تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

ماذا تعني النرجسية

مفهوم النرجسية

لفظ النرجسية مُشتقّ من اسم أحد الأشخاص في الماضي (نرجس)، فكما جاء في الأسطورة الإغريقية القديمة أنّ هذا الشخص الذي يُدعى نرجس كان يتميّز بشيءٍ من الجمالِ ومظهرٍ جذاب، وأثناء تجواله في الريف في أحد الأيام، وجد بحيرة فنظر إليها، فانعكست صورته في الماء، فأُعجِبَ بجماله، ووقع بجنون حب نفسه المتمثل في الصورة التي رآها في البحيرة، حاول جاهداً الوصول إلى المحبوب (انعكاس صورته) إلا أنّه عجز عن ذلك، فقتل نفسه، وسال دمه على أطراف البحيرة، نبتت بعد ذلك زهرةٌ من دماء نرجس، أسموها أهل الريف بزهرة النرجس لأنّها نبتت من دمائه، فعُرِفَت منذ ذلك الوقت بهذا الاسم، وما زالت دلالة زهرة النرجس حتى يومنا هذا ترمز لحب الذات المتوهج، وتقدير الذات موجودة لدى الجنس البشري، وشائع الوجود إلا أنّ درجاته تختلف من شخصٍ إلى آخر، كما تختلف أسباب تقدير الذات (النرجسية)، فهي لا تقتصر على الإعجاب بالجسد المادي فقط، بل تتعدى ذلك لدرجة إعجاب الآخرين به، وبأدائه وأعماله باعتباره كائن اجتماعي فيه من الصفات والإمكانيات التي تجعله مميزاً عن غيرهِ من البشر.

 

مفهوم الاضطرابات النفسية

يُعتبر المرض من أهم وأكبر الأخطار التي كانت تواجه الإنسان قديماً، حيث اعتبرها الإنسان خطراً يهدد بقائه، ولذلك كان يلجأ إلى الطبيعة باحثاً عن الخلاص مما يُعانيه من آلام، والمرض النفسي من أشدِ الأمراضِ قسوة وألماً، فهو ينتزع سعادة الإنسان ويدمرها، حيث يعمل على إعاقةِ إنتاجية الفرد ومنعه من التقدم والإبداع والتطور، وقد يُصاحب المرض النفسي حالة من البؤس والتعاسة، وضيق الصدر، والكآبة، والمعاناة.

 

تعريف الاضطرابات النفسية

عرَّف علم النفس والتحليل النفسي أنَّ الاضطراب يُقصد به الفساد، أو الخلل، أو الضعف الذي يصيب الإنسان، وهذا التعريف استخدمه علم النفس الإكلينيكي والطب النفسي، ويُطلق بصفةٍ عامة على اضطراب جوانب عديدة من شخصية الفرد، فهو مجموعة من الأمراض تُفسّر وجود سوء توافق عند الفرد؛ ولذلك فإنّه ينتج عنه بعضاً من الاضطرابات المتعددة الجوانب؛ كاضطراب الشخصية، واضطراب الإدراك، والاضطراب الانفعالي، واضطراب الحس، وغيره من الاضطرابات التي تصيب الفرد.

 

أنماط الشخصية

نشأ في الآونة الأخيرة علمٌ جديد ينتمي إلى علم النفس، هذا العلم يُدعى علم الطِّباع؛ حيث يدرس هذا العلم المميزات الثابتة لدى الإنسان، والاستعدادات الفطرية لديه التي تؤلّف وتبني الهيكل النفسي له، وتُبيّن لكل شخصية هويتها المستقلة بها مهما تباينت واختلفت المؤثرات الخارجية كالدين والثقافة والبيئة، ومن نتائج هذا العلم الجديد -علم الطباع- ظهور مصطلح أنماط الشخصية، وهو علم جديد يدرس الاستعدادات الفطرية والسلوكية لدى كل شخصية من الشخصيات التي يتم دراستها، وقد يُحدّد الوظائف والأعمال التي تُناسب كل نمط من أنماط الشخصية، ثم تتابعت النجاحات في هذا المجال، ليتفرّع عنه علمٌ جديد يُدعى بعلم الجرافولجي الذي يدرس ويحلّل شخصية الإنسان وذلك من خلال كتابته وخطه.

