تقنيات السرد وبنية الفكر العربي في الرواية العربية
إنَّ الرواية العربية، بعَدِّها نصّاً مفتوحاً على كلّ الأجناس الأدبية، تختلف عن غيرها من الأجناس الأدبية الأخرى، التي ينتظمها الشكلُ الكاملُ واضحُ المعالم. فهي ﻓﻲ حالة تجدّدٍ وتوالد دائمَين لشموليّتها وقدرتِها الفنيّةِ على استيعاب الأجناس الأخرى، وعلى الْتِقاط الأنغام المتباعدة والمتناظرة والمركّبةِ لإيقاع العصر بوساطة طبيعتها الشمولية والحوارية، التي ينطوي عليها النسيجُ الروائيّ، الذي يجمع بين عناصر مختلفةٍ. وبعبارةٍ أخرى فهي ﻓﻲ حالة سيرورة دائمة تتحرك باستمرار،
وتتشكّل مع متغيرات العصـر وتطوّره من ناحية الشكل؛ ﻷﻧﻬﺎ لا تمتلك قوانين أو قواعد ثابتة جامدة لا تتزحزح. وتطوّرت الرواية العربية على صعيد التقنيات الفنية عبر مراحل، فعرفَت أشكالاً، واتجاهات بدءاً بالرواية الكلاسيكية، ومروراً بالرواية الرومانسية والواقعية، وانتهاءً بالتقنيات الجديدة. وقد عرفَت حديثاً استنباط التعدّدية والنصّ المفتوح اللامتشكّل وغيره، وأنماط التعبير الحداثية، وكما يذهب بعض الرواة والنقاد فإننا اليوم نشكو وفرة المعاصرة وندرة الحداثة في مختلف الصعُد؛ ثقافةً وفكراً وسياسةً واقتصاداً. لقد شهد العقل العربي انفتاحاً على قنوات من التطور في بيئة الرواية أفاد منها كتّاب الرواية، فخرجوا عن المطلق الأبدي والمثالي وعن السائد والمألوف