تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

كيف أحبب شخصاً بالصلاة

كيف أُحبّب شخصاً بالصلاة

'); }

إنَّ دعوة الناس إلى الصَّلاة تختلف من شخصٍ لآخر؛ فمِن الأشخاص من يتأثَّر بالموعظة الرَّقيقة والرِّفق فيها، وتذكيره بالآيات القرآنيَّة والأحاديث النبويَّة التي تنصُّ على أجر المُصلِّي وعقوبة تارك الصَّلاة، ومنهم من يتأثَّر بالهديّة والتشجيع أو تقديم خدمةٍ دنيوية، فيَلينُ بعدها قلبه، ومنهم من تؤثِّر فيه الشدِّة أحياناً، لذا على النَّاصح معرفة الشَّخص الذي أمامه وطبيعته؛ ليختار الأُسلوبَ الأنفع في وعظه، ومن الأساليب التي يمكن اتِّباعها لتحبيب شخصاً بالصلاة ما يأتي

  • التَّذكير بمنزلة الصَّلاة في الإسلام، وأنَّها أعظم الأركان فيه بعد الشَّهادتين، والتَّذكير بفضلِها وثوابها، وأنَّها أوَّل ما يُحاسَب عليه المرء من أعماله، والتَّذكير أيضاً بعقوبة تارك الصَّلاة، وأنَّ مجرد تأخيرها عن وقتها يعدُّ من الكبائر في الإسلام.
  • إهداؤه بعض الكُتيّبات عن فضل الصَّلاة وعقوبة تاركها.
  • التَّذكير بالموت والقبر، ووجوب إعداد النَّفس لهذا اللَّحظات.
  • التّذكير بأهمّية صَلاة الفجر خاصَّة، وأنَّها فرضٌ مثل بقيِّة الفروض ويجب أداؤها في وقتها، وتوزيع الكتب والمنشورات عن صَلاة الفجر، ومساعدة الشخص على أداء صَلاة الفجر في وقتها؛ من خلال إيقاظه على موعد الصَّلاة من خلال الهاتف أو غيره.
  • دعوته بالرّفق والموعظة الحسنة، والتدرّج في ذلك، بالبدْء بنصحه بأداء الفروض الأساسية، ثم بعد ذلك تحديثه عن صلاة الجماعة وأهمّيتها وفضلها، والحرص على إيجاد الرفقة الحسنة التي تأخذ بيده وتشجّعه دائماً على العبادة والصلاة.
  • بيان أساليب الشيطان ووساوسه للصدّ عن العبادة، ومجاهدة النفس في سبيل ذلك، وعدم اتّباع خطوات الشيطان، وعدم اليأس من دعوة الشخص والصبر عليه، وتوجيهه باللّطف والكلام الحسن.
  • تذكيره بحال السّلف بالعبادة وحبّهم لله -تعالى-، وبيان حكم ترك الصلاة له.


وكما هو معلوم لدى عامَّة المسلمين أنَّ التَّناصح أمرٌ أساسيٌّ في دين الإسلام، وخاصَّة إذا تعلَّقت النَّصيحة بأحد أهمِّ الفروض في الإسلام ألا وهي الصَّلاة؛ إذ يجب على المُسلم أن يؤدِّي النَّصيحة لمن رأى عنده تقصيراً في الصَّلاة أو تركاً كاملاً لها، ويُقتدى بذلك بفعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ما جاء عنه: (أنَّ رَجُلًا دَخَلَ المَسْجِدَ فَصَلَّى، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في نَاحِيَةِ المَسْجِدِ، فَجَاءَ فَسَلَّمَ عليه، فَقَالَ له: ارْجِعْ فَصَلِّ فإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ) وينبغي على المسلم أن يداوم على النَّصيحة بالحكمة والموعظة الحسنة ولا يَيأس من أخيه المسلم، وأن يستمر بنصحه ودعوته برفقٍ ولين. كما على المسلمِ أن يدعو الله -سبحانه وتعالى- لهداية أخيه المسلم خاصّةً في جوف اللَّيل، وأن يشرح صدره للهداية، ويعينه على أداء الصَّلاة والمواظبة عليها.

'); }


والصَّلاة تُمثِّل لقاءً روحياً بين العبد وخالقه، وفي هذا اللِّقاء يجد المسلم الرَّاحة والاطمئنان الذي يُعينه على الاستمرار في هذه الحياة، ومواجهة مشاقِّها ومصاعبها، فإذا تنبَّه المسلم لهذا المعنى؛ لم تعد الصَّلاة بالنَّسبة له مجرَّد تكليفٍ عليه تأديته، بل تصبحُ الصلاةُ ملاذاً آمناً يلتجئ إليها العبد، بدليل قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَقِمِ الصلاةَ يا بلالُ، أَرِحْنا بها).

 

كيف أحبّب الأطفال بالصلاة

لا بدّ أن يتمَّ غَرس القِيَم الإيمانيَّة في الأطفال مُنذ الصِّغر حتى نُحبِّب الأطفال في الصَّلاة، وكذلك تَنشئتهم عليها؛ من خلال تثبيت أُسُسِ العقيدة في نُفوسهم، وبما يتناسب مع مرحلتهم العُمريَّة؛ فلا يُتوَقع الحصول على ثمار الإيمان من الالتزام بالصَّلاة والزَّكاة وغيرها من فرائض الإسلام دون غرسها أوّلاً في النفوس، ومن دون رؤية القدوة الصَّالحة ثانياً؛ إذ لا بدَّ للوالدين أن يتمثَّلا بكلِّ ما يريدان غرسَهُ بأطفالهما، ممَّا يُسهِّل كثيراً من مهمَّتهما في تعويد الأبناء على الصَّلاة وتَحببيهم فيها؛ لأنَّ الأطفال يُقلِّدونَ آباءهم عادةً، وهذه فرصةٌ للآباء عليهم استغلالها في تحبيب الصَّلاة لأبنائهم.


