية في العاصمة، فعلمت بأن هناك مطبخاً قريباً من «غرينفيل» فتح أبوابه أمام أهالي المبنى لطهي المأكولات لذويهم فطلبت زيارته وتوجهت إلى المسجد بعد سماعها عن سيدات غالبيتهن من منطقة الشرق الأوسط يقمن بالطهي في مطبخ المسجد يومين في الأسبوع ويتشاركن الطعام بعد أن جمعتهن مصيبة واحدة وشردتهن ألسنة النيران الملتهبة وخسرن بيوتهن ومطابخهن.

طرح الكتاب في الأسواق في العشرين من الشهر الحالي، وتصدر لائحة الكتب الأكثر مبيعا متخطيا كتاب جاي كاي رولينغ وجيمي أوليفر على موقع أمازون قبل توفره في السوق، وقد يكون السبب في ذلك هو أن هدفه إنساني محض ويعود ريعه بالكامل للمتضررين من الحريق وضحاياه، كما أن المبيعات ستساعد مطبخ «حب» في فتح أبوابه على مدى أيام الأسبوع، ومما لا شك فيه هو أن اسم دوقة ساسيكس ودعمها لتحقيق المشروع ساهم في نجاح الكتاب الذي شاركت به سيدات عربيات في غالبيتهن أطلقن على المطبخ الذي تشاركن بها الوصفات اسم «حب» وترجم الاسم إلى الإنجليزية Hubb Community Kitchen وقدمت كل سيدة وصفة تقليدية من بلادها، ويضم الكتاب 55 وصفة صفتها المشتركة البساطة والنكهة التي تحمل الحنين الذي يشعره كل ما عانى من تعب الغربة وفراق الأحباب.

يشار إلى أن هذا المشروع الخيري الأول الذي تتولاه ماركل بمفردها من دون مساعدة زوجها الأمير هاري، غير أن هذا الأخير أظهر دعمه الكامل لها من خلال حضوره مع والدة ماركل، دوريا راغلاند حفل إطلاق الكتاب.

اسم الكتاب يحمل بين أوراقه الكثير من المغزى الحقيقي، لأن تسميته تدل على الوحدة، وأرادت النساء اللاتي شاركن بالمشروع القول: «ها نحن هنا معاً».

ولم تخف ماركل علاقتها الوطيدة بالسيدات اللاتي عملن إلى جانبها على مدى عدة أشهر وتذوقت كل الوصفات وتقول إنها أغرمت بالكثير منها مثل وصفة الكاري بالدجاج مع جوز الهند والأرز الأخضر على الطريقة العراقية.

ومن المشاركات في تقديم الوصفات العربية في كتاب «معاً» كل من حليمة الحثيفي (30 عاما) التي تعلمت الطهي على يد والدتها، فعندما كانت صغيرة لم تكن هناك وسائل للتواصل الاجتماعي ولم تكن الوصفات متوفرة كما هي اليوم، فأجمل لحظات حياتها كانت عند تجمع العائلة حول المائدة كل مساء لتناول العشاء.

الحثيفي تعمل في مطبخ مسجد المنار الذي يقدم الفرصة للطهي ومشاركة الوصفات.

أما ليلى حدجم (35 عاما) فالطعام بالنسبة لها يستعيد الذكريات، وتقول: «حتى الرائحة تلعب دوراً في تذكر الطفولة في بلادي». وقدمت وصفاتها في المشروع لأنه ساهم في تخفيف المآسي على المتضررين من الحريق وقدم فرصة الطهي للعائلات التي خسرت منازلها. وهذا المشروع ساعد برأيها على جعل المشاركين بالمطبخ عائلة كبيرة واحدة.

ومنيرة محمود (34 عاما) فهي تعشق الطهي لأنها تحب إطعام الآخرين، وهذا المشروع كان أفضل ما قامت به لأن هدفه جميل ومبني على الحب.

وشرحت علاقتها بمطبخ المنار التي بدأت بالصدفة، فهي كانت تستعين بمطبخ صديقة لها تدعى جنيفير بعدما قضى الحريق على منزلها في «غرينفيل تاور»، وفي يوم من الأيام أرادت طهي كمية كبيرة من اللحم لا تتسع في فرن مطبخ منزلي للاحتفال بعيد زواجها مع عائلتها، فسمعت عن مطبخ المنار الذي يمكن تأجيره للمناسبات والأعراس، وعندما علمت بهذا المشروع كانت على أهبة الاستعداد للتعاون مع الدوقة والنساء اللاتي شاركن في الكتاب، وتصف كيف بكت عندما دخلت إلى المطبخ من جديد بغية طهي وصفاتها للكتاب وكانت المرة الأولى التي ترجع بها إليه بعدما طهت فيه مرة واحدة عقب الحريق.

وبالنسبة للعراقية أحلام صبري فحكايتها بدأت عندما كانت متبرعة تأتي إلى المسجد للطهي لأهالي المنطقة، فهي تعشق الطهي وتشعر وكأنها في المختبر لأنها حائزة على ماجستير في العلوم الكيميائية، وتطبق تخصصها في هذا المجال من خلال استعمال العيارات العلمية في الطهي.

وهذا المشروع كان من أجمل ما شاركت به في حياتها لأنه ذكرها بطفولتها في العراق ولطالما أرادت تأليف كتاب عن الطهي إلا أن زواجها ودراستها وقفا في الطريق، وهذا الكتاب كان بمثابة تحقيق حلم لطالما أرادت الحصول عليه، لا بل إنه أفضل لأن هدفه إنساني ويقرب الثقافات من بعضها البعض.

وانطلاق الصايغ (62 عاما) فهي متطوعة في مطبخ «حب» لأنها تحب الطهي وأفضل شيء في حياتها هو رؤية الناس مجتمعين حول المائدة، وانضمت إلى العمل الخيري الذي يقدمه الكتاب لمد يد العون لمن يحتاجها، كما تتمنى بأن يساعد ريع مبيعات الكتاب لتجديد المطبخ وتوسيعه لاستيعاب أعداد أكبر من المتطوعين، كما أنها ترى بأن المعدات قديمة وحان الوقت لتجديدها واستبدالها بمعدات أخرى حديثة. وعن الكتاب تقول ميغان: «دمج الهويات الثقافية تحت سقف مشترك، يخلق فضاء للشعور بالحياة الطبيعية في أبسط أشكالها، والحاجة العالمية للتواصل، والتنشئة، والتقارب في أوقات تناول الطعام أو الأزمات أو الفرح، وهو أمر يمكننا جميعا أن نتمسك به».
 

10 Oct, 2018 09:19:30 AM
0