Direkt zum Inhalt

الصين واليابان: حرب لم تهدأ

النزاع البارد والمتواصل بين الصين واليابان موضع اهتمام دائم من جانب الدارسين، كما يشير جوناثان فينبي.

تطورت منطقة شرق آسيا — التي تضم خُمس سكان العالم — بمعدل يفوق في سرعته أي منطقة أخرى في العقود الأخيرة. ولما كانت تضم ثاني وثالث أكبر الاقتصادات على وجه الأرض في الصين واليابان، فإنها تحمل مفتاح النمو العالمي في وقت يشهد أداءً ضعيفًا في الغرب. ومع ذلك، ترتبط المنطقة ارتباطًا قويًّا بماضيها. فالتاريخ هنا مهم، سواء بالنسبة للصين التي تنظر للوراء إلى ماضيها الإمبراطوري الكونفوشيوسي الذي امتد على مدار آلاف السنين، أو بالنسبة لليابانيين في احتفائهم باستعادة فترة إصلاح ميجي؛ التي ساعدت اليابان على أن تتحدى الغرب في حروب القرن العشرين، وأن تصبح بعد ذلك رائدةً على مستوى العالم في مجال التكنولوجيا.

ملصق تفصيلي يصوِّر معركة الدبابات الكبرى؛ صُمِّم في شنغهاي.

ملصق تفصيلي يصوِّر معركة الدبابات الكبرى؛ صُمِّم في شنغهاي.

ماضي المنطقة لديه صدًى آخر أكثر إثارة للقلق اليوم، كما يتضح في كتاب جديد مهم حول حرب اليابان مع الصين في منتصف القرن الماضي، وفي معرض مدهش في المتحف البريطاني يصوِّر كيف عملت الدعاية على كلا الجانبين على تأجيج العداء. ومما أضفى على أهمية هذا التاريخ مزيدًا من الوضوح، نزاع كلٍّ من بكين وطوكيو على مجموعة من الجزر غير المأهولة في بحر الصين الشرقي، حيث يصعِّد كلا الجانبين من لغة خطابه على خلفية الوضع الإقليمي المضطرب، بدءًا بنزوات كوريا الشمالية ووصولًا إلى منازعات الصين البحرية الأخرى في بحر الصين الجنوبي، ناهيك عن سعيها لاستعادة السيطرة على تايوان.

يعود هذا العداء إلى حرب ١٨٩٤-١٨٩٥، بعد مرور قرون ظل خلالها اليابانيون ينظرون إلى الصينيين باعتبارهم سادة شرق آسيا. ولكن الحداثة التي حققتها اليابان في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ولَّدت ثقةً توسُّعيةً ذاتيةً لديها، تعززت بانتصارها الحاسم على السلطة المتداعية لسلالة تشينج الحاكمة في صراعٍ بدأ في كوريا ولكن سرعان ما امتد إلى الصين نفسها.

فرضت الضغوط التي مارستها الدول الغربية بتقديم تنازلات في الصين — التي لم تكن تريد سقوط تشينج — قيودًا على مطالب طوكيو، ولكن حصلت اليابان على تايوان وحقوق كبيرة في منشوريا وكذلك على تعويض كبير. ثم جعل الانتصار اللاحق في الحرب الروسية اليابانية في ١٩٠٤-١٩٠٥ وحصول اليابان — بتحالفها مع البريطانيين — على الامتياز الألماني في تسينجتاو (تعرف اليوم باسم تشينجتاو) في شبه جزيرة شاندونج في عام ١٩١٤؛ جعل اليابان القوة المهيمنة في المنطقة، وهي المكانة التي أكدها قرار اتُّخذ في فرساي في عام ١٩١٩ بتسليمها المستعمرات الألمانية في الصين.

أطلق ذلك الاحتجاجات المعروفة باسم حركة الرابع من مايو — بدءًا من تاريخ أول مظاهرة — والتي ولَّدت الأفكار الديمقراطية والعلم والتقدم، وأثَّرت في كثير من الشباب الصينيين، بمن فيهم ماو تسي تونج. وبعد اثني عشر عامًا أخرجت اليابان منشوريا من النظام القومي في الصين وبعد ذلك، في عام ١٩٣٧، شنَّت حربًا استمرت حتى عام ١٩٤٥.

