شعاع من السيرة النبوية في العهد المكي
عبثت يد الأيام بكل مخلفات دعاة الإصلاح البشري المقطوع عن أصل الرسالات السماوية، وبتعبير أدق الإلهية، كما عبثت أهواء البشر بالديانات السماوية قبل الإسلام، فختم الله تعالى أمر النبوات والرسالات برسالة الإسلام، وأرسل بها محمداً عليه الصلاة والسلام نبياً خاتماً ورسولاً رحمة للعالمين. وجعل سيرته "صلى الله عليه وسلم "مؤدية الغرض الإيماني والعبادي العملي، من دعوة الناس في الأرض كلها إلى الله سبحانه وتعالى، وإلى قيام الساعة. وضمن الله سبحانه لسيرة محمد"صلى الله عليه وسلم " من الخصائص والميزات ما لم يضمنه لسير أنبيائه ورسله من قبل، بسبب اختلاف طبيعة دعوته العامة الخالدة الخاتمة، عن رسالاتهم الخاصة في الزمان والمكان والمدعوّين.
ومن ثم لم يُتَح البقاء والدوام إلا لسيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام؛ إذ امتازت سيرته بالعموم، والخلود، والواقعية في أحداثها، والشمول والتكامل في فقراتها؛ بحيث جمعت كل ما يكون في حياة الإنسان، وبما يجعلها صالحة للاقتداء، بحيث ترسم للمسلم منهج الحياة بحذافيرها.