إضاءات في أصول التربية
أن العالم اليوم بأسره يشكو من المشكلات والمصاعب، ويتأوه من الصعوبات والمآزق، ويجِدُّ الباحثون للبحث عن حلول ومقترحات، ويفتش المصلحون للحصول على أدوية وعلاجات، ليعيش الإنسان في راحة وأمان، ولمَّ يهتدوا لسبيل بعد، وإنه لمن حسن العمل أن يدرك المصلحون أصل المشكلة، ويعرفوا أُسَّ القضية، ألا وهي الإنسان. فعلاج أي مشكلة منبعها الإنسان، ذلك أنه هو محور الكون، والإنسان في الحقيقة ليس هو الجسد، فكل الكائنات الحية تمتلك هذه الصفة، بل الإنسان هو التربية التي يحملها، والقيم التي يعتقدها، والسلوك الذي يقوم به.
فأهم مشكلة تواجه الأمة اليوم، هي الإنسان وبناؤه؛ بناءً متصلاً بتراثه وثقافته، متفاعلاً مع عصره، وملتـزماً بقضايا مجتمعه وأمته وإذا أُهمل الإنسان ونشأ بلا تربية انفصل عن جذوره، فضاع وأضاع مَن حوله.
وإن التقدم والرقي لا يتحقق بالسياسة ولا بالمال فحسب، بل يتحقق بالأساس، بإعداد الجيل الذي يُسهم في إيجاد بنية ذاتية متطورة تعزز التقدم المنشود، وتكرس الرقي المطلوب ولقد وضع هذا الكتاب (إضاءات في أصول التربية) ليكون مرجعاً علمياً حديثاً للطلاب والباحثين والمربين. يتضمن الكتاب خمسه فصول تغطي مختلف جوانب علم أصول التربية في مجال التربية وعلومها، وقد روعي في تأليفه الأصالة المنهجية والدقة العلمية والموضوعية.