الأديبة أماني سليمان: الكتابة للأطفال أصعب وأعقد من الكتابة للكبار
صدر حديثا للدكتورة أماني سليمان داود، قصة للأطفال بعنوان: (الكتابُ المسحور)، عن مكتبة كل شيء الفلسطينية، رسَمَ مشاهدها الفنان المتخصص برسوم الأطفال رعد عبد الواحد، وهي باكورة أعمالها الأدبية الموجهة للأطفال.
«الدستور» بمناسبة صدور «الكتاب المسحور» التقت د. أماني سليمان وتساءلت حول أهداف القصة، والكتابة للأطفال في الأردن.
عن الهدف من القصة قالت: وتهدف القصة إلى تشجيع الأطفال على القراءة بأسلوب سردي بعيد عن الإملاءات التربوية والتلقين المباشر، حيث يدرك الطفل بقراءته قصة (الكتاب المسحور)، أنّ القراءة تحقق الهدوء والبهجة والسعادة، وتمكّنه من السفر بعيدا متيحة له فرصة عبور الأمكنة والأزمنة، وتجاوز الواقع إلى عوالم عجيبة متخيلة تتداخل فيها مكونات الحياة وكائناتها من بشر وشجر وحيوانات، كما تعجّ بالألوان والأضواء والحركة.
مبينة أن هذا التوجّه يأتي بإيصال قصة الأطفال بالعربية للطفل والسعي لاستعادة مكانة القراءة كنشاط وفعالية ومهارة مهمة للأطفال، بعد إصدار الكاتبة لأربع مجموعات قصصية للكبار هي على التوالي: شخوص الكاتبة، سمّه المفتاح إن شئت، جوار الماء، غيمة يتدلى منها حبل سميك، حيث نوّهت الكاتبة إلى أهمية أدب الأطفال ودوره في التنشئة السليمة للأجيال المعاصرة بعيدا عن الألعاب الإلكترونية، فضلا عن ضرورة إنتاج أدب أطفال بسمات فنية جمالية ورؤيوية جاذبة وقادرة على تخفيف انسحاب الطفل نحو عالم التكنولوجيا المغوي والذي يشكل واجهة للصراع العنيف مع الكلمة المكتوبة والمقروءة. وبيّنت أن الكتابة للطفل قد ازدادت أهميتها في الآونة الأخيرة؛ وذلك لزيادة التحديات الراهنة المحيطة بمناخات التربية والتنشئة العربية، إذ بدت منافسة الوسائل التقنية والألعاب الإلكترونية ونتاجات ثقافة الاتصال والإنترنت جلية للعيان وواضحة، وأكثرها وافد إلينا من الخارج ولا نسيطر على إنتاجه ولا على توجهاته، ومن المفترض أن يلتفت المتخصصون إلى هذا الجانب وأن يطوّروا وسائل إبداعهم للمنافسة في مجالات التواصل والاتصال المستحدثة. وتنظر أماني سليمان إلى الكتابة للأطفال بوصفها حقلاً إبداعياً حيويا وشائكاً في الوقت ذاته؛ واستسهال كثير من الكتّاب لهذه النوع من الكتابة هو أحد الإشكاليات الكبرى فيما ينتج من كتب للأطفال؛ إذ يحتاج مَن يرغب بالخوض في هذه المغامرة المقلِقة إلى وعيٍ عالٍ بأهمية الكتابة للطفل، وبفرعيات هذا الحقل وتشعّباته بين مجالات متعددة: أدبية وتربوية واجتماعية ونفسية وعاطفية ولغوية وأسلوبية.
وأكدت أن الكتابة للأطفال أصعب وأعقد من الكتابة للكبار، وقد يكون ما يتراءى للمرء من بساطة في ظاهر هذا النوع من الكتابة في كثير من الأحيان خادعا؛ فإذا امتلك الكاتب للكبار حريةً في أسلوب كتابته وتوجّهاتها ورسائلها، فإن من يكتب للأطفال محكوم بالضرورة بأشياء عديدة؛ بحاجات الطفل ونموّه الانفعالي والمرحلة العمرية المستهدفة، وبمجموعة القيم الإنسانية المرغوبة والمتَّفق عليها بين التربويين والمتخصصين، وكذلك بالحصيلة اللغوية للطفل ومراعاتها بطريقة ملائمة. والأهم من هذا وذاك هو أن يكتب بأسلوب يجمع بين المتعة والفائدة، فالطفل يميل إلى ما هو ممتع، وما هو أقرب إلى اللعب، ولا يمكن مخاطبته بالأسلوب الجادّ أو المتجهّم الذي قد يقبله الكبار دون الصغار.
وأشارت أماني سليمان داود إلى أن الكتابة للأطفال في الأردن بأنواعها المختلفة قد قطعت شوطا طيبا من مناح متعددة، وقطع كثير من كتابنا شوطا رحبا وسجلوا أسماءهم في قائمة كتاب الطفل المتميزين على الساحة المحلية والعربية، وقد برزت كثير من المؤشرات على الاهتمام بكتابة أدب الطفل في الأردن تمثلت بعدد من المؤسسات التي أولت جزءا من عنايتها بهذا الأدب فأفردت له جوائز سنوية باتت مكرسة ومهمة في سياقها العربي كمؤسسة شومان، فضلا عن بروز توجه واضح لإقامة ورشات لتعليم الكتابة الإبداعية الموجهة للأطفال وهي ورشات تجذب في العادة عددا كبيرا من المهتمين والراغبين في خوض هذا المجال.
وتمنت الكاتبة أماني سليمان داود أن يتمكن كتّاب أدب الأطفال من صناعة رؤى إبداعية حداثية متميزة قادرة على إنتاج كتاب مطوّر للطفل، قادر على المنافسة والعروج إلى مَصاف الكتابات الملائمة للأطفال، من مناح تربوية وثقافية وإبداعية، تلبي حاجاتهم الخاصة والعامة بوصفهم اللبنات الأساسية لنهوض جيل مبدع ومنتج، كما ترضي من جانب آخر تطلعات الأسرة والمجتمع إلى وجود وسائل تربوية مدروسة وراقية وآمنة.
يذكر أن أماني سليمان داود قد فازت بجائزة خليل قنديل للقصة القصيرة التي تمنحها رابطة الكتاب الأردنيين عن مجموعتها (جوار الماء)، وهي ناقدة وأكاديمية وتشغل حاليا منصب رئيسة قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة البترا، ولها قصة قيد النشر في وزارة الثقافة، فضلا عن عدد من المخطوطات لقصص الأطفال ستصدر تباعا.
المصدر: الدستور