Skip to main content

الحاسة السادسة

الحواس

عندما نتحدّث عن الحاسّة السّادسة فهذا بديهيّاً يعني أنّ هناك خمس حواسٍ أخرى بخلافها، وهذه الحواسّ الخمس هي: حاسّة الشمّ، وحاسّة اللّمس، وحاسة التّذوّق، وحاسّة السّمع، وحاسّة البصر،[١] وقد منح الله عزّوجلّ الحواسّ الخمس لجميع الكائنات الحية؛ لتستعين بها في حياتها، وتساعدها على إدراك الأشياء من حولها، والشّعور بها، وميّز بعض الكائنات عن غيرها بقوّة حاسّةٍ من هذه الحواس يُعرَف ويُصنّف بها، فالكلب مثلاً يتميّز بحاسّة الشّم، والصقر يُعرَف بحدّة بصره، وكذلك البشر ميّزهم عن بعضهم البعض بقوة الحواس، فهناك من لديه القدرة على الشّمّ من مسافاتٍ بعيدةٍ، وهناك من يسمع ويميز الأصوات من مسافاتٍ شاسعةٍ أمّا الحاسّة السّادسة فيجهلها الكثيرون ولا يعرفون عنها شيئاً، ففي هذا المقال سيتم التطرُّق إليها، وشرح ماهيتها، ووجهات النظر فيها.

 

مفهوم الحاسة السادسة

الحاسّة السّادسة هي توقُّع الأشياء قبل حدوثها والشعور بها، وقد أشار الباحثون إلى أنّ الشّعور بما سيحدث أو توقّع أمرٍ خارج إطار الحواس الطبيعية لا يُعتبر أمراً خارقاً للعادة، لكنّه من الممكن أن يحدث نتيجة تخزين الدماغ لشتّى المعلومات في ما يتعلّق بموضوعٍ ما، وبالتالي من الممكن الاستعاضة عن مفهوم الحاسة السّادسة بمفهوم الفراسة، فالفراسة تعني: الظّن الصّحيح الناتج عن تدقيق وتمحيص النّظر في ظاهر الأمر لإدراك باطنه، وتقسم إلى ثلاثة أنواع، وهي:

  • فراسةٌ إيمانيّةٌ: يستطيع الفرد التمييز بين الصدق والكذب والحق والباطل، وهي نورٌ وبصيرةٌ يُلقيها الله في قلب المؤمن، وهي أصدق أنواع الفراسة، قال أبو الفوارس الكرماني: "من غضَّ بصره عن المحارم وأمسك نفسه عن الشهوات، وعمَّر باطنه بدوام المراقبة وظاهره باتباع السنة، وعوَّد نفسه أكل الحلال لم تخطئ له فراسة".
  • فراسة رياضية: أو ما يُطلق عليها بفراسة الجوع والسهر، فيجب أن يتخلص الفرد من مكدّرات النفس وأيّ شيء يعيق تفكيره، وهذه الفراسة موجودة لدى جميع الناس سواء المؤمنين والكافرين تُكتسب اكتساباً، لا تكشف عن منفعةٍ ولا تدلّ على صوابٍ، توجد لدى الجُهّال والرّهبان ومفسّري الأحلام.
  • الفراسة الخَلقيّة: وهي فراسة الأطباء، بها يستدلّون على أخلاق الخلق، فمن كانت خلقته سويّةً معتدلةً، اعتدلت أخلاقه وتصرّفاته.

 

صفات الحاسّة السّادسة

  • إدراك ما لا يدركه الآخرون.
  • رؤية ما لا يراه الآخرون.
  • الإحساس بالأمر قبل وقوعه.

 

العوامل المؤثّرة على الحاسة السادسة

تؤثّر الكثير من العوامل في تنمية الحاسة السادسة لدى الفرد، ومنها:

  • هدوء الأعصاب.
  • صفاء الذهن.
  • اعتدال المزاج، فكلّما كانت الحالة النفسيّة للفرد جيّدة تَنشط الحاسّة السّادسة، والعكس عندما يكون مزاجه سيّء تَضعُف الحاسة السّادسة لديه.


ومن الجدير بالذّكر أنّ الحاسّة السّادسة لا تعتمد على الذّكاء؛ إذ إنّ الذّكاء يدخل في التفكير التحليلي المنطقي الذي يُعتقد بأنّ البُلَهاء والبدائيين القدماء لا يستخدمونه، وإنّما لديهم قدرات خارقة أقوى من غيرهم كما يعتقد العلماء.

