Skip to main content
«رأس مستعمل للبيع».. القصة القصيرة حين تصبح نافذة لسحر التخييل وترميز الواقع

فى مجموعتها القصصية «رأس مستعمل للبيع» الصادرة عن دار الهالة والحاصلة على المركز الثانى فى مسابقة ساويرس الثقافية فى القصة القصيرة، تقدم المبدعة شيرين فتحى أفقا جديدا للسرد يلهث فيه الخيال ليجمع خيوط الحكاية، تستعيد فكرة الجسد كرمز وربما طوطم وسلعة وكيان قابل للقضم، تنطلق منه إلى آفاق أخرى أكثر رحابة تتعلق بماهية الإنسان وحضوره، سحر الخيال لدى الكاتبة جعل من قصصها ما يشبه الأيقونات أو الأمثولات الكبرى، ففى القصة الأولى فى المجموعة بعنوان «قابلة للقضم» تتحدث عن رجال يتغذون على قضم أجساد النساء، أصبحوا يدمنون هذا الأمر ويتعاملون معه بشكل طبيعى، النساء اللائى يتعرضن للقضم أيضا بدأن يستسغن الأمر بحكم الاعتياد عليه، وهو أمر فى غاية القسوة والعنف الرمزى الذى يتحول إلى عنف بدنى مباشر من خلال فكرة القضم. ويبدو أن هذا الأمر يتواصل بشكل ما أو هو موجود فى حياتنا بطريقة أو بأخرى.

 

فى القصة الثانية تقدم نموذجا أسطوريا للأم التى يموت جميع أبنائها ولا يبقى سوى اثنين فقط، تلك الأم التى تضع النطف الميتة لأبنائها فى برطمانات بألوان مختلفة، بعد أن عجزت عن الإنجاب بعد فتى يدعى جميل وأخته الراوية للقصة، يبدو أن الطبيب احتفظ لها بكل الأجنة التى لم تلتصق برحمها. وبدأت الطفلة تطلق عليها أسماء بلون البرطمان الشقيقة الوردية. الأخ البنفسجى. وكانت الأم بعد وفاتها تأتى لابنتها فى المنام وتأخذ معها برطمانا أو اثنين وتحكى عن أحوالها وتسأل عن أحوال ابنيها ثم تخرج من البرطمانين.

 

 

القصة تحمل العديد من الرموز بالإضافة إلى أسطورة الحكاية نفسها، وكأن هذه الأجنة هى البطل الخفى الذى يصعد من خلفية المشهد ليترك بصمته المميزة على جسم الحكاية.

 

 

وفى قصة أخرى تتعامل الكاتبة مع المدينة بطريقة مأساوية باعتبارها المكان الأخير الذى يزوره المرء إما لوداع قريب يحتضر وإما لإنهاء ورقة رسمية تتطلب جهدا ومعاناة ومكابدة. وفى النهاية تقف صورة المدينة التقليدية باعتبارها وحشا يلتهم أرواح البشر أو مقبرة جماعية كبيرة تفتح فمها لتلتهم روح من يدخلها.

 

 

وفى القصة نفسها التى لا تقل فانتازية عن باقى قصص المجموعة وإن كانت تحمل بعض روح الدعابة الكامنة فى قلب المأساة. بعنوان موظفون للعالم الآخر، وهى الجملة التى تتواجد كثيرا على جدران المدينة. وتتحول تدريجيا إلى هوس لدى البطل الذى يردد الجملة بعد أن انهالت عليه من كل مكان. وحين يفقد وظيفته يذهب للبحث عن هذه الوظيفة فى العالم الآخر وبمجرد اتخاذ الخطوة الأولى ينسحب فى أنبوب ضخم مفرغ من الهواء وتبدأ مغامرة لها أبعاد عدة. ربما هى حلم أو خيال أو رؤى ميتافيزيقية، وربما هى رمز لحقيقة واقعة يعيشها الكثيرون بوعى أو دون وعى. والاحتمال الثانى هو الأرجح لتشابه المشاهد وصنوف البشر والمعاناة فى العالم الآخر مع ما يحدث فى الواقع.

 

 

أما القصة التى تحمل المجموعة عنوانها «رأس مستعمل للبيع» فهى تحكى قصة امرأة تعشق الموسيقى وتحب سماعها والتفاعل معها وكانت تفعل ذلك فى السيارة وحين ضاقت عليها الأمور وتقلصت مساحة الشباك المفتوحة التى كانت تعطيها إحساسا وهميا بالحرية والنشوة والطيران، بدأت وهى تسير فى الشارع تسمع الموسيقى تتردد فى رأسها فتتفاعل معها وينضم لإليها كثيرون. وحين يصل الخبر لإلى زوجها يختلفان ولكى يصالحها يقرر بيع رأسها التى تنبت فيها الموسيقى. وبعد بيعها تبدأ البحث عن رأس آخر. لكن زوجها يعتاد عليها وهى بلا رأس.

 

 

المصدر:المصري اليوم

14 Sep, 2020 12:53:35 PM
0

لمشاركة الخبر