التحولات الاقتصادية والاجتماعية في الأردن الجزء الأول 1950 1967
ارتبطت الأسباب الحقيقية للاختلالات البنيوية للاقتصاد الأردني بمصالح الاستعمار في المنطقة، والذي عمل على إبقاء الاقتصاد الوطني اقتصادا ضعيفا يعتمد على المساعدات الأجنبية، ويفتقر إلى القاعدة الإنتاجية. وقد شهد الاقتصاد الوطني تطورات ملحوظة ضمن السـياق نفسه بتأثير عوامل داخلية وخارجية، إلا أن اتجاهاته العامة، وسوء استخدام موارد البلاد، وغياب التوزيع العادل لعائدات التنمية فاقم الأزمات السـياسـية والاقتصادية والاجتماعية.
وتبرز أهمية توسـيع وتنوع القطاعات الإنتاجية بصورة مضطردة، لكي يصبح الاقتصاد الوطني قادرا على النمو والتكيف مع المستجدات والتقلبات، فهو لا يستطيع البقاء والصمود في مواجهة الاهتزازات السـياسـية الإقليمية والدولية بحكم حساسـية الموقف الرسمي تجاه الجهات الممولة لنفقات الخزينة، وهي قضـية مركزية لا يمكن تجاهلها، إن لم يجر إعادة صـياغة الاقتصاد الأردني بمعالجة التشوهات الهيكلية وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة تضمن للدولة الأردنية استقرارا ذاتيا نابعا من مقوماتها الحقيقية، وليس على حساب الصـراعات السـياسـية والمصالح الامبريالية.
أحدثت التبدلات الديمغرافية للمجتمع الأردني طفرة في التركيبة السكانية بعد ضم الضفة الفلسطينية عام 1950، وشهدت تطورا نوعيا في بنية الدولة الأردنية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما اتسعت مساحات الأراضـي الزراعية في مرحلة الوحدة. وتضاعفت موازنة الدولة مرات عدة. وفي خضم النضال تلاحم الشعبان الشقيقان، الأردني والفلسطيني، في مواجهة الاستعمار والصهيونية. وشكل إحباط الأحلاف الاستعمارية، وتعريب الجيش، وفوز الحركة الوطنية في انتخابات ديمقراطية بأغلبية مقاعد مجلس النواب في عام 1956، وتشكيل أول حكومة حزبية برلمانية برئاسة سليمان النابلسـي، وإلغاء المعاهدة البريطانية-الأردنية محطات مهمة في تاريخ الحركة الوطنية الأردنية.