 

الحاسة السّادسة حقيقة أم وهم

لقد حيّرت الحاسّة السّادسة العلماء والباحثين في مجالها؛ حيث اختلفوا في حقيقة وجودها فعلياً لدى الإنسان، أهي حقيقيّة أم أنّها ضربٌ من الخيال والوهم، فبعضهم عمد إلى كونها أحاسيس وهميّة لا تُغني ولا تُسمن من جوعٍ، وآخرون رجّحوا احتماليّة وجودها لدى الإنسان لكنّه لا يكاد يشعر بها ولا يستخدمها إلا في حالة شعوره بالخوف والخطر، ويُطلق العلماء مسمى الحاسة السادسة على شعورالفرد بالخوف والقلق، والحب والكره، والفرح والحزن، وفيما يلي آراء بعض العلماء في الحاسة السادسة:

  • يرى الدكتور محمد السقّا مُدرّس علم الاجتماع في جامعات مصر أنّ الحاسّة السّادسة ليست سوى منحةٌ ربّانيّةٌ يهبها الله عز وجلّ لمن يشاء من عباده، فبعض النّاس يمتلكون شفافيّةً غريبةً يعرفون من خلالها أموراً مخفيّةً، وهذا ما تحدّث عنه علم التلباثي؛ وهو شعور الفرد بما يحدث لشخصٍ يحبه أو يقربه ويبادله نفس المشاعر والأحاسيس بغض النظر عن بُعد المسافة بينهما، وهذه مكرمةٌ من الله لعباده، فتُلاقي الأرواح أمراً قدّره الله تعالى للنّاس، بعيدٌ كلّ البعد عن أمور الغيب والتكهّن؛ فهي تُبصر أشياء وتتوقّع مواقف بعيدة عن محيط الغيبيّات يشعر بها من يمتلكها ويُعرَف بحدسِه القوي.
  • يفسّر الدكتور وائل أبو الحسن أستاذ العلوم الصحيّة أنّ الحاسّة السّادسة تكون بتفاعل الإنسان مع الآخرين عن طريق حواسه الخمس الطبيعيّة، فيكتسب ويتعلّم، ويحصل على مخزونٍ كبيرٍ من المعلومات والخبرات التي تمكّنه من تفعيل وتقوية حدسه، وبالتالي يمتلك ما يُسمّى بالحاسّة السّادسة، وينكر بأنّ هناك ثمّة فرقٍ بين حدس الرّجال والنّساء، ولكنّ الفرق في المواقف والمعلومات التي يختزنها الفرد.
  • أما الدكتور عاطف سمير المختصٌّ في الأمراض النّفسيّة والعصبيّة، فينوّه إلى فهم النّاس الخاطئ للحاسّة السّادسة ومقدرة الفرد على الاستنتاج من خلال خبرته ومعلوماته المكتسبة من تجارب الحياة المختلفة، فالحدس إلهامٌ وهبةٌ من الله جلّ وعلا، وينكر أيضاً اختلاف حاسّة المرأة عن حاسّة الرجل، ويعزو ذلك إلى عاطفيّة المرأة التي تتميّز بها وتنفرد عن الرجل الذي يعتمد على الواقع والمنطق، ولا يوجد اختلافٍ بينهما في الإلهام والحدس الإلهي، بل هو رزقٌ من الله يختصّ به من يشاء.
  • أمّا عن الدكتور عبدالله مختار فينكر وجود الحاسّة السّادسة ويستعيض عنها بالحدس الذي عرّفه على أنّه الجزء الذي يوجد فيه جلاء السمع والبصر، وقد عرّف كلٍ منهما على حدة؛ فالجلاء السّمعيّ هو سماع أصواتٍ لا يمكن للناس سماعها بسمعهم الطبيعيّ، أما الجلاء البصريّ فعرّفه على أنّه رؤية ما لا يراه الغير سواء الأشياء القريبة أو البعيدة، وهو هبةٌ من الله تعالى يلقيها على قلب العبد، فيجلي الغشاء عن القلب ويرى بنور الله.

 

 

15 Jul, 2021 05:00:20 PM
0

لمشاركة الخبر