فاكهة الندماء في مراسلات الأدباء
إنَّ شاعرًا كـ «ناصيف اليازجي» يَسْتَحِقُّ أن يُقتفى أثره في كل ما نظم؛ فبراعة لغته وسلاستها تُقرِّب متناولها من القصد والمعنى، وسعة معارفه وأصالتها تجذب القارئ إلى عالم التراث الذي تمسَّك «اليازجي» به وعُني بإحيائه وتبسيطه. أديبٌ تقرَّب منه النُّدماء، وأحبُّوا مجالسه الرحبة، طربوا فيها لولعه بالصوت الجميل وما كان يلقِّن تلامذته من التواشيح، وأَنِسوا لنوادره وحكاياته وإلمامه بأيام العرب وأشعارهم، فيُقال إنه ما سمع بيتَ شعرٍ إلا عرف قائله، وما قرأ كتابًا إلا حفظ زبدته. وإذ كان هذا الشاعر الجذل محبوبًا من أهل العلم والأدب معًا؛ فإذا بالرسائل تتوارد إليه من كل حدب وصوب، منظومة ببراعةٍ شعرًا ونثرًا، وإذا به ينظم ما هو أبهى وأروع؛ ردًّا على تلك الرسائل، والتي يجمعها الكتاب القيِّم الذي بين أيدينا.