الإيمان والمؤمنون في سورة (المؤمنون)
سورة (المؤمنون)، تلك السورة التي أبهرني نورها وجمالها- كدأب سائر سور القرآن- وشدّني بياضها، الذي فاق إشعاع البيض المكنون، واستمتعت برائع ثمارها الغض المصون.
فما هي السورة؟ وما هو موضوعها؟
بين يدي السورة الشريفة: سورة {المؤمنون} المكيّة هي السورة الثالثة والعشرون ترتيباً في القرآن الكريم، ذات المائة وثماني عشرة آية، وكلماتها ألف ومائتان وأربعون، وحروفها أربعة آلاف وثمانمائة ، نزلت هذه السورة الشريفة بعد سورة الطور، وقبل سورة الملك .
والناظر في السياق التاريخي لنزول هذه السور الشريفة {الطور، المؤمنون، الملك) يجد الترابط البيّن الواضح بين موضوعاتهن؛ فسورة الطور تُعنى بأصول الإيمان، وتتحدث عن مآل السعداء والأشقياء ، كقوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} ، إلى قوله تعالى: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ} ، وسورة الملك شأنها شأن السور المكيّة، تعالج موضوع الوحدانية، وهو أساس الإيمان ومطلبه، ولذلك استهلت الحديث عن عظمة الله تعالى وتقديسه؛ بقوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} .