Pasar al contenido principal
«جدتي تفقد الحلم» مجموعة قصصية

يُمثل الحلم آلية بنائية سردية مهمة في مجموعة «جدتي تفقد الحلم وقصص أخرى» للأديبة الفلسطينية نجمة خليل حبيب، فهو هنا إحدى آليات بناء العمل القصصي الإبداعي مع التذكر والتجربة. إذ استطاعت المؤلفة عبر بنيتها الحلمية أن تبرز أبعاد تجربة شخصيتها البطلة (الجدة)، بالارتكاز إلى بنية نصية ذات ملامح خاصة قائمة على إيجاد عالم بديل يُمكن أن يحقق انفراجاً في أزمة الشخصية وتحقيق ما عجزت عنه في الواقع. «في الحلم كان يرجع إليّ كل ليلة، كأنه لم يمت، كأنه كان مسافراً وعاد، وعادت معه اللهفة والشوق والمداعبات الماجنة». هكذا تتشكل أبعاد الشخصية البطلة في القصة عبر رغبة معطلة غير قابلة للتحقق؛ وبين الحلم الذي يوفر الإمكانات كلها لتحقيق ذلك. «ماذا أفعل لأعيد الحلم إلى حياتي!؟... يارب! حلم واحد، حلم واحد فقط، حتى ولو كابوس...»، بهذا الاشتغال تكشف الكاتبة/الراوية عن الدور التعبيري للحلم بوصفه تجربة شعورية خاصة يُمكن استدعاؤها إلى منطقة الوعي للشخصية الإنسائية وعيشها كتجربة مرئية متكاملة.


أما القسم الثاني من المجموعة والذي حمل عنوان «ذاكرة عشوائية»، فتُعبر عنها المؤلفة بالقول: «هي ذاكرة عشوائية ومزج غير بريء بين السيري والمتخيل. نسيج يدمج الصورة الشعرية اللماحة المترفة بلغة العادي واليومي والمبتذل. هي ذاكرة عشوائية لأنها تنتقي من الزمان والمكان ما يروق لها لا ما يروق لمنظري النظريات في فن القص أو السيرة». ويضم هذا القسم من المجموعة : «ذاكرة تتنفس في طائرة كوانتس»، «ذاكرة تتنفس فوق سرير أبيض»، «جدي أبو زكي»، «ما لمع لم يكن ذهباً»، كم كان العبور صعباً». في هذا القسم تستعيد المؤلفة في كل قصة منه، زمن النهوض الفلسطيني في الأدب مع «محمود درويش» وزمن الثورة مع أبو عمار وآخرون، وتتابع لتستعيد زمناً آخر للنكوص: اشتباكات بين فتح وحماس. مجزرة في بيت حانون... مشاهد من الوجود الفلسطيني في لبنان، اجتياح بيروت، حرب الميلشيات، وغيرها.

وفي القسم الثالث من المجموعة قصص قصيرة جداً تحضر فيها هموم الكاتب والكتابة وتجربة المؤلفة الصحافية وذكريات من أصدقاء الأمس. «وصال رؤوف»، «غسان كنفاني»، «وليد مسعود»، «جبر إبراهيم جبرا»... وآخرون حوّلت المؤلفة جراحهم وآلامهم إلى حكايات تروى.

ويأتي القسم الرابع والأخير في المجموعة بعنوان «وجدانيات»، تتبع فيه المؤلفة أسلوب (القصة القصيدة) وتصبح الشخصية البطلة في كل قصيدة هي الراوي وهي الأداة البنائية المركزية في القصيدة. ويأتي دور الوصف مكملاً في تقديم الشخصية كما في قصيدة «ميرا الأميرة»:

«كان لمجيئها ألق المرة الأولى/ هي حفيدتي الأولى. ليست أول أحفادي/ جاءت في الثالث والعشرين من يوليو/ أصبحت بهجتي في هذا اليوم بهجتين/ منذ أن وقعت عيني عليها وهي بعد ملطخة بوخم الرحم/ شعرت بسعادة علوية ضاهت سعادتي بمجيء من نصّبتني أماً...».

01 Nov, 2018 09:14:16 AM
0