نغمة الهلاك في سجن الحياة
" في ليلةٍ باردةٍ هبَّت عاصفةٌ هوجاءُ ألقتِ الرُّعبَ في قلبي، فاختبأتُ في سريري وهلةً، ثم تسللتُ خارجةً منه، وأزلتُ الستارَ عن النافذة، أزلتُه ليزيلَ معه الغشاءَ الذي يحجبني عن السماءِ وعن المنظرِ الرَّائعِ الخلَّاب، رأيتُ قطراتِ ماءٍ تسقطُ من مكانها المعتاد في الغيوم؛ لتسقيَ الأرض، قطراتٌ صغيرةٌ لا أكاد أراها تملأ الحياة أملاً وسعادة، سافرت حينها في عالم الخيال، واسترسلت في الأحلام، تخيلت تلك القطرات وهي تسقط على وجهي ثم تختفي فجأة، طرتُ في عالم ساحر جميل، أحسستُ أن كل قطرة تحمل شيئاً، كنزاً ثميناً داخلها، قطرة تحمل حباً، وأخرى حناناً، وغيرها عطفاً؛ لتشكِّلَ معاً حياةً مِلْؤُها السعادة والوفاء، ولكنني استيقظت لأجد قطرات المطر قد ملأت نافذة غرفتي الصغيرة تطقطق على الزجاج، كأنها تناديني، تريد أن تمنحني كنزاً من كنوزها، وَمْضَةً من لمعانها، عَلَّه ينير دروب الحياة المعتمة، اقتربت من الزجاج، فتحت النافذة ومددتُ يدي إلى الخارج أمسكتُ قطرةً وأغلقتُ يدي عليها بسرعةٍ ونهلتُ منها طاقةً أعادتِ الحياةَ إلى عروقيَ الباردةِ، رميتُ باقي القطرةِ على الأرض، أغلقتُ النافذةَ، عدتُ إلى سريريَ الدافِئ، أغمضتُ عينيَّ، ونمتُ أحلمُ بغدٍ مشرق. "