ولكلَّ مرحلةٍ عُمريَّة أسلوبها المناسب في تحَبيب الطِّفل بالصَّلاة؛ فقد قال رسول الله -صلى الله عليه-: (مُروا أولادَكم بالصلاةِ وهم أبناءُ سبعِ سنينَ واضربوهُم عليها وهمْ أبناءُ عشرٍ وفرِّقوا بينهُم في المضاجعِ)، لذا يبدأ تَعويد الأطفال على الصَّلاة بعد بُلوغهم السَّابعة من العمر، ويتمُّ أمرهم أيضاً بالإتيان بشُروطها من الطَّهارة، وستر العورة، وغيرها، ويكون التدريب على الصَّلاة والحثُّ عليها بحرصٍ ورفق، ومن أفضل السُّبل لتعويد الأطفال على العِبادات؛ ربطها بالمُكافآت من مدحٍ، وثناءٍ، ومكافآتٍ مادِّية، مع مراعاة الاعتدال في كل هذه الأمور؛ كي لا يتعلَّق الطِّفل بالمكافأة أكثر من تعلُّقه بالصَّلاة، ويَغلب على الظَّن أنَّ اتِّباع هذه الطُّرق والاستمرار عليها لن يُلجئ الأهل إلى الوصول إلى مرحلة الضَّرب على ترك الصَّلاة، ولكن إن اضُّطروا إلى ذلك؛ فيكون الضَّرب عندها ضرباً غير مبرِّحٍ، ولا يكون في الأماكن الغير مباحٍ الضَّربُ فيها مثلَ الوَجهِ، وألَّا يتمَّ الضَّرب أمام أحدٍ من النَّاس، وكذا لا يُضرب الطَّفل وقت الغَضب؛ لأنَّ الهدف من الضَّرب الإصلاح، وليس العِقاب أو تفريغ الغضب.


وإحدى الطُّرق النَّافعة في تحبيب الأطفال بالصَّلاة؛ سَرد القصص الإيمانيَّةِ عليهم، والَّتي تبيِّن أهميَّة الصَّلاة لهم، لِما تحتويه هذه القصص من قِيمٍ ومُثُلٍ تتسرَّب إلى نفوسهم بطريقةٍ مشوِّقةٍ وممتعةٍ، وتُحدِثُ الأثَرَ العميق فيهم، كما يُنصحُ باصطحاب الأطفال إلى المساجد لتعويدهم عليها وتحبيبهم فيها، ومن المواسم المُحبَّبة للأطفال لزيارة المساجد شَهر رمضان المبارك؛ إذ يُنصح باستغلال صَلاة التَّراويح لتَشجيع قدوم الأطفال وتَحبيبهم بالمساجد، وتَوزيع الجوائز عليهم في حال التزامهم بالصَّلاة.

 

منزلة الصلاة في الإسلام

إنّ للصَّلاة في الإسلام منزلةً عظيمةً؛ فهي عِماد الدِّين الذي لا يقوم إلا به، وأعظم أركانه بعد الشَّهادتين، وهي أوَّل ما يُحاسبُ عليه العبدُ من الأعمال؛ فإن صَلُحَت صَلَحَ سائرُ عمله، وإن فَسَدَت فَسدَ سائر علمه، والصَّلاة آخر ما يُفقد من الدِّين، فإن ضَاعت لم يبق من الدِّين شيءٌ، كما أنّ الصَّلاة آخر وصيَّةٍ للنَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-، ولبيان مَنزلتها مَدح الله -تعالى- المُصلِّين ومن يأمرُ أهله بها، وعدَّ أداءها من أهمِّ صفات المفلحين، كما أنَّه -سبحانه وتعالى- ذمَّ المُتكاسلين عنها والمُضيِّعين لها، ولِعلوِّ منزلتها فُرضت في السَّماوات العُلى ولم تُفرض على الأرض، ولِخطورة تَركها أُمرَ النَّائم والنَّاسي بوجوب قضاء الصَّلاة إن فاتتهم؛ فبالرُّغم من توفُّر العُذر لديهم لعدم أدائها في وقتها، إلَّا أنَّهم لا يُعذرون عن قضائها، بدليل حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا).


وللصَّلاة نفعٌ عظيمٌ على حياة المسلم، ويشمل ذلك حَياته في الدُّنيا والآخرة، فهي صِلة العبد بربِّه في الحياة الدُّنيا، والتي من خلالها يَستمد النُّور في قلبه، ويَبثُّ همومه إلى ربِّه، والوسيلة التي يطلب فيها الهداية والإعانة منه، كما أنَّ الصَّلاة تكفِّر الخطايا وتمحو السِّيئات، ومَثَلُ الصَّلوات الخمس كما أخبرنا النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- كالماء الذي يُطهِّر الإنسان به نفسه فلا يبقى من دَرنه وأوساخه شيء، أي تُغفر بها ذنوبه. وبسبب هذه المنزلة العظيمة للصَّلاة، لم يَجُز للمُسلم تأخيرها أو أدائها خارج وقتها بدون عذرٍ شرعيّ، فلا بدَّ من أدائها في وقتها المحدَّد، ويُعدُّ هذا من أحبَّ الأعمال إلى الله -سبحانه وتعالى-، ولا يجوز للمسلم الانشغال عنها بأمور الدُّنيا.

08 ديسمبر, 2021 04:50:03 مساء
0