تلك الحرب هي موضوع الكتاب الجديد لرانا ميتر، الذي كتب أيضًا دراسة رائعة حول حركة الرابع من مايو. ويعد كتاب «حرب الصين مع اليابان ١٩٣٧–١٩٤٥: صراع من أجل البقاء» (آلين لين) كتابًا متعدد الأوجه في وصف العديد من التيارات التي أثَّرت في الصين. على الجانب الصيني كان هناك القوميون، الذين كانوا مقموعين في مخبئهم في تشونجتشينج؛ والنظامُ المتعاونُ مع العدو في نانجينج، حيث ارتُكِبت أسوأ فظائع الصراع من قِبَل الغُزاة الزاحفين؛ والشيوعيون الذين تواجدوا في قاعدتهم في شمال البلاد، حيث قاتلوا بأقل قدر ممكن، منتظرين اندلاع الحرب الأهلية. وسيطر اليابانيون على معظم المدن والموانئ وطرق المواصلات. وبعد بيرل هاربر، كان هناك الأمريكيون أيضًا، على الرغم من عدم عزم روزفلت على توريط القوات البرية. فكان ممثلهم الجنرال «فينجر جو» ستيلويل مواطنًا أمريكيًّا ذا مبادئ عالية وسريع الانفعال، وقد اتضح أنه كان الرجل غير المناسب في المكان والزمان غير المناسبين.

تركت الحرب إرثًا معقدًا. فقد ساعدت في الصعود التالي للشيوعيين، وبعد أن أصبح «التعليم الوطني» الركيزة الأساسية في التعليم الصيني في تسعينيات القرن العشرين، رسخت تلك الحرب العداء الشديد تجاه اليابان، وهو العداء الذي لم تفعل القوة المعتدية من القرن الماضي شيئًا يُذكَر لتبديده. اندلعت المظاهرات والمقاطعات ضد اليابانيين بانتظام في الصين، بينما زادت اليابان العداء حدة عن طريق حوادث مثل الصور الأخيرة التي التُقطت لرئيس الوزراء الياباني شينزو آبي عندما كان يجلس في طائرة مقاتلة تحمل الرقم نفسه الذي كان يحمله مصنع الأسلحة البيولوجية الذي كانت تُجرى فيه التجارب على الصينين.

تنظم ماري جينسبيرج — المتخصصة في دراسة الدعاية — معرضًا بالمتحف البريطاني بعنوان «فن التأثير: الدعاية الآسيوية» (ممتد حتى ١ سبتمبر). ويغطي المعرض ما قبل وبعد حرب ١٩٣٧–١٩٤٥، ولكنه يحتوي معروضاتٍ رائعةً من فترة الصراع الطويلة. كما يتفرد المعرض بجمعه بين صور من مناطق القوميين واليابانيين والمتعاونين معهم في الصين، إضافةً إلى أشياء من الجبهة الداخلية لليابان. وقد استُخدمت الأشكال التقليدية مثل الحكايات الشعبية اليابانية المصوَّرة في «مسرح العرائس» في نقل الرسائل، ونشرت مجلة الأطفال الصينية الدعاية. فيوجد كيمونو ذو نقوش وطنية وكأس لشرب الساكي مزينة بالدعاء بالنصر والطيارين الشجعان الذين يهجمون من السماء، بينما تُصوِّر الملصقات الصينية الغزاة كجالبي الموت والدمار المخيف.

ما يقدمه المعرض وكتاب ميتر على حدٍّ سواء هو الطبيعة الكلية للحرب الصينية اليابانية، ليس فقط في عدد القتلى الذي يتراوح بين ١٤ و٢٠ مليون شخص، ولكن أيضًا في تأثيرها على الحياة اليومية بأعداد مهولة من اللاجئين وتدمير المجتمع. وتمثلت إحدى النتائج في تسهيل الغزو الشيوعي في عام ١٩٤٩، وتمثلت أخرى في ترسيخ المشاعر التاريخية عميقة الجذور التي تتسم بها سياسة شرق آسيا حتى يومنا هذا.

29 Dez., 2015 02:44:34 PM
0