Skip to main content
أي دور لأميركا عالميا؟ ... ثلاثة مؤلفين يحاولون الإجابة

في ثلاثة كتب مختلفة... تقويم لسياسة أميركا في العالم، خصوصًا النظرة الاستثنائية الأميركية، والحذر من تراجع أميركا الوشيك متقهقرةً، والتأكيد أن المستقبل الليبرالي ليس مضمونًا.
 
]يعلن الكاتب الأميركي جيفري ديفيد ساكس أن الولايات المتحدة تواجه اليوم خيارًا مزدوجًا يقع بين مستقبلين محتملين: الحرب، بما فيها النووية، أو التعاون السلمي.

ويرى ساكس في كتابه "سياسة خارجية جديدة: ما بعد الاستثنائية الأميركية" New Foreign Policy: Beyond American Exceptionalism (المكون من 253 صفحة، منشورات جامعة كولومبيا، 18 دولارًا) أن الطريق الوحيد لتفادي الحرب هو أن تتخلى أميركا عن فكرة الاستثنائية الأميركية، أي الإيمان الراسخ بأن الولايات المتحدة بلد يختلف عن كل البلدان، قدره أن يكون عظيمًا وأن يقود العالم. وبحسبه، فكرة الاستثنائية كانت أحيانًا تخدم القوة الأميركية، لكنها اليوم فكرة كارثية.

نظرة أُممية جديدة
تلاحظ صحيفة "نيويورك تايمز" في مراجعة لكتاب ساكس أن المؤلف يحمل بشدة على الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قائلًا إنه التجسيد الخالص لأسوأ نوازع أميركا، "يساعد الغني على حساب الفقير، أهوج، غير متوازن، وبلا خبرة". لكنه يرى أن ترمب ليس إلا التعبير الجديد عن فكرة الاستثنائية، التي ورّطت أميركا في حروب غير ضرورية، وظالمة، ولا نهاية لها، سرية وعلنية، من غواتيمالا إلى إيران في الخمسينيات، ومن أفغانستان إلى العراق في عهد أقرب.

كما أدت إلى تجاهل خطير للبيئة، وموقف ضيق الأفق في التعامل مع الشرق الأوسط وكوريا الشمالية، والفشل في مواجهة التحدي الصيني.

كان القادة الأميركيون نهبوا النظام الدولي، المرة تلو الأخرى، لغايات قوية. وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، فساكس يرى أن ترمب يسير في طريق شقته له أجيال من القادة السابقين.

يخلص ساكس إلى أن المطلوب نظرة أُممية جديدة ترفض عقلية اللعبة الصفرية، ولا تدّعي أن الولايات المتحدة دولة معصومة عن الخطأ. تكتب "نيويورك تايمز" قائلة إن ساكس يقرب من المغالاة في إدانة ماضي أميركا وحاضرها، لكنه يسلط الضوء على مخاطر الاستمرار على الطريق نفسه.

لا تهافت أميركيًا
"نيويورك تايمز" تراجع كتابًا آخر عن الولايات المتحدة، يقول مؤلفه العالم السياسي مايكل بيكلي إن أيام الهيمنة الأميركية ما زالت بعيدة عن أن تكون معدودة، كما تذهب أصوات كثيرة تحذر من تراجع أميركا الوشيك.

لا يحتفي بيكلي في كتابه Unrivaled "بلا منازع" (الواقع في 231 صفحة، منشورات جامعة كورنيل، 30 دولارًا) بهيمنة أميركا ولا يذمّها، لكنه يقول إنها حقيقة إحصائية، ويسوق حشدًا من الأدلة لإثبات وجهة نظره، متوقعًا أن تستمر هذه الهيمنة عقودًا مقبلة.

يسعى بيكلي إلى البرهنة بالأرقام والمعطيات على أن ما من بلد مؤهل لإنهاء تفوق أميركا اقتصاديًا أو عسكريًا أو تكنولوجيًا في المستقبل المنظور. ويرفض الرأي القائل إن الصين مرشحة للتفوق على أميركا: "الصين كبيرة، لكنها لا تعمل بكفاءة، وعلى النقيض من ذلك، فإن أميركا كبيرة، وتعمل بكفاءة".

كما يطعن بيكلي في الرأي القائل إن الصين تشكل تهديدًا عسكريًا، ويقول إنها مطوقة بجيران أقوياء، وتواجه الولايات المتحدة التي أمضت عقودًا في بناء قوتها العسكرية وإنشاء قواعد متقدمة وإنتاج أسلحة متطورة.

بنظر بيكلي، ليست أي قوة صاعدة أكبر خطر يهدد هيمنة أميركا، بل انحطاط ينخرها من الداخل، متجاهلًا تراجع قوة أميركا الناعمة في الخارج خلال السنوات الأخيرة.  
 
انحراف تاريخي كبير
الكتاب الثالث الذي تراجعه صحيفة "نيويورك تايمز" يتناول هو الآخر دور الولايات المتحدة في النظام العالمي القائم. يقول روبرت كاغان في كتابه "عودة الغابة إلى النمو، أميركا وعالمنا المهدَّد" The Jungle Grows Back, America and Our Imperiled World  (المؤلف من 179 صفحة، منشورات نوف، 23 دولارًا) إن استمرار النظام الليبرالي ليس مضمونًا. 

ويذهب كاغان إلى أن ظهور هذا النظام بعد عام 1945 كان "انحرافًا تاريخيًا كبيرًا" شهد انهيار مراكز القوى القديمة في أوروبا وآسيا وصعود الولايات المتحدة الرأسمالية الليبرالية المشتبكة في صراع مع الاتحاد السوفياتي المسلح نوويًا. وكانت النتيجة، بحسب كاغان، قطيعة حادة مع ماضٍ سمّته دورات لا تنتهي من قوى تصعد وتحترب وتسقط، وتقدم مذهل خلال العقود السبعة الماضية.

لكن هذا النظام مهدد الآن. وفي حين أن كاغان لا يلقي باللائمة على الولايات المتحدة وحدها، فإنه يرى أنها مسؤولة عن ترك النظام العالمي يتفكك، وأن ترمب يعمل على تسريع هذا التفكك، رغم أنه ليس المسؤول عن صعود النزعة القومية المعادية للديمقراطية في أوروبا أو عودة الصراعات في آسيا. يعتقد كاغان أن الطريقة الوحيدة لوقف نمو الغابة من جديد ورد هذه الاتجاهات الخطيرة على أعقابها هي التزام الولايات المتحدة بأخذ زمام القيادة.
  
يخلص كاغان إلى أن على الأميركيين أن يعالجوا تفكك النظام الليبرالي في بلدهم، وليس أمامهم من طريق آخر سوى العودة إلى إعلان الاستقلال. ورغم أن الكثير من الأميركيين يريدون الانكفاء إلى الداخل، فهذا الطريق سيعرّض الولايات المتحدة للخطر، برأي كاغان.
 
هذا التقرير عن "نيويورك تايمز". 

25 Nov, 2018 09:10:07 AM
0

لمشاركة الخبر