شعر فاروق جويدة قراءة في الرؤية والتشكيل
إذ يبقى الشعر تلك الطاقة المبهجة للروح والمسافرة عبر الأزمان دون أن تخسر شيئا من بريقها. لقد باتت الدراسات النقديّة التي تفتت القصيدة بين لغة وموسيقى وصورة أقلّ إغراءً من ذي قبل، فاختزال التجربة الشعريّة في لغة أو موسيقى وما سواها هو خيانة حقيقية لروح الشاعر وللحظة الكتابة الشعرية لديه، تلك التي تجعله يدخل فيما يشبه الغيبوبة قبل أن يستفيق وقد دفع إلى بياض صفحته هذا الثقل الروحي اللذيذ والمعذِب في الوقت ذاته.
ولحظة الكتابة لحظة كشف ومن خلالها يصنع الأديب فتحه التاريخيّ، وذلك أنه في مرحلة سابقة على الكتابة يقوم بالإصغاء والتلقي بحساسية مفرطة، فيستجلي ويكشف ويملأ الفجوات ويمضي ليجد لنفسه مكانا في ركب الإنسانيّة المشترك.
إن النص الشعريّ الذي يؤسس لديمومته واستمراريته في منطقة " التداول القرائي" عليه أن يضع في اعتباره أن أدوات الشاعر ورؤاه وآلياته وتقاناته تنصهر كلها في بوتقة واحدة كي تؤدي إلى قصيدة أو قطعة فنيّة بحيث لا يعود من شأننا أن نعيد تفكيك هذا البناء الجديد إلى لبناته الأولى.