Skip to main content
معرض دمشق للكتاب العربي تختصره "جائزة ترضية" محلية

ألغى القائمون على "معرض دمشق الدولي للكتاب"، الدورة الثانية والثلاثين منه، فبعد إقامة الدورة الأخيرة من هذا المعرض عام 2019 بمشاركة 247 دار عربية وسورية، قررت وزارة الثقافة تقديم ما يشبه "جائزة ترضية" للقراء ودور النشر المحلية، أطلقت عليها "معرض الكتاب السوري"، والذي اقتصر هذا العام على مشاركة دور نشر محلية بلغ عددها 48 داراً وهيئة حكومية وجامعية قدمت قرابة خمسة آلاف عنوان، وكان أبرز الدور المشاركة: التكوين، ونينوى، واتحاد الكتاب العرب، والحافظ، الحوار، وجامعة دمشق، فيما قاطعت هذه الدورة دور نشر سورية أخرى أبرزها: كنعان، وأطلس، وورد، وممدوح عدوان.

وتأتي هذه الدورة بالتعاون مع اتحاد الناشرين السوريين بعد تأخر توجيه دعوات لدور النشر العربية والدولية لتسجيل مشاركاتهم في "معرض دمشق الدولي للكتاب"، الذي انطلقت أولى دوراته عام 1985، ليحتجب في الحرب لأكثر من مرة ولسنوات عديدة كان أطولها بين عامي 2011 و2016. فبعد أن وصلت نسبة المشاركة في "عُرس الكتاب السوري" إلى ما يزيد على 400 دار نشر عربية ودولية ومحلية ما قبل الحرب، انخفضت هذه النسبة بعد اندلاع الأحداث الدامية في 2011 إلى ما دون النصف، لتتراجع وتتحول هذا العالم إلى دورة محلية صرفة. ويأتي هذا الانكفاء في ظل غياب أي دعم يذكر لحركة النشر والناشرين السوريين الذين يعانون ارتفاعاً في أسعار الطباعة، وفقداناً لمادتي الورق والأحبار وارتفاع أثمانهما، وصعوبة استيرادهما من الخارج في ظل العقوبات الدولية المفروضة على البلاد.

400 متر

thumbnail_248912169_6327643517277912_2885388667908309793_n.jpg

مشهد من معرض الكتاب السوري الذي حل محل معرض دمشق (اندنبدنت عربية)

ويقام "معرض الكتاب السوري" في البهو الداخلي من المكتبة الوطنية، وفي مساحة لا تزيد على 400 متر مربع، فبعد التأخر الحاصل في موعد إطلاق هذه الفعالية، تم نقلها إلى الصالات الداخلية المغلقة، وذلك جراء صعوبة إقامتها في حديقة المكتبة وفنائها الخارجي مع قدوم فصل الخريف، مما يزيد من خطورة تفشي فيروس كورونا بين الزوار، ويسهم في إلغاء التباعد الاجتماعي، واتخاذ التدابير الوقائية من انتشار العدوى بشكل أكبر مما لو أقيم في الهواء الطلق.

مفارقة يزيدها تصريح إياد مرشد مدير المعرض في ظل عدم تطبيق أي نوع من الحظر الصحي على أي من الفعاليات الأنشطة الثقافية أو الرياضية أو الاجتماعية في البلاد، فلماذا تقتصر على "عرس الكتاب"؟، نسأل، ويجيب: "مع بداية العام كان التحضير جارياً لإقامة الدورة 32 من معرض دمشق الدولي للكتاب، لكن وباء كورونا والحجر الصحي، وصعوبة وصول الكتب من خارج سوريا، حالت دون تنظيمه بالشكل المطلوب، ما دفعنا للتفكير بإقامة معرض للكتاب السوري، لدعم صناعة النشر في بلدنا، وتلبية جزء من طموح الجمهور". وأضاف مرشد، "لا نستبعد أن يتحول معرض الكتاب السوري إلى دورة سنوية إذا استمرت جائحة (كوفيد-19) على ما هي عليه".

thumbnail_248665829_6327645093944421_7333311448454223447_n.jpg

تصفح كتب والبيع ضئيل بسبب الغلاء (اندنبدنت عربية)

وتأتي تأجيل دورة هذا العام من معرض دمشق في الوقت الذي أقيم فيه عديد من معارض الكتب العربية من مثل الرياض وبغداد والقاهرة وعمان، وبمشاركة دور نشر سورية لم تجد مشكلة في شحن كتبها من سورية إلى خارج البلاد، ومع التقيد ببرتوكولات الوقاية والإجراءات الاحترازية من فيروس كورونا، الأمر الذي يطرح العديد من علامات الاستفهام على غياب المعرض الدمشقي، وحتى التأخير الحاصل في إقامة بديله المحلي، مع عدم وجود أي تسهيلات تذكر لأصحاب دور النشر المشاركة، والذين تحملوا أجرة حجز الأجنحة الخاصة بهم، ناهيك ب تكلفة شحن كتبهم من مستودعاتهم الخاصة إلى مقر إقامة المعرض، مع إلزامهم بتقديم حسومات على أسعار الكتب بنحو 25 إلى 50 في المئة على أسعار المبيع للقراء.

ندوة حول الرواية

ويواكب معرض الكتاب السوري العديد من الندوات الفكرية لعل أبرزها ندوة عن الرواية العربية، والتي أتت تحت عنوان "الرواية، تاريخ من لا تاريخ له"، حيث كان الإقبال الجماهيري عليها باهتاً، وشارك فيها الروائي خليل صويلح، والناقد نذير جعفر، والأديب حسام الدين خضور، والأكاديميون ماجدة حمود وفاروق سليم، بينما أعلنت العديد من دور النشر عن حفلات لتواقيع الكتب في أجنحتها الخاصة لشعراء وكتاب ومفكرين، في الوقت الذي تقام على هامش المعرض حفلات غنائية لفرق تراثية وموسيقية، وعروض أفلام سينمائية من إنتاج المؤسسة العامة للسينما.

وضم المعرض جناحاً خاصاً بتوثيق التراث السوري من مخطوطات وفهارس، وأطروحات ورسائل جامعية، وكتب نادرة، وكشافات لفهارس تعنى بالبيوغرافيا الوطنية، وكل ما من شأنه تدوين وترميم مخطوطات قديمة من العصرين الأموي والعباسي، إضافة لعشرات الرسائل والكتب النادرة التي تم ضمها من أرشيف المكتبة الظاهرية في دمشق، وتصل إلى 14 ألف كتاب ومخطوط معظمها تم ترميمه بخبرات سورية.

وتتصدر الهيئة العامة السورية للكتاب واجهة المعرض وبنسبة حسومات وصلت إلى 60 في المئة على إصدارتها بين عامي 2015 و2020، بينما تغيب نوادي القراءة عن المعرض، ومنصات الكتب الرقمية، مع حضور متواضع لدور النشر التي تعتني بكتب الأطفال، باستثناء دور النشر ذات الصبغة الإسلامية، وفي مقدمتها دار "طيور الجنة" ودار "الحافظ" وسواها.

 

ويأتي معرض الكتاب السوري الذي حمل شعار "كتابنا غدنا" في ظل ظروف صعبة تعيشها البلاد، مما يحد من القوة الشرائية للقراء، إذ يصل سعر ستة كتب إلى ما يعادل راتب موظف حكومي (80 ألف ليرة سورية) أي ما يعادل تقريباً (30 دولاراً)، الأمر الذي جعل معظم أصحاب دور النشر يركزون على قراء المعارض العربية والدولية، فلا يخضعون أسعار كتبهم للسوق المحلية، وهذا ما ساعد على انتشار قراصنة الكتب في سورية، وتقديم طبعات شعبية من كتب باهظة الثمن يمكن ملاحظتها اليوم في بسطات الكتب على الأرصفة وأسوار الجامعات، إذ تساهم هذه الظاهرة في نسف جهود عشرات المحررين والمدققين اللغويين والفنيين الذين يعملون في صناعة الكتاب، ناهيك بحقوق العديد من المؤلفين والمترجمين على حد سواء.

 

 

 

المصدر: أندبندنت عربية 

03 Nov, 2021 02:00:01 PM
0

لمشاركة الخبر