 

أنواع الشخصيات المضطربة (غير السوية)

إنّ الشخصيات غير السوية كثيرة وعديدة، وهي توجد عند شخصٍ واحد من كل ثلاثة من البشر (1% - 3%)، وقد تجد في الشخص الواحد سمات وصفات أكثر من شخصية من الشخصيات المضطربة، وهذا أمرٌ يحدث كثيراً، ومن هذه الشخصيات التي يظهر الاضطراب النفسي واضحاً عليها ما يلي:

  • الشخصية الفصامية: فهذه الشخصية تتصف بالانطوائية، والعزلة، والبعد عن الناس، والانفصال عن الواقع، وانعدام الرغبة في التواصل مع الآخرين، وتميل هذه الشخصية إلى ممارسة الأنشطة، والهوايات الفردية، وتتصف ببرودة المشاعر والانفعالات.
  • الشخصية شبه الفصامية: هذه الشخصية تتّسم بالغرابة بعض الشيء؛ وذلك لعدم وضوح السلوك الذي يتّبعه صاحبها، أو نمط الحياة التي يحياها، وهو من الأشخاص الذين لا يمكن التنبؤ بما قد يفعلون، أو بما يفكرون في أي أمرٍ طارئ، أو أي مستجدّ يتعرّضون له، وأفكاره خيالية تبتعد عن الواقع الذي يعيشه، ويظهر الشذوذ في بعض السلوكيات التي تصدر عنه، والتي تختلف عن مثل الأشخاص الذين يحيون ويعيشون مثل ظروفه.
  • الشخصية الشكاكة (المرتابة): تتّسم هذه الشخصية بالشك الشديد الذي لا أصل له، ولا مبرر لوجوده؛ لعدم وجود ما يدعم هذا الشك سوى الظنون والتي لا تقوم ولا تعتمد على شيء حقيقي، ويكون صاحب هذه الشخصية مشغول البال باستمرار؛ لشعوره بعدم ولاء الآخرين له، وبالتالي فإنّه يتجنب العلاقات الحميمة مع الآخرين؛ لاعتقاده أنّ كل ما يقوله سيُستخدم ضده، ومن صفاته أنّه لا ينسى أخطاء الآخرين في حقه، ومن الصعب أن يُغفَر لمن أخطأ؛ ذلك أنّه يربط أخطاء الآخرين ومواقفهم بعضها ببعض بدرجةٍ تُثير التوتر والشك الشديد، فهو يبحث عن أمور تريح شكوكه التي يشعر بها.
  • الشخصية الحدية: صاحب هذه الشخصية يتّصف بالتطرّف الشديد بالتفكير وفي بعض المفاهيم، كما أنّه متقلب وغير ومستقرّ في المشاعر والأحاسيس والانفعالات، فمرّة تجده يعيش الحب المفرط، ومرة البغض المفرط لنفس الشخص، فهو يعيش حالة من الاضطراب في تطور الذات، وتتسم تصرفاته بالفجائية؛ يعيش فراغ الذات، الهدف لديه غير واضح، ليس لديه القدرة على ضبط حالات الغضب التي تصيبه.
  • الشخصية النرجسية: شعور مبالغ فيه ينتاب صاحب هذه الشخصية بالعظمة وحبه لذاته، وأنّه شخص فريد لا مثيل له، نادر الوجود، القليل من الناس فقط من يستطيع فهمه وإدراك ما يفكر فيه، ينتظر احتراماً كبيراً من الآخرين لشخصيته، وصفاته، وأفكاره، يحاول أن يستفيد من المحيطين به ومن ظروفهم ليحقق مصالحه الشخصية؛ فهو استغلالي، وابتزازي، ومن صفاته أنّه يتمركز حول ذاته ويستميت للوصول إلى ما يريد والحصول على أعلى المناصب المتاحة؛ لا لتحقيق ذاته، وإنما من أجل تحقيق الأهداف الشخصية التي لديه.
  • الشخصية الهستيرية: هذه الشخصية قابلة لأن تكون متطرفة ليس بسبب قناعة صاحب هذه الشخصية بالتطرف نفسه، وإنّما من أجل الحصول على ما يترتب على هذا التطرف من فوائد ومصالح دنيوية، وما أسهل أن يتخلى صاحب هذه الشخصية عن فكرة يتبناها، ويعتمد عليها، وينتقل إلى فكرة أخرى، لأنّه وجد المنافع والمصالح الشخصية في الفكرة الجديدة أفضل وأنفع، بغض النظر عن إذا كانت الفكرة الجديدة صائبة أم خاطئة، وهذا ما يُدعى -حسب علم النفس- التمركز حول مصالح وفوائد الذات لا حول الفكرة، وتظهر هذه الشخصية كثيراً في قادة التطرف أكثر من ظهورها في الأتباع.
  • الشخصية الهستيرية: تكثر هذه الشخصية بصفةٍ خاصةٍ عند النساء؛ ذلك أنّ صاحب هذه الشخصية يجب أن يكون محطّ أنظار الآخرين وتركيزهم، وإن حدث غير ذلك شعر بعدم الارتياح، ولذلك فإنّ أكثر ما يهتم به هو المظهر الخارجي؛ لجذب انتباه الآخرين إليه؛ نظراً لنقص الجوهر، وصاحب هذه الشخصية يسعى لنيل إعجاب من حوله، وتقديرهم دون تقديم الأمر المهم، أو ما فيه قيمة، مثل هذه الشخصية عندما لا تجد من يهتم بها ويُظهِر الثناء عليها تذهب إلى آخر لتعوّض ما تجده من نقص في الاهتمام والتقدير.
  • الشخصية السيكوباتية (الإجرامية): وهي التي لا تتوافق مع أنظمة وقوانين المجتمع الذي تعيش فيه، ويظهر انعدام في التخطيط المستقبلي، وتتصف بالعنف، والمخادعة، وعدم المسؤولية، وعدم الاستفادة من خبرات الآخرين.
  • الشخصية الوسواسية: تتصف مثل هذه الشخصية بالتركيز الشديد والمُفرِط بدقائق الأمور، فتظهر لدى صاحب هذه الشخصية الدقة، والتصلب في التعامل مع الأنظمة والقوانين وتنفيذها بحرفيةٍ شديدة، وعدم التركيز على ما تحويه هذه الأنظمة من معاني وأهداف، فهذه الشخصية تبالغ في أن تكون مثالية، مُتقيّدة بالأنظمة تعمل بشكلٍ متواصل ودون استرخاء، ولا تعتمد على الآخرين في إنجاز بعض الأعمال، ففكرة التفويض غير واردة لدى هذه الشخصية، وبالتالي تنعدم المرونة لدى الشخص الوسواسي، وغالباً ما يتصف بالبخل والاحتفاظ بالأشياء غير المهمة.
  • الشخصية الاعتمادية: يجد صاحب هذه الشخصية صعوبة في إنجاز ما لديه من أعمال، وقرارات دون الرجوع بصورة متكررة ومملة للآخرين، وطلب المساعدة منهم والاستشارة، وهذه الشخصية لا تعارض الآخرين خوفاً من فقدها العون والمساعدة، فصاحب هذه الشخصية يشعر بنقص الثقةِ لديه، ولذلك هو لا يُقدم على عملٍ مشروعٍ منفصل، أو إنجاز عملٍ فردي؛ بسبب نقص الثقة التي يشعر بها لا نقص الموارد والطاقةِ لديه، وصاحب هذه الشخصية يصعب عليه اتخاذ القرار بنفسه في الأمور الحياتية التي تمر به.
  • الشخصية التجنبية: يشعر صاحب هذه الشخصية بالخوف المستمر من نقد الآخرين في اللقاءات الاجتماعية العامة، ويشعر بعدم الكفاءة لديه؛ ولذلك فهو يميل إلى السكوت في أغلب الأوقات عند تواجده مع الآخرين، ويبتعد عن المهام الوظيفية التي تحتاج إلى تواصل مع الآخرين، فهو يفضل عدم الاختلاط.
  • الشخصية الاكتئابية: هذه الشخصية ترفض القيام بأي عملٍ أو نشاطٍ بسبب ما تُعانيه من كآبة، والنظرة العامة للحياة هي النظرة السوداوية، فأعراض الاكتئاب تظهر بوضوح في هذه الشخصية.
  • الشخصية السلبية العدوانية: تُظهِر هذه الشخصية للآخرين العِداء بشكل غير مباشر، وتُفضّل الاعتداء على الآخرين، وإظهار الضعف وحالة من التمسكن لتحقيق ذلك.
  • الشخصية الساديّة: وهي التي تجد المتعة في إيقاع الأذى بالآخرين بنوعيه الجسدي والمعنوي؛ ولذلك فهذه الشخصية تميل إلى الوظائف التي تُريح بها النفس؛ ليظهر أذاها للآخرين بشكلٍ مشروع.

 

15 يوليو, 2021 03:26:38 مساء
0