Skip to main content

شركة ناشئة تطلق برنامجا لقراءة تعبيرات الوجه … وماذا بعد؟

إنَّ تكنولوجيا قراءة المشاعر من تعبيرات الوجه يمكن أن تساعد الشركات على بيع منتجات الحلوى، ولكنَّ مبتكري التكنولوجيا يأملون أيضًا اقتحام مجالات أكثر تعقيدًا.

في العام الماضي، جلس ما يزيد عن ١٠٠٠ شخص من أربعة بلدان ليشاهدوا ١١٥ إعلانًا تليفزيونيًّا — على غرار الإعلان التليفزيوني الذي يجسِّد حلوى إم آند إم في هيئة أشخاص يتراقصون في أحد البارات — بينما كانت كاميرات الويب ترصد تعبيرات وجوه المشاهدين، وقامت ببثِّها على أحد الخوادم المتواجدة في مدينة ولثام بولاية ماساتشوستس.

رسوم: كريستيان هامرستاد.

رسوم: كريستيان هامرستاد.

وهناك — في مدينة ولثام — نفذت خوارزمية طوَّرَتْها شركة ناشئة، تُدعَى أفِّكتيفا، ما يُعرَف باسم ترميز تعبيرات الوجه؛ وهو نظام يعمل على تتبُّع حركة وجوه المشاركين مِن حواجب مرفوعة وحواجب عابسة، وابتسامات مستهزئة وأخرى ساخرة، وعبوس وابتسامات طبيعية. وفي وقت لاحق، عندما أُدمِجت البيانات الخاصة بتعبيرات الوجه مع البيانات الحقيقية لمبيعات هذه الشركة، تبيَّنَ أنه يُمكن للمقاييس المستنبَطَة من تعبيرات الوجه التنبُّؤ باتجاه مبيعات المنتجات المعلَن عنها بنسبة دقة بلغتْ ٧٥ بالمائة، فيما يتعلق بارتفاعها أو تراجعها أو بقائها ثابتةً بعد بثِّ الإعلانات التجارية على الهواء. وعلى سبيل المقارنة، تتنبأ الدراسات الاستقصائية لمشاعر المشاركين تجاه الإعلانات بمبيعات المنتجات بنسبة دقة تبلغ ٧٠ بالمائة.

وعلى الرغم من أن هذا الابتكار كان تحسُّنًا إضافيًّا من الناحية الإحصائية، فإنه كان علامة فارقة في مجال الحوسبة الوجدانية؛ فبينما يُعرَف عن الناس معاناتُهم من صعوبة التعبير عن مشاعرهم، اتضح في الوقت الحالي أن الآلات لا يمكن استخدامُها في قراءة بعضٍ من مشاعرهم فحسب، بل يمكنها أيضًا التقدُّم بخطوة أخرى لتوقُّع الاحتمالات الإحصائية لسلوكياتهم اللاحقة.

وبالنظر إلى سوق الإعلانات التليفزيونية التي يتجاوز حجمها في الولايات المتحدة وحدها ٧٠ مليار دولار أمريكي، فإن استقاء أفكار ثاقبة من نظام ترميز تعبيرات الوجه يُعَدُّ «أمرًا مُهمًّا لقطاع رجال الأعمال»، وفقًا لما ذكرَتْه روزاليند بيكارد، رئيسة فريق الحوسبة الوجدانية بمختبر ميديا لاب التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وأحد المساهمين في تأسيس شركة أفِّكتيفا. ورغم أنها تركت الشركة في وقت مبكر من هذا العام، فإنها احتفظتْ بمكانتها كمستثمر فيها.

مع ذلك، فإن نظام ترميز تعبيرات الوجه لم يحقِّق بعدُ الرؤى الأوسعَ نطاقًا والأكثرَ إيثارًا في تصوُّر مبتكريه. فمساعدة المُعلِنين في تسويق المزيد من منتجاتهم يُعَدُّ أمرًا عظيمًا، ولكن متى سيساعد النظامُ الأشخاصَ المصابين بمرض التوحُّد في معرفة الدلائل الاجتماعية، أو تعزيز قُدْرة المُعلِّمين على تحديد الطلاب الذين يواجهون صعوبات، أو جعل أجهزة الكمبيوتر قادرةً على قراءة مشاعر مستخدميها؟

إن الإجابة عن هذه الأسئلة قد تتضح الآن بعدما أطلقتْ شركة أفِّكتيفا حزمةَ أدوات تطوير برمجيات تسمح بأن تُستخدَم منصتها البرمجية في تطبيقات معتمدة. وتقول رنا القليوبي، الرئيس التنفيذي للعلوم والتي شاركتْ أيضًا في تأسيس الشركة: إن الأمل الآن يتجه نحو انتشار هذه التكنولوجيا إلى مجالات أخرى غير التسويق.

تشمل التطبيقاتُ التي برزتْ في تصورات الشركةِ المساعَدةَ التعليميةَ المتمثلةَ في إبلاغ المدرسين حالَ طُلَّابهم عندما تختلط عليهم الأمور، ومساعَدةَ الأطفال المصابين بالتوحُّد في قراءة مشاعر الآخَرين. ولقد خرجتِ الفكرة التي كانت وراء تأسيس شركة أفِّكتيفا — التي أُنشِئتْ منذ أربع سنوات، ويعمل لديها في الوقت الحالي ٣٥ موظفًا، بتمويل رأسمال مخاطر يبلغ ٢٠ مليون دولار — إلى النور من مختبر بيكارد الذي أَعلَن في بيان رسمي له أنه يمكن لأجهزة الكمبيوتر أن تُقدِّم خدماتٍ للمجتمع إذا ما تمكَّنَتْ من التعرُّف على مشاعر البشر والتفاعل معها.

إن أكبر ما كانت تأمله شركة أفِّكتيفا هو إطلاق برنامج لترميز تعبيرات الوجه يُعرَف باسم أفدِكس، وهو الآن يُستخدَم بصفة أساسية من جانب شركات أبحاث السوق. وبعد أن قضَتْ شركة أفِّكتيفا ثلاثَ سنوات في عَقْد اجتماعات بحثية بالاعتماد على كاميرا الويب في جميع أنحاء العالم، كوَّنَتْ قاعدةَ بياناتٍ تتألف مما يزيد عن مليار ردِّ فعل يَظهَر في تعبيرات الوجه. مِن ثَمَّ، يمكن أن يُمهِّد هذا النظام الطريق لتطبيقات تَقرأ تعبيرات وجوه المستخدمين من خلال استخدام أجهزة الكمبيوتر المنزلية العادية والأجهزة المحمولة. ويقول تادَس بولتروشايتيس، طالب الدكتوراه في جامعة كامبريدج، والذي كتب العديد من الأبحاث حول ترميز تعبيرات الوجه: «تتعامل شركة أفِّكتيفا مع مشكلة عسيرة للغاية؛ وهي تحليل تعبيرات الوجه في بيئات صعبة ليس مفروضًا عليها أي قيود، وهي المشكلة التي تجنَّبَها أغلب أعضاء المجتمع الأكاديمي.»

ربما يكون التعليمُ أحدَ المجالات المناسِبة للاستفادة من هذه التكنولوجيا. وقد بيَّن قدْرٌ هائلٌ من الدراسات إمكانيةَ ذلك؛ فأظهرت دراسة أجراها باحثون من جامعة كاليفورنيا بسان دييجو — والذين أنشئوا شركة ناشئة منافسة أُطلِق عليها إيموشنت — قدرةَ تعبيرات الوجه على التنبُّؤ بمدى الصعوبة الملحوظة لمحاضرة فيديو، وسرعة العرض الملائمة التي يفضِّلها الطلاب. كما أشارت دراسة أخرى إلى دَوْر نظام الترميز في قياس مدى اندماج الطلاب ومشاركتهم في جلسة تعليمية معتمدة على أجهزة الآي باد اللوحية.

يقول وينزلو بِرلسن، الأستاذ المساعد بجامعة أريزونا الحكومية ومؤلِّف بحثٍ يصف الاستخدامات المحتملة لنظام ترميز تعبيرات الوجه: إن هذه التكنولوجيا قد تساعد أيضًا الطلابَ الذين يعانون صعوبات في التعلُّم، إلى جانب مساعدة الإكلينيكيين في تحديد ما إذا كان المرضى يفهمون التعليمات.

وعلى كلٍّ؛ فمن المفترض أن تكشف السنواتُ القادمة الكثيرَ عمَّا إذا كان لنظام ترميز تعبيرات الوجه فوائد في مجالات أخرى غير الإعلانات التليفزيونية. وحاليًّا، يخوض برنامج أفدِكس منافَسةً مع شركات أخرى ناشئة، حتى إن بعض العاملين في مجال التسويق لا تزال الشكوك تساورهم حول كفاءة نظام ترميز تعبيرات الوجه مقارَنةً بالطرق التقليدية لاختبار فاعلية الإعلانات. وبحسب ما تذكر إيليا فيدراشكو، رئيس مجموعة أبحاث المستهلك الذكية في وكالة هيل هوليداي الإعلانية في بوسطن؛ فإن جميع ردود الأفعال لا تَظهَر على الوجه، كما أشارتْ إلى أن العديد من أدوات القياس الأخرى تدَّعِي قدرتَها على قراءة مشاعر الأشخاص.

مع ذلك، لا تزال رنا القليوبي تعتقد أن التكنولوجيا مستعدة لاقتحام مجالات أكثر تعقيدًا، وعبَّرَتْ قائلةً: «أملُنا أن نجعل تكنولوجيا الترميز رائجةً في كل مكان.»

22 Dec, 2015 02:21:23 PM
0

لمشاركة